حيثما يسود الحب تنتصر الحياة.. بقلم: أشرف غريب
الكاتب الصحفي والناقد السينمائي: أشرف غريب .. يكتب:
” الحب فى الأرض بعض من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه “
هكذا لخص الشاعر الكبير نزار قبانى رأيه فى الحب ومدى احتياجنا له إنه احتياج فطرى لكل الكائنات السوية وليس للإنسان فقط. ومن لا يعرف الحب طريقا إلى قلبه هو بكل يقين خارج ناموس الحياة وغير جدير بها من الأساس , وهذا فى ظنى ما ذهب إليه كاتب الحوار المبدع يوسف عيسى فى مقدمة فيلم ” نهر الحب ” للمخرج عز الدين ذو الفقار سنة 1961
حين قال بصوت الإذاعى الراحل جلال معوض :
” تقول الأسطورة القديمة إنه عند بدء الخليقة أطلت إيزيس إلاهة الحب من عليائها على الأرض فإذا بها كقلب لم تمسه يد الحب جدباء موحشة.يخيم عليها الموت . لا تعطى ثمرا ولا تمنح حياة واعتصر الحزن قلب إيزيس فبكت وشاءت العناية الإلاهية أن تتحول دموعها إلى أمطار .
أمطار غزيرة تشق وسط الأرض مجرى لنهر عظيم تدفقت أمواجه جارفة الموت واهبة الحياة.
باعثة فى الأرض القاحلة النضارة والحيوية والخلود فحيثما يسود الحب ينهزم الموت فهنيئا لمن روى بيده أرضا عطشى هنيئا لمن منح الحب لكل قلب جائع إلى الحب ليعى البشر الحكمة من وراء هذه المعجزة السماوية ليفهموا السر العظيم فإن أرادوا حياة فليفسحوا فى قلوبهم مجرى لنهر من الحب .
لا حياة بلا حب
لا حياة إذن بلا حب , ولا نضارة أو نماء فى قلوب لا تعى قيمة هذه العاطفة الإنسانية النبيلة , وهذا ما فطن إليه صناع الفن والأدب بوجه عام والسينما على وجه الخصوص , فلا تجد فيلما حتى لو كان دينيا أو تاريخيا أو حربيا إلا وبه قصة حب تدفع الأحداث أو فى خلفيتها , أو تخلق إطارا إنسانيا جاذبا لما هو وراء تلك الأحداث , ولذلك غصت أفلامنا المصرية بكثير من حوارات الحب وعباراته الخالدة ما زالت تحتفظ بطزاجتها وروح مبدعيها رغم مرور عشرات السنين , ولا بد أنكم تتذكرون – مثلا – ما قاله عماد حمدى فى مقدمة فيلم ” بين الأطلال ” عام 1959 للمخرج عز الدين ذو الفقار أيضا حين قال :
” وأنت .. أنت يا توأم الروح , يا منية النفس الدائمة الخالدة , يا أنشودة القلب فى كل زمان. ومكان , مهما غبتى ومهما نأيتى , عندما يوشك القرص الأحمر الدامى على الاختفاء أرقبيه جيدا , فإذا ما رأيت مغيبه. وراء الأفق .. فاذكرينى “
هل رأيتم عذوبة كهذه الكلمات ؟
ابحث إذن عن الأديب يوسف السباعى صاحب الرواية الأصلية. بين الأطلال .. اذكرينى ” وشريك عز الدين ذو الفقار فى كتابة الفيلم . إنها أنفاس عباراته. ورائحة حروفه التى يؤمن بها أيضا والقيمة العذبة التى كان الثنائى يوسف السباعى. وعز الدين ذو الفقار يبشران بها فى كل أفلامهما .
لقد أحببنا الحب بفضل شريط السينما , وعشنا حياة أبطال الأفلام كما لو كانت حياتنا نحن , فاكتسب الكثيرون منا خبراتهم من خلال تلك القصص. وباتت قناعاتنا. وأحكامنا بل وقراراتنا أحيانا صنيعة أقلام كتبت وعيون أخرجت وممثلين تقمصوا .
إنه سحر السينما كما أردد دائما. وقيمة الحب فى نفوس من يعرف قيمته ، فهنيئا لمن منح الحب لكل قلب متعطش إليه أو منفتح عليه سواء فى الحياة أو على شاشة السينما ، ليعى البشر الحكمة من وراء هذه المعجزة السماوية ، ليفهموا السر العظيم , فإن أرادوا حياة فليفسحوا فى قلوبهم مجرى لنهر من الحب ، فحيثما يسود الحب ينهزم الموت وتنتصر الحياة رغم كل شرور أعداء الحب والحياة .
عيد الحب
اننا اليوم فى رحاب الاحتفال بعيد الحب ، فهل ننتهزها فرصة لتطهير أنفسنا من كل ضغينه ، ونفسح فى قلوبنا مجرى لنهر من الحب يروى عطش الباحثين عن السلام والسكينة فى زمن عز فيه الإحساس بالأمان.