مقالات

حمدي رزق يكتب: سر «دار الهلال»!

حمدي رزق يكتب: سر «دار الهلال»!

حمدي رزق يكتب: سر «دار الهلال»!
حمدي رزق

جرَت فيها معارك أدبية وصحفية وسياسية، سُجل بعضها فى كتب عظيمة. وقسم منها لم يُسجل بعد، تاريخ يُروى شفاهة؛ أرجو من إخوتى القائمين فى الدار بهذه المناسبة السعيدة أن يتوفروا على تسجيل معارك الأجداد والآباء سجلًّا للأجيال، وهم يمرقون بالسفينة العتيقة من الربع الأول بعد القرن الأول من مسيرة «دار الهلال»، المستمرة على شواطئ هذا الوطن الصامد فى وجه الأقدار.

لا أذهب إلى تاريخ منير وذكريات وحسب، فقصة «دار الهلال» منقوشة بحروف من نور فى تاريخ التنوير، فى حياة كل مفكر وأديب عمل يفخر به لأنه صادر عن «دار الهلال»، علامة جودة، خزانة «دار الهلال» مليئة باللآلئ الفكرية المعتبرة إنسانيًّا وحضاريًّا فى حياة الثقافة المصرية.

قد يكون الغيب حلوًا، إنما الحاضر أحلى، إمساك باللحظة الراهنة، بالحاضر استشرافًا للمستقبل، أقول بثقة لو لم تملك «دار الهلال» سوى إخلاص شيوخها وثروة شبابها لكفاها مؤنة المشوار الصعيب.

وعلى قدر أهل العزم تأتى العزائم، لم أرَ التفافًا من حول الدار مثل هذه الالتفافة المعتبرة فى ميلادها الثلاثين بعد المائة، فهناك أساتذة ومعلمون، شيوخ معتبرون متحلقون حول الدار جميعًا يعشقونها. وكثيرون منهم عادوا لتحبير صفحات مطبوعاتها الراقية بإخلاص أقلامهم، وشباب طموح ينحتون فى الصخر بأقلامهم، وإحساس عارم بين العاملين جميعًا بأن مخاضًا صعيبًا يخوضونه، والدار العجوز حبلى بمولود باهر. «دار الهلال» ليست جملة اعتراضية يطويها الزمان، تاريخ مجيد يشكل رقمًا صعبًا فى مسيرة الصحافة الوطنية، تقف الدار شامخة بتاريخها وحاضرها ومستقبلها. وتبرهن بإسهاماتها الوطنية فى قافلة التنوير على حاضر مبشر، دار نذرت نفسها ودفعت ثمنًا لتثبيت الدولة الوطنية، انتظمت تاريخيًّا فى مسيرة الدفاع عن الحياض المقدسة. سر «دار الهلال» سر البقاء، لا يعرفه سوى المُحِبّين، ويعرف ذلك جيدًا مَن تربى فى حجر هذه الدار وشهد عصور ألقها وتألقها، ويعرف أن مثل هذه الفترات الصعيبة مرت مرارًا على «دار الهلال»، ولم تسلم أبدًا بالمكتوب، قاومت وناضلت بخبرة السنين. ووقفت على قدميها تؤذن فينا بالتنوير.

مَن يجول فى تاريخها الطويل يرى عجبًا، فهى دار تنهض من ثبات كطود شامخ، فقط يؤذن النفير من قبالة تمثال المُعلِّم المؤسِّس «جورجى زيدان» فى صدر الدار، فيهبّ الهلاليون جنودًا مجندة، صفًّا واحدًا، تحيا دار الهلال، وما تحتاجه الدار للنهوض ليس بالكثير.

احتفلوا يا إخوتى بهذا الصرح العظيم، واجتمعوا على اسم الدار، التى أحسنت إليكم وكتبت أسماءكم وفتحت بيوتكم، ولا تزال فاتحة أبوابها تستقبلكم كل صباح، ردوا إليها بعض الجميل، بيت العائلة يستحق بعض الوفاء.

احتفال على وقته، وفى وقته، يقينًا لم أفقد إيمانى قط بقدرة «دار الهلال» على البقاء، رسمت دارًا للتنوير وستبقى، ورغم المحن والخطوب فإنها عفِيّة قوية قادرة على الوثوب، لتقف شامخة فى الصف الوطنى.

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى