دينا شرف الدين تكتب: “أسود الأطلسي” يقهرون المستحيل
و بما أننا نلتزم دائماً بالإيمان أنه لا يوجد مستحيل ، فقد أثبت منتخب المغرب الشقيق لكرة القدم صدق ما نؤمن به و أكد لنا أن لعبة التصنيفات التي لابد و حتماً أن تعتمد فرق دول بعينها بالمقدمة و تعتبر أخري بدول أخري من مستلزمات اكتمال الصورة و التي لا يمكن أن يرتفع سقف طموحاتها أكثر مما هو مسموح به ،
و بما أن :
أسود الأطلسي قد كسروا تلك التابوهات المقدسة و خرجوا عن سياق الآمال المحدودة و تزودوا بالثقة الناتجة عن مستوي مرتفع من اللياقة و المهارة بعد جهد كبير و إصرار عظيم ، ليقف لاعبي منتخب المغرب نداً متكافئاً و ربما متفوقاً علي بطل العالم الذي لم يهزمه منتخب من قبل .
أعترف حقاً :
أننا كأمة عربية كنا بحاجة ملحة لأي شئ من شأنه أن يجمعنا علي قلب رجل واحد و تحت مظلة هدف واحد ، و هذا ما لم تستطع السياسات و الدبلوماسيات تحقيقه وحققته اللعبة الجماهيرية الأولي بالعالم و أكدت علي وجوده بالأعماق و خروجه بغزاره و تلقائية عندما يستلزم الأمر ،
فشاهدنا خلال تلك الدورة المختلفة التي كسرت و خرجت علي كافة التوقعات ، اصطفاف الجماهير العربية عن بكرة أبيها أمام شاشات العرض بكافة الميادين و المقاهي و الأماكن العامة و الخاصة لتشجيع المنتخب العربي الوحيد الذي تحدي الكبار كما يصنفونهم و وقف شامخاً عن جدارة و استحقاق ليهزم أساطير الكرة العالمية و أكبر و أهم منتخباتها ، فوصل إلي المربع الذهبي في سابقة لم تكن حتي بالحسبان ،
و مع كل فوز لمنتخب الأسود ،ترتفع حدود الأمنيات و تزداد التطلعات و تتعمق الثقة لدي كل مواطن عربي كاد أن يفقدها إذ وجد نفسه دائماً و أبداً تحت طائلة عدد من الخطوط الحمراء التي حُرم عليه اجتيازها ، ليتحرر من أغلال افتراضية قد وضعها حول عنقه بنفسه قبل أن يضعها الآخرين ، فاستهان بقدراته و حدد سقف طموحاته بكافة المجالات ،
فجاءت مفاجأة كأس العالم المدوية لتغرس بالأنفس نوعاً آخر من الثقة المستحقة و تحطم هذا السقف الإفتراضي و تحرر المواطن العربي بشكل عام ليس فقط لاعبي أو مشجعي كرة القدم من الشعور الدائم بفرضية الإنتماء للصفوف الخلفية ، و عدم القدرة علي تصدر الصفوف الأولي التي تم حجز مقاعدها بالكامل لأناس أخري بدول أخري .
و لكن:
هل لنا أن نحلم باصطفاف عربي علي كافة المستويات كما حدث بالأيام الماضية بفضل منتخب كرة القدم الذي حمل طموحات و تطلعات و أمنيات أمة بأسرها ،كانت غائبة ؟
– هل نتطلع إلي اتحاد عربي شامل كما فعلت أوروبا باتحادها، يجمع بين دول العرب الغني منها بجانب الفقير ، القوي منها بجانب الضعيف ،ليشكل قوة سياسية و اقتصادية و جغرافية كبري ، تتحسب لها الأمم ؟
– نهاية :
– شكراً من القلب لمنتخب الأشقاء بالمغرب ، أسود كرة القدم العربية الذين قهروا المستحيل و استحقوا التتويج باللقب حتي و إن لم يحالفهم الحظ لقيادة مبارة النهائي ،
– شكراً للأمل الذي بعثتموه بنفوس الجماهير العربية العريضة و للفكرة التي ستظل تراود خيالنا و تقوي من عزمنا ، استعداداً لمربع ذهبي قادم يحمل اسم منتخبين عربيين و ليس واحداً ،
و لم لا، فالأمل بات غير مستحيل