دينا شرف الدين تكتب: آيات الله تتجلى فى مشاهد الزلزال
فى نظرة تأملية لمن فى صدره قلب ينبض وبرأسه عقل يتفكر، وبداخله ضمير ما زال على قيد الحياة، ليرى مرة تلاحقها الأخرى لتؤكدها تلك الآيات التى تتجلى فى هذه الدنيا، لكن كثيراً من البشر لا يفقهون شيئاً ولا يعقلون.
فبعد أن تجرعنا فزع هذا الكابوس الذي أصاب بني البشر أجمعين، أثناء غفلتهم الطويلة واستغراقهم التام بمتاع الدنيا وأطماعها التي لم تشفع لهم ولم تقهم شر فيروس ضعيف لا يرى حتى بالعين المجردة.
لترى أعيننا وتدرك عقولنا أن الدنيا بملذاتها وشهواتها وأطماعها لا تساوى جناح بعوضة، إذ تحولت الأرض إلى أخرى خاوية على عروشها، بعد أن توقفت الحركة التى هى الحياة بالمدن العالمية الكبرى لعدة أشهر، تلك التي كانت لا تكف عن الضجيج بالحياة آناء الليل وأطراف النهار.
وبما أن الإنسان لم يعد فى قلبه سوى مزيد من الغرور، فقد ابتلانا الله بملمات متلاحقة لعلها تكون موعظة لمن يتعظ.
فقد أسفرت الأرض عن غضبها وأخرجت أثقالها بمشاهد مروعة زلزلت قلوبنا، وأبكت أعيننا لنراجع أنفسنا ونتفكر بتلك الآيات الإلهية التي تجلت بأروع صورها تحت أنقاض المباني المهدمة بسوريا وتركيا.
ليعلم جيداً من كان يغفل أن القوة لله جميعاً، وأنه سبحانه وتعالي يأمر الشىء بأن يكون فيكون، فينجو من الموت من قدر له النجاة، وإن كان فى بطن الحوت أو بباطن الأرض.
(فعلي سبيل المثال علهم يفقهون):
– المولودة التي خرجت من تحت الأنقاض بحبلها السري لترى الدنيا من خلف الحجب.. من رحم أم فاضت روحها لتخرج روحاً جديدة لهذه الدنيا، فتتجلى آية الله الذي يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي.
– الطفل الذي خرج من تحت الحطام بعد أكثر من أسبوع دون طعام أو شراب لا يتجاوز الخمس سنوات، والذي قال ببراءة الأطفال عندما سألوه عن قدرته على الامتناع عن الطعام والشراب، أن هناك رجل أبيض اللون كان يأتي من حين لآخر ليطعمه ويسقيه.
– { والذي هو يطعمني ويسقين} الشعراء :٧٩.
– الفتاة التي روت بعد أن نجاها الله من الموت وقدر لها الحياة، أنها نظرت للأعلى بعد أن كادت أن تموت عطشاً عدة أيام، لتشكو لله أنها قد تموت عطشاً بعد أن نجاتها من الموت تحت الحطام، فاستجاب لها سبحانه وتعالى فور الانتهاء من تضرعها بمطر أسقاها وروى ظمأها، تأكيداً لقوله الحق:
﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ *﴾ [الذاريات: 22].
وما زالت المشاهد مستمرة، وما زالت وستظل آيات الله تتجلى لمن يبصر، و ما زال الإنسان مستمراً بغيه وكبره.
وما زال الإرهاب والحروب وتجبر دول تمتلك المال والسلطان على أخرى مستضعفة، لتتسع الممالك والإمبراطوريات، وتتكدس الخزائن وتستعد ترسانات الأسلحة بأحدث الطرز هو الهم الأكبر.
نهاية:
هل ندرك أن الاهتمام القادم يتركز في المحافظة على سلامة واستقرار هذا الكوكب وحفظ طبيعته والكف عن انتهاكه ليظل صالحاً لمن يأتي بعدنا من أجيال تسلبها أطماعنا حق الحياة الآمنة التي كدنا نفقدها إلى أن يرث الله الأرض؟
لعل الله يرفع مقته وغضبه عنا.