مقالات

حمدي رزق يكتب: محاولة اغتيال لميس الحديدى!

حمدي رزق يكتب: محاولة اغتيال لميس الحديدى! 

حمدي رزق يكتب: محاولة اغتيال لميس الحديدى!
حمدي رزق

قطعت «لميس الحديدى» قول كل إخوانى عقور، قائلة: «لمن يريد أن يعرف الحقيقة حول هوجة الحج بالميتافيرس.. هذا هو الفيديو الحقيقى والكامل.. مش القص واللزق اللى الإخوان طلعوه».

قص ولصق وفك وتركيب وتحوير، وتحويل الأسئلة إلى إجابات، وفبركة فيديوهات بالصوت والصورة، واللعب على المشاعر الدينية، وشيّر وهو يشيّر، وتصلب لميس على الحائط الفيسبوكى لوحة نيشان يصوب عليها الغلمان يقذفونها بالحجارة.

والحقيقة كان مجرد سؤال ضمن الأسئلة التى طرحتها لميس بذكاء على الدكتور «أسامة رسلان»، مشرف وحدة اللغة الإنجليزية بمرصد الأزهر: «لو أحد الأطفال سأل والده أو والدته: لماذا لا نؤدى فريضة الحج (أونلاين) أو بتقنية الميتافيرس.. فكيف يجب أن يكون رد والديه؟».

تخيل السؤال تحوّل إلى مشنقة، علقوها فى الفضاء الإلكترونى كالذبيحة، وقالوا فيها قولا كريها، إنها تسخر من حِجّنا، وتهزأ بالمناسك، وتبغى حجًّا بالميتافيرس، ومناسك بالزووم (Zoom)‏.. وبلاها زيارة وطواف وسعى ورمى جمرات.

ويخرج علينا معمم غليظ القسمات يقطع: لقد صبأت لميس بنت الحديدى.. وهجمة سلفية مرتدة، وحشد إخوانى صاخب، وسخرية ومسخرة من مدعى الليبرالية، وتداخلات أزهرية.. واإسلامااااااه، صرخة فى أجواز الفضاء الإلكترونى من أفلام «فجر الإسلام».

فُجر- بضم الفاء- وتفحش فيسبوكى، واغتيال ممنهج لسيدة فاضلة كانت تسوق أسئلة لضيفها الكريم، أسئلة لشباب الميتافيرس، لم تكن تبغى سوى إجابات مقنعة على أسئلة حائرة فى أذهان بعض الشباب العائش فى فضاء نفسه.

معلوم القاعدة ناقل الكفر ليس بكافر، إذا كان السؤال كفرًا أصلًا، مهمة الإعلامى طرح الأسئلة فى سياق العصف الذهنى مع ضيوفه وجمهرة المشاهدين، ليس إنكار ما هو معلوم من الدين.. لميس حاذقة وليست ساذجة.

وهكذا سقطت لميس، غلطت فى البخارى، خلعوها هدومها فى الفضاء الإلكترونى، ولبسوها قضية ازدراء من اللى قلب السلفى يحبها، يفكرك بمحاولة صلب «فاطمة ناعوت» على جبل عرفات، بزعم إهانة الفريضة المرتهنة بالاستطاعة.

المحتسبون الجدد برزوا مجددا، أخشى تمامًا، خطير جدًا تفشى حالة المطاردة العقور التى تعد الأنفاس فى الصدور، هذا يضع المتحدثين فى قفص الاتهام ابتداءً ويطرحهم كاللحم المكشوف على قارعة الطريق.

المحتسبون الجدد يستحلّون عقول البسطاء، يرموننا بكل نقيصة، يحرضون علينا، يتهموننا بما ليس فينا، يستغلون عاطفة البسطاء.. خلاصته، يهدرون دماءنا على قارعة الطريق، ويفسحون المجال أمام المتعطشين لسفك الدماء.

لسنا معصومين ولا نطلب عصمة، وليس هناك من هو فوق النقد، فارق كبير بين جرح الحديث وذبح المحدث.. المجتمع الصحيح يقتات الحوار ليس الخوار، الحوار من سمات الإنسان، والخوار من فعل من لا يحسنون الحوار.

أُكلت لميس أو كادت يوم أًكل الثور الأبيض، يوم صمتنا على اغتيالها، الصمت على هؤلاء لم يعد مستساغا، جد من ولّاك عليهم، من نصبك قيّمًا علينا، يستعيذون بالله إذا مس أحدنا طرف جلباب شيخ من شيوخهم، ولكنهم يستحلون دماءنا مبسملين محوقلين.

أخشى تمامًا أن تدور ماكينات الرقابة المجتمعية التى يشكلها هؤلاء المحتسبون الجدد وطواقم محاكم التفتيش للتنقيب فى زوايا كل مشهد عن لقطة، أو لفظ، أو صورة على الحائط.. تجمد الصورة، وتشييرها تشييرا للإدانة، ويقع أمثالنا فى شراك البلاغات الجزافية، ويتحول المشاهدون إلى رقباء، وتنتشر جماعات الانكشارية السلفية على الفضائيات تلوم هذا، وتعاقب ذاك.

 

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى