حمدي رزق يكتب… رسالة من النائب العام
«فرسالةُ وعقيدة عمل النيابة العامة التى ورثتها من قيم وتقاليد القضاء المصرى العريق، بوصفها جزءًا لا يتجزأ منه، هى تمثيل المجتمع والنيابة عنه باستقلاليَّة تامة مكفولة؛ دون تمييز أو تحيز أو محاباة أو مجاملة؛ تحقيقًا للعدالة الناجزة، وتوطيدًا للأمن القومى الاجتماعى المنشود، فى ظل دولة سيادة الدستور والقانون».
الفقرة الأخيرة من بيان النيابة العامة بشأن التحقيقات فى واقعة مقتل الإعلامية «شيماء جمال» محاولة لكبح جماح الافتئات المجتمعى على عمل النيابة العامة، وافتُئتَ يُفتأَت، افتئاتًا، والافتئات هو السبق إلى الشىء، إلى النتائج، والقفز عليها إدانة، ويقال افتأت بأمره وبرأيه بمعنى استبد به، ولم يستشر أصحاب الرأى فيه. عرض مرضى أصاب المجتمع، ملاحقة التحقيقات بالشائعات، والخلط والتخليط، وإصدار الأحكام الجزافية، ما يشوش صورة العدالة فى أعين الناس، وهى عدالة معصوبة الأعين بغية العدل.
متوالية بيانات النيابة العامة بشأن عدد من الجرائم التى هزت المجتمع المصرى أخيرا، جديرة بالتوقف والتبين.
توقفا أمام نهج معتبر سنته النيابة العامة فى إيراد نتائج التحقيقات والملابسات والوقائع عاجلا، على وقته كما يقولون، منعا للقيل والقال، والتكهنات، والتخمينات، والمرويات، والعنعنات، والتى تصاحب عادة مثل هذه الجرائم المروعة ويتطوع بها نفر مسوس من المرجفين فى المدينة لإثبات أهلية أو أهمية، أو زعم مزعوم بالاطلاع على بواطن الأمور، ينطوى يقينا على سوء طوية.
بيان الخميس صدر واضحا ليزيح ركام الأراجيف والأكاذيب التى راجت حول (القاضى) المتهم بقتل المذيعة وشريكه (المبلِّغ عنه)، ووضع النقاط فوق الحروف، ما شأنه قطع دابر الشائعات المصاحبة التى تغذيها منصات إلكترونية إخوانية معادية تستهدف العدالة المصرية لأسباب سياسية معلومة.
معلوم، الخلايا الإخوانية التى تحتل الفضاء الإلكترونى موتورة من القضاء المصرى الذى يحاكم قيادات وعناصر الجماعة الإرهابية ولا يخشى فى العدل تهديدا أو ترهيبا.
تعمد المنصات الإخوانية المغذية نشر الشائعات العقورة بما يمس القضاء الشامخ، وفى القلب منه النيابة العامة باعتبارها محامى الشعب، تشكيك فى الصرح القضائى العالى، والنيل من نزاهة وحيادية وتجرد القضاة على المنصات العالية.
البيانات المتوالية محررة ومصورة، والمصاحبة لسير التحقيقات فى مجرى العدالة، تهدف إلى إطلاع الرأى العام على سير التحقيقات بما فيها اعترافات المتهمين، والملابسات، وما هو ثابت وما هو يجرى تحقيقه.
تنوير الشارع المنفتح على بوابات الجحيم الإلكترونى، بالجديد والمتغير فى قضايا الرأى العام مهم وضرورى وسنة حميدة، مهم تثبيت معنى «العدالة الناجزة» فى الأذهان، ومهم جدا خلق قناعة فى الشارع بما يصدر تاليا من أحكام. فض الاشتباك الحادث مجتمعيا مع كل قضية ضرورة مستوجبة، ووأد الشائعات فى مهدها ضرورة عدلية، وتجنيب الرأى العام البلبلة والشوشرة، يمتّن معنى العدالة فى الضمير الجمعى، وكما ورد فى البيان أعلاه «تحقيقًا للعدالة الناجزة، وتوطيدًا للأمن القومى الاجتماعى المنشود، فى ظل دولة سيادة الدستور والقانون».
نهج النيابة العامة بالبيانات التى تحمل المعلومات، تحت قيادة النائب العام المحترم المستشار «حمادة الصاوى»، خليق بالاعتبار والدعم الإعلامى، بأن تبرز هذه البيانات وتنشر على وقتها لقطع الطريق على الذئاب الإلكترونية التى تنهش فى سمعة القضاء، وتحديدا النيابة العامة التى تتعاطى بكفاءة مشهودة مع قضايا تبدو ملغزة مثيرة للشائعات دون تمييز أو تحيز أو محاباة أو مجاملة (لكون المتهم قاضيا)؛ الكل أمام القضاء سواء.