حمدي رزق يكتب: مشروع بحثى..
أولوية أولى، وواجب مستوجب على حكومة المهندس «مصطفى مدبولى» كبح جماح التضخم، الذي سجل في يناير ٢٠٢٣ ارتفاعًا قدره ٤.٩٪ عن شهر ديسمبر ٢٠٢٢، حسب بيان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
التضخم يترجم فقدان القوة الشرائية بمرور الوقت، مما يعنى أن كمية النقود التي تمتلكها لن تشترى لك اليوم ما اشتريته أمس، والتضخم عبارة عن ارتفاع مستمر ومؤثر في المستوى العام للأسعار، ويتم التعبير عنه عادة بأنه التغيير السنوى في أسعار السلع والخدمات اليومية، مثل: الطعام والأثاث والملابس والنقل والألعاب.
في حالتنا، ترجع أهم أسباب هذا الارتفاع إلى ارتفاع أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة ٦.٦٪، ومجموعة اللحوم والدواجن بنسبة ٢٠.٦٪، ومجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة ٩.٤٪، ومجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة ١٠.٣٪، ومجموعة الزيوت والدهون بنسبة ٧.٨٪، ومجموعة الفاكهة بنسبة ٣.٨٪، ومجموعة البن والشاى والكاكاو بنسبة ١٠.٩٪.
لن أتحدث عن بقية المجموعات السلعية، فقد طالها التضخم بنسب متفاوتة في شهر يناير الماضى، التضخم لم يترك سلعة دون ارتفاع في أسعارها، وإجمالًا سجل معدل التضخم السنوى لإجمالى الجمهورية ٢٦.٥٪ لشهر يناير ٢٠٢٣ مقابل ٨٪ مقابل نفس الشهر من العام السابق، وهو رقم قياسى تضخمى يحتاج إلى سياسات اقتصادية رشيدة تلجم هذا الشبح الذي يهدد معايش الناس.
الجهاز المركزى للإحصاء يكتفى ببيان التضخم دون شرح أو تفضيل، ولكنه بشفافية تامة يضعنا في صورة التضخم بدون رتوش، وهذا مهم للمخطط الاقتصادى الذي يقف على رأس الاقتصاد الوطنى، بدون مثل هذه الإحصائيات الكاشفة تكون القرارات الاقتصادية مثل الحرث في البحر.
الحكومة تجتهد لتخفيف وطأة الأسعار على الطبقات البسيطة، دعم سلعى عبر وزارة التموين ومنافذ الجيش والشرطة (شوادر أهلًا رمضان نموذجًا ومثالًا)، ونقدى عبر حزمة من البرامج الاجتماعية (تكافل وكرامة وغيرها)، وهذه حلول عاجلة لتخفيف حرارة الأسعار، ولكنها لا تشكل مخططًا مستدامًا للجم التفلت السعرى، حالة سعار بات عليها التجار، هستيريا أصابت الأسواق.
حسنًا فعل، كلفّ الدكتور «مصطفى مدبولى» مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء بتنفيذ مشروع بحثى متكامل؛ بهدف صياغة السيناريوهات، وبدائل السياسات اللازمة لتعامل الاقتصاد المصرى مع الوضع الاقتصادى العالمى خلال عامى 2023- 2024.
الحكومة قطعًا تحتاج إلى أفكار جديدة، وهدف المشروع البحثى الاستماع إلى أكبر قدر من الأفكار والآراء لمواجهة التحديات الاقتصادية الحالية، وتحقيق أكبر قدر من المشاركة المجتمعية.
جيد وحسن، وبالضرورة يتطلب هذا المشروع عاجلًا، ودون حسابات مسبقة، الانفتاح على الخبرات الاقتصادية من خارج المجموعة الحكومية، الحكومة ستنتج نفس الأفكار، وستذهب إلى صياغة نفس السيناريوهات.
ليت رئيس الوزراء يوسع نطاق المشروع البحثى ويضم إليه عددًا من الخبراء أصحاب الأفكار النيرة، وهم معروفون بالاسم، ولن يتأخروا عند النداء لرسم سيناريوهات جديدة وفق المعطيات الحالية والمستقبلية.
المشروع البحثى العاجل والموقوت زمنيًّا على وقته، لم تعد لدينا رفاهية الوقت، والأفكار ليست غائبة. فقط مهم الاستماع إليها، ليس بالضرورة من داخل الصندوق الحكومى، هناك أفكار جيدة ومقدرة من خارج الصندوق.
دولة رئيس الوزراء اسمع منهم ولا تسمع عنهم، بين ظهرانينا خبراء قادرون على العون بإخلاص وتجرد، فقط ينتظرون النداء.