خطط الدولة في مجابهة المخاطر الاقتصادية .. بقلم: إنجي الحسيني
“العفي محدش يقدر ياكل لقمته” لم تأتي كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي من فراغ، خاصة في ظل التخوف من تزايد تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على المنطقة محليًا وإقليميًا، ومن هنا جاءت خطط الدولة المصرية في مجالات متعددة لتخطي مخاطر مستقبلية حتمية الحدوث.
أظهرت الحلول الايجابية، اهتمام الدولة بالأمن الغذائي والتركيز على زراعة القمح، حيث تعتبر مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، ولذلك قامت بزراعة 3.62 مليون فدان من القمح في الموسم الحالي 2022 وبناء صوامع تخزين إستراتيجية للقمح، كما شهدت مصر طفرة كبيرة في مجال الثروة الداجنة بحجم استثمارات تجاوزت مائة مليار جنيه إلى جانب المزارع السكنية وتوفير الأراضي الصناعية وإنشاء شبكة للطرق لدعم منظومة النقل اللوجستى وتوفير برامج تمويلية ميسرة لجميع المشروعات الإنتاجية؛ لتحقيق نمو ذاتي فى الزراعة والصناعة لتوفير الاحتياجات الأساسية وعدم الاعتماد على الاستيراد من الخارج بالكامل.
اتجهت مصر وبقوة نحو التنمية المستدامة، ومجالات الذكاء الاصطناعي، وبدأت بتطبيق مفهوم المجتمعات الخضراء والتي تهتم باستغلال الطاقات الطبيعية المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والأمطار وحركة الأمواج وغيرها؛ لتقليل استهلاك الطاقة والتقليل من إنتاج النفايات التي لا يمكن إعادة تدويرها، والحد من نسبة التلوث العالية والتي تعاني منها القاهرة على وجه التحديد، ومن أجل تنفيذ ذلك على أرض الواقع، تم الاتجاه لتحلية ماء البحر من أجل استخدام الماء في الري والزراعة، بتنفيذ مايقرب من ٧٧ محطة تحلية مياه تعمل بطاقة إجمالية ٨٣٤ ألف متر مكعب في اليوم في ٦ محافظات رئيسية ” شمال سيناء، جنوب سيناء، البحر الأحمر، مطروح، الإسماعيلية، السويس”.
وفي إطار ايجاد حلول فعالة لتوفير الطاقة، تم التعاون مع دولة الهند لاقامة مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بطاقة 20 ألف طن سنويا وباستثمارات تبلغ 8 مليارات دولار، والهيدروجين الأخضر هومصدر للطاقة ينتج عن فصل المياه إلى هيدروجين وأكسجين بالتحليل الكهربائي، وبذلك ينطلق الأكسجين للهواء ونحصل على الهيدروجين من الماء كمصدر للوقود النظيف حيث يحتوى على صفر كربون، مما ينتج عنه حرق صديق للبيئة.. ولذلك شهدت القاهرة السيارت التي تعمل بالطاقة الكهربائية، كما شيدت 14 مدينة تتسم بالاستدامة أشهرها العاصمة الإدارية الجديدة، مدينة العلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة، ومدينة شرق بورسعيد، والعديد من المدن الأخرى؛ من أجل تحفيز التنمية خارج الوادي ولتشجيع الاستثمارات بالأقاليم المغلقة في البلاد.
دائما ما تواجه الدولة المصرية تحديات وصعوبات تستطيع الانتصار عليها والانتصار عليها بنجاح، حيث نجحت الدولة المصرية في تحويل عجز الطاقة الكهربائية المُولدة، بمتوسط عجز يومي 6 آلاف ميجاوات عام 2014، إلى فائض بلغ 13 ألف ميجاوات في 2020 حتى وصل نمو التصدير بنسبة 116% في 2022 لتوسيع الشبكة القومية للكهرباء وتأمين التغذية الكهربائية لـمشروعات التنمية الاقتصادية.
وتعدُ “وثيقة سياسة ملكية الدولة” خطوة رئيسية في إطار زيادة فرص مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، حيث تمثل رسالة اطمئنان للمستثمر المحلي، وعنصر جذب للاستثمار الأجنبي، بما يجعلها خطة متكاملة تستهدف تمكين القطاع الخاص وتنظيم تواجد الدولة في النشاط الاقتصادي، وذلك استكمالا للإصلاحات الحكومية التي تتبناها الدولة المصرية لانعاش السوق المصري وخلق الوظائف في القطاع الخاص وإدخال النساء وذووي الهمم سوق العمل في إطار استراتيجية السلطات للنمو الاحتوائي، وخلق الدولة المصرية لوظائف منتجة استثمارا للقوة البشرية بتوجيه الاستثمارات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تساعد الشباب على المساهمة في زيادة عجلة الانتاج وزيادة التصدير للخارج، حيث أن جزء كبير من اقتصاد مصر يتوقف على الصادرات المصرية إلى الدول الأجنبية والأفريقية، والتي تحتل المرتبة 52 بين أكثر الدول المصدرة حول العالم.
من المؤكد أن مصر تواجه تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية، وما يستتبعها من تغييرات في السياسات النقدية العالميةلها انعكاسات مباشرة على المجتمع المصري، ومع ذلك لم تقف الدولة مكبولة اليدين بل دائما ما تحاول وضع استراتيجية لعلاج الأزمات الطارئة كما ترسم الخطط المستقبلية لمجابهة المخاطر المحتملة بتحسين مناخ الاستثمار وتعزيز إجراءات الحماية الاجتماعية للمواطنين، وكذلك تقديم حزم تحفيزية للقطاعات ذات الأولوية والتي تتمتع بقدرة على نمو العمالة وتوفير فرص العمل، ولنا في أزمة فيروس “كورونا” خير دليل حيث نجحت الدولة في الحفاظ على الوضع الاقتصادي بشكل آمن ومستقر.