حمدي رزق يكتب: سَفَاسِف الأمور!
لا أزعم عقلًا، ولا أدّعى حكمة، ولكن عقلى شتَّ، جُنَّ جُنُونُهُ، ترتيب الأولويات مستوجب، والصغائر لا تلهينا عن المعارك، لا نملك رفاهية الاحتراب على سَفَاسِف الأمور، توافهها التى تنبئ عن الخسة والدناءة وعدم المروءة.
جاء فى «تاج اللغة وصحاح العربية» للجوهرى، السفساف: «الردىء من كل شىء، والأمر الحقير». والجوهرى هو إسماعيل بن حمّاد الْجَوْهَرى، وهو عالم ولغوى، يُكنّى بـ«أبى نصر»، أصله من «فاراب فى كازاخستان حاليا»، ثانى من حاول الطيران بعد عباس ابن فرناس، ومات فى سبيله!.
تخيل مصر فى مفرق وجودى، والاشتغالات الوهمية تدير الرؤوس عن الهمّ الرئيس، الأزمة الاقتصادية أولى بالتركيز الشعبى، والاحتشاد من حول القيادة السياسية دعما فى معركة مصيرية، معركة وطن.
السوس اللى بينخر فى عضم البلد يعجزنا عن إدراك ما يجرى، ويلفتنا عن قضايا وطن يستحق الحياة. تخيل سيناريوهات الأزمة الاقتصادية، ومحاولات تفكيكها من حول عنق البلد، والحوار الوطنى، والمؤتمر الاقتصادى، وقمة المناخ.
تخيل حفل « محمد رمضان» فى الإسكندرية يحتل «التريند» مصريًا ولأيام مقبلة، والتلهى لأسابيع بقضية «إرضاع الصغير»، والساحل الشرير، وشقة العبور لصاحبها «عبدالله رشدى»، ونادى «الأنبا رافائيل» للألعاب الرياضية.. وأخيرا وليس بآخر، صورة الجميلة ميرفت أمين.. وهلم جرا من هوامش تحرفنا عن جادة الطريق!.
من ذا الذى يستحضر العفاريت؟، من يشغلنا عن مستقبلنا؟.. هل حفلة «نمبر وان» أُم المعارك الوجودية؟، هل هذه قضية تستنفد «الوقود الحيوى» لهذا الوطن؟، هل هذه معركة تستل فيها النصال وتتناطح الرؤوس؟!.
هل مثل هذه الهوامش تصرفنا عن المتون (المعارك الرئيسة) التى يخوضها رجال مصر الأوفياء فى القيادة والحكومة والجيش والشرطة والاستخبارات؟، هل هذه قضايا ننفق فيها كل هذا الوقت والجهد وتشغل ليلنا ونهارنا؟!.
بلغ بنا الحال أن ننتحر اختلافًا على صفقات «الميركاتو الصيفى»، تخيل جنود مصر وزهرة شبابها يقفون زنهار يحرسون الحدود فى درجات حرارة يذوب من قيظها عين القطر (الناس)، وينفذون التدريبات والمناورات، ومثلهم شباب زى الورد يصلون الليل بالنهار لإنجاز المشروعات، وفى المصانع والمزارع، وفوق قمم الجبال، والفضائيون فاضيين لتًّا وعجنًا، ويتبعهم الغاوون، فضائيات الليل وآخره مشغولة بصورة صلاح مع صبية مليحة (ملكة جمال)، ومحاولة سحر عفاف شعيب، اتعمل لها عمل.. عبثيات فى عبايات، وعبّى وإديله؟!.
ما هذا السخام الذى نتترى فيه؟!، تحس البلد راكبها عفريت شقى حبتين، كل يوم ينفث افتكاسة من مناخره الفظيع، والافتكاسة من دخان ونار مثل عادم السيارة تعمى العيون، وتتحول الافتكاسة إلى انتكاسة، ويتناحر الإخوة الأعداء، والمعركة قايمة والكفاح دوّار.
أجندة الوطن مش ع البال، الناس فى حتة تانية خالص، «التريند جنن البلد»، منه لله اللى اخترع «الفيس»، وأدعى من قلبى على اللى اخترع تويتر وإنستجرام.. الناس عايشة فى عالم TikTok!.
بين ظهرانينا ناس خبيثة، قدروا يسرقوا دماغ الشعب فى غفلة، الناس تنام وتصحى على أخبار الفيس المفسفسة، وفيديوهات يوتيوب المفتكسة.. وسلسلة ألعاب «كريزى تاكسى»!!.
فى مثل هذه الأجواء المشحونة سياسيًا وعلى مستويات دولية، والقيادة تخوض واحدة من أخطر معارك الوطن، يصرفون الانتباه إلى تفاهات، وينظرون، ويحتربون، ويتحزبون، وينتحرون اختلافا.. آخرها معركة «رفع المقاسات» بين ندى الكامل والشيخ مظهر شاهين.. كلمة من هنا ورَدّ من هناك، وصلت رفع المقاسات، وكسة مجتمعية، بالذمة ده اسمه كلام!.