حمدي رزق يكتب: دكتور عبدالوهاب.. لا تحزن
ما حدث فى افتتاح مركز زراعة الكبد فى جامعة المنصورة، وتغييب الأب المؤسس للمركز العلامة الدكتور «محمد عبدالوهاب» رائد زراعة الكبد، وعدم تمكينه من لقاء وزير التعليم العالى الدكتور «أيمن عاشور»، ومخاطبة الحضور الكريم بكلمة ضافية نيابة عن الفريق الطبى الذى تم تغييبه عمدًا، وكأنهم يتدارون منهم خجلا.. وهم يتفاخرون بجميل صنيعهم.. ما حدث يدخل فى باب «العيب» بالمعنى الشعبى، وفى باب «عدم اللياقة» بالمعنى الأكاديمى، وفى باب العُرف، ينقض القول الذائع «لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل»، والفضل ضاع فى هذه الاحتفالية التى انفضّت على مشاعر سلبية تمامًا عبرت عنها صفحات فيسبوكية هالها هذا التجاهل المعيب.
كان مخططًا لاحتفالية معتبرة، عيد من أعياد عاصمة الطب المصرى (المنصورة)، ولكن هناك من قرر احتكار المنجز الطبى (المركز) فى اسمه الذى حفره على لوحة سوداء خلت من اسم الدكتور عبدالوهاب، واستلب المركز فى سجله الوظيفى المؤهل لموقعه واستمراره فى منصبه.. هذا ما يعنيه، ويخدم على مصالحه الضيقة.
رغم أن أحدًا من الحضور لم يضع طوبة واحدة فى جدار المركز العالى الذى بناه على أكتافه الكبير الدكتور عبدالوهاب وفريقه العظيم، و(كاتب هذه السطور) شاهد عيان على سنوات من الكفاح الطبى مسجلة فى حلقات (برنامج نظرة/ صدى البلد) ليتبوأ هذا المركز مكانته التى يحتفلون بها ويرسمون أنفسهم من أصحاب الإنجاز، فى غيبة أصحاب الفرح الحقيقيين الذين تم تغييبهم عمدا مع سبق الإصرار.
لا أذيع سرا، المحترم الكبير الدكتور «أيمن عاشور» وزير التعليم العالى عمِدَ من فوره إلى تطييب خاطر الدكتور عبدالوهاب، وأسبغ على شخصه ما يستحق، وتلك مكرمة من الوزير الذى عايش مراحل إقامة هذا الصرح الطبى الذى رفده السيد الرئيس بنصف مليار جنيه لاستكمال البناية وتجهيزها فور تنامى إلى سيادته حاجة المركز للدعم الرئاسى على لسان الدكتور عبدالوهاب، وكانت مكرمة رئاسية.
لم يبذل أحد المتصدرين للحفل والمسجلة أسماؤهم فى لوحة الافتتاح السوداء تبرعا ولو بشق تمرة، ولا عمل ساعة على جمع التبرعات، ولا وقف من المركز موقفًا داعمًا يشار إليه بحرف مما سال على شفاههم فى حفل الافتتاح.
فقط.. ارتدوا حللهم الزاهية فى الحفل استلابًا واستحلالا لجهد فريق طبى مكون من ٣٢ جراحًا وطبيبًا ومعاونًا جميعا غيبوا عن الافتتاح فى مقر عملهم الذين يصلون فيه الليل بالنهار فى غرف العمليات، وسجلوا أرقامًا مشرفة (١١٥٠ عملية زراعة كبد من أحياء).. اليوم الوحيد الذى لم يذهبوا إلى المركز.. تخيل يوم الاحتفال!!
وتخيلوا الرقم أعلاه (١١٥٠ عملية زرع كبد) تعجز عنه كبريات المراكز العالمية، ولكن كما يقولون «زامر الحى لا يطرب» والدكتور عبدالوهاب عادة لا بيطبل ولا بيزمر، لا يحمل فى البالطو الأبيض مزمارًا، فى يده مبضع جراح، مصنف نَطاسىّ، والنَطَاسِىّ العالمُ الماهرُ، والطبيبُ الحاذِق.
ومن أسئلة الفيس البليغة: كيف تم هذا الافتتاح دون حضور الرمز الطبى والعالم الوطنى الدكتور محمد عبدالوهاب المشرف على برنامج زراعة الكبد بجامعة المنصورة، والمشرف على المركز منذ طرح فكرته ووضع حجر أساسه؟!
كيف تم تهميش فريق طبى كامل له الفضل فى هذا الصرح العظيم ولا يتم تكريمهم ولم يتحدث أحد منهم عن نشأته؟.. وكيف تم وضع اللوحة الرخامية على واجهة المبنى دون اسم العالم الجليل الذى سخّر حياته وعلمه وماله راهبًا فى محراب الطب؟!.