حمدي رزق يكتب… وعجبي!!
الله يرحمه العبقرى «صلاح جاهين» وكأنه كان يقرأ من كتاب مفتوح، فى لحظة فارقة، ستتوقف أمامها البشرية طويلا، يقول طيب الذكر متعجبًا:
«إنسان أيا إنسان ما أجهلك
ما أتفهك فى الكون وما أضألك
شمس وقمر وسدوم وملايين نجوم
وفاكرها يا موهوم مخلوقة لك.. عجبى!!».
وعجبى.. ونحن نتخبط فى غيابات الجب العقلى ونعمه فى ظلمات أنفسنا، وننتحر اختلافا ونحترب، ونمزق ملابسنا، ونخمش وجوهنا، ونمسك بتلابيب الجلاليب، وندور حول أنفسنا كالدراويش فى حلقات مفرغة. راجع العناوين التى نصدرها عنوة إلى العالم، بول الإبل دواء، ونكاح المتوفاة حديثا، والحمل طويل الأمد، وووو.. غياب عقلى كامل رغم الحضور الصاخب، والعالم من حولنا يعجب من صنيعنا، ويستغرب، مال هؤلاء لا يعقلون، وينصرف عن لغونا، ويمضى يسبقنا بسنوات ضوئية، بعيدا بعيدا فى الكون الفسيح. الصورة الاستثنائية التى التقطها التليسكوب «جيمس ويب»، التابع لوكالة الفضاء والطيران الأمريكية، ما وصفته «ناسا» بـ«المناظر الطبيعية فى الفضاء»، تعد لحظة فارقة فى تاريخ الكون، ما قبلها شىء وما بعدها يصعب التنبؤ به، ما نشر من صور ومعلومات يشى بما تختزنه «ناسا» من اكتشافات مذهلة تستولى على العقل البشرى. الوكالة الأمريكية فحسب نشرت مجموعة نادرة من أعمق الصور الملونة بالكامل للكون، وفى إحدى الصور رصد التليسكوب ما يشبه «المنحدرات الكونية والمناظر الطبيعية للجبال الصخرية فى أمسية مقمرة»، على حافة منطقة قريبة من «نجم أولى» أو «نجم وليد» يسمى NGC 3324 فى سديم كارينا. والسَدِيْم جمعه «سُدُم» فى الفلك، وهى أجرام سماوية ذات مظهر منتشر غير منتظم مكون من غاز متخلخل من الهيدروجين والهيليوم وغبار كونى، وسديم كارينا (سديم القاعدة)، أحد أكبر السُدُم وأكثرها سطوعا فى السماء، ويبعد ٧٦٠٠ سنة ضوئية، ويضم الكثير من النجوم الضخمة.
معلوم، السنة الضوئية وحدة قياس تستخدم للمسافات الكبيرة والبعيدة جدا كالمسافة بين الأرض والنجوم، وتعرف على أنها المسافة التى يقطعها الضوء فى سنة واحدة، وتبلغ سرعة الضوء ٣٠٠ ألف كيلومتر/ ثانية، وبهذه السرعة فإن الضوء يقطع ١٨ مليون كيلومتر فى الدقيقة وتسمى الدقيقة الضوئية. الصورة المذهلة التقطت بالأشعة تحت الحمراء، وذلك بواسطة تليسكوب «جيمس ويب» الفضائى الجديد، وتليسكوب «جيمس ويب» الفضائى اختصاراً «JWST»، هو مرصد فضائى طُوِّر بشكل مباشر من قِبل «ناسا» ووكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الكندية، ومن المخطط أن يَخلف تليسكوب «هابل» الفضائى. أعجبنى وصف ورد فى موقع «سكاى نيوز» البريطانى «الصورة تمنحنا لمحة نادرة عن النجوم فى مراحل تكوينها المبكرة والسريعة»، ويقول مدير ناسا «بيل نيلسون»: «اليوم، نقدم للبشرية رؤية جديدة رائدة للكون، وجهة نظر لم يسبق للعالم رؤيتها من قبل.. هذه الصور أعمق رؤية لكونها تم التقاطها على الإطلاق، توضح لنا كيف سيساعد Webb فى الكشف عن إجابات للأسئلة التى ستساعدنا على فهم عالمنا ومكان البشرية فيه بشكل أفضل».. وكأنه يغمز جانبى، إنسان أيا إنسان ما أجهلك، ما أتفهك فى الكون.. والكلام لك يا كنة.. واسمعى يا جارة!!.