أخبار الرياضةمقالات

دوري نايل… خاص للكبار فقط

دوري نايل… خاص للكبار فقط

دوري نايل... خاص للكبار فقط
الدوري

كتب / د. محمد كامل الباز

في مرحلة الإعدادية، كان يتمنى الواحد منا أن يكبر سريعًا وتمر به السنين كي يستطيع مشاهدة تلك الأفلام المصنفة للكبار فقط، لم تكن تلك الأفلام بالضرورة خادشة للحياء أو مخالفة للآداب العامة، بل ربما كانت تحمل أفكارًا أو موضوعات تفوق أعمارنا حينذاك. وكما هو الحال دائمًا، فإن الممنوع مرغوب، مما جعل هذه الأفلام محط اهتمام ورغبة مستمرة.

ويبدو أن كرة القدم ستسير على النهج نفسه، إذ قد يبدأ الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بتصنيف بعض الدوريات لتكون مخصصة لفئة معينة فقط. وسيتحتم على الآباء منع أطفالهم من مشاهدة مباريات كرة القدم، حتى لا تتأثر عقولهم الصغيرة بما يجري، وقد نصل قريبًا إلى مرحلة يصبح فيها من الضروري حجب مباريات الدوري المصري عن من هم دون الثامنة عشرة، كي لا ينشأ جيل يحمل سلبيات يصعب معالجتها ومن ثم، قد يتطلب الأمر أيضًا منع هذه المباريات عن الأجانب والسياح.

ما يحدث في دوري كرة القدم في مصر الحبيبة أصبح أشبه بدعاية مضادة للوطن، ما نشاهده على شاشات التلفاز من ممارسات تحكيمية خيالية وإعلام موجّه واتحاد كرة قدم عاجز على جميع الأصعدة ينذر بمستقبل قاتم للكرة المصرية، أصبحنا نشهد أندية تعترض على حكام بعينهم وتتحفظ على آخرين، ثم نفاجأ بوجودهم في أرض الملعب، ونرى حكمًا يطلب التقاط الصور مع لاعب قبل دقائق من أن يصبح مسؤولًا عن تحقيق العدالة بينه وبين خصمه!

ما حدث في مباراة بيراميدز الأخيرة مع الأهلي أذهلنا وأذهل الفيفا باختراعات جديدة في قوانين اللعبة. ولم تقتصر المفاجآت على ذلك، إذ شاهدنا اشتباكات بعد المباراة. توقعنا أن تكون هذه الاشتباكات بين اللاعبين، كما يحدث غالبًا، لكن كانت المفاجأة أن نجل حكم تقنية الفيديو (الفار) أراد التقاط الصور مع لاعبي الأهلي! نعم، أحد المسؤولين عن تحكيم المباراة اصطحب ابنه، وهو مشجع متعصب لأحد الفريقين، إلى غرفة تقنية الفيديو، التي تعد من أهم أماكن اتخاذ القرار في المباراة.

وفي دوري “نايل”، الذي يجب أن يُصنّف “+18″، نجد حكامًا يتم اختيارهم لمباريات كبرى، ثم نكتشف أن صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي تحمل عبارات تشجيعية لفريق معين، وهو أحد طرفي المباراة، هذه المهازل التحكيمية والإدارية لم تشهدها كرة القدم المصرية من قبل، لكنها بدأت تنمو خلال العقد الأخير حتى أصبحت اليوم في ذروتها.

نجد فريقًا مفضلًا يمتلك الإعلام والمال ويستغل نفوذه للضغط على أندية الدوري لضم لاعبيها أو منعهم من البيع لمنافسيه. وإذا لم يكن هذا كافيًا، نجد الحكام أنفسهم متحيزين بشكل علني لهذا الفريق، سواء من خلال تصرفاتهم أو حتى آرائهم العلنية على مواقع التواصل.

لم أعد أتعجب حين أجد الكثير من الأجيال الجديدة لا يشجعون الكرة المحلية. تسأل أحدهم، وهو في الخامسة عشرة من عمره، فتجده مشجعًا لريال مدريد أو برشلونة، ليفربول أو أرسنال، لكنه لا يتابع شيئًا محليًا، بعد رؤية هذا العبث التحكيمي والإعلامي، أدركت أن هؤلاء الصبية كانوا يمتلكون بُعد نظر.

ما يحدث الآن في أروقة الملاعب المصرية يجعلنا ندرك أهمية عبارة “للكبار فقط” التي كانت تُكتب على ملصقات الأفلام. تمامًا كما هناك أفلام مخصصة للكبار بسبب محتواها، يبدو أن هناك مباريات ودوريات لا يجب أن تُعرض إلا على الكبار. فما الذي يمكن أن نعلمه لأطفالنا وهم يشاهدون هذا الظلم والازدواجية في المعايير؟ هل سيصلح هذا الطفل ليصبح قاضيًا أو مسؤولًا عادلًا في المستقبل؟ أم سيصبح مديرًا أو صاحب عمل يعتمد على الظلم منهجًا له، بعد أن رأى الظلم يُمارس بشكل علني؟

نرجو من القائمين على الرياضة أن يتعلموا من السينمائيين. كما أن هناك أفلامًا تُخصص للكبار فقط، ربما حان الوقت لتصنيف بعض الدوريات والمباريات على أنها للكبار فقط!

 

 

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى
error: <b>Alert: </b>Content selection is disabled!!