دينا شرف الدين تكتب: قليل من الجودة كثير من الجشع
أوجه كلماتي اليوم إلى صناع المنتجات المصرية بمختلف أشكالها وأنواعها، تلك التي لاقت رواجاً غير مسبوق بالأشهر القليلة الماضية منذ اندلاع حرب غزة بالسابع من أكتوبر، وحتى الآن، نظراً للمقاطعة الحادة الفاعلة التي قام بها شعب مصر للمنتجات والماركات العالمية التى تدعم مباشرة أو ضمناً الكيان الصهيوني أو تمت له بأية صلة قريبة كانت أو بعيدة.
ما أعاد الروح للمنتج المصري الذي كان قيد الموت الإكلينيكي ليمنحه قبلة جديدة للحياة، والتي كانت فرصة ذهبية قدرها الله لعودته ورواجه وتذكره من بعد نسيان.
ولكن:
سرعان ما خذلنا وأطاح بحماستنا هذا المنتج وتركنا فى حيرة من أمرنا، فعلى سبيل المثال فقط لا الحصر:
“ظهرت بتلك الآونة منذ دعوات المقاطعة، ماركة عريقة للشيكولاتة، كانت قد اختفت وربما توارت لتحل محلها الأسماء المستوردة الشهيرة، حتى وإن كانت مصانعها تدور بداخل مصر، لكنها تحتفظ بمواصفات الجودة العالمية رغم محاولات التلاعب التي لا تنتهي من جانب اخواننا بالداخل.
فاعتلت الماركة المصرية التي كانت بطي النسيان أرفف وواجهات المحال من جديد وتنوعت أشكالها ومذاقاتها وأغلفتها لتناسب جميع الأذواق، و الذي كان من دواعي سرورنا وأسباب إقبالنا وتفاخرنا بهذا المنتج المصري الخالص الذي عاد لينافس بجودة عالية.
وتضاعف الإقبال بشكل غير مسبوق نظراً للمقاطعة من ناحية ولتحسن جودة المنتج وتنوعه من ناحية أخرى.
لكنها وبكل أسف عادة بعض التجار الذين لا تملأ عينهم غير التراب ، فعندما يطمئن قلب التاجر وتستقر أوضاعه وتدور عجلة إنتاجه دون توقف، سرعان ما تعود ريما لعادتها القديمة، و تتراجع مواصفات الجودة ويختفي التنوع الذي كان، ويتغير الطعم الذي كاد ينافس وربما يفوز، لنصاب نحن كمستهلكين بالاحباط من جديد ونفقد الثقة بهؤلاء الذين لا يرجون خيراً لهذا البلد ولا تعنيهم استقرار أوضاعه واستتباب أحواله الاقتصادية.
نهاية:
ما ذكرته كمثال محبط بأحد المنتجات مصرية الصنع، ينطبق على العشرات منها، ليثبت لنا أن هؤلاء الذين غظت ضمائرهم في ثبات عميق، لا يعنيهم سوى المكسب السريع، ولا تتخطي أنظارهم تحت الأقدام، ولا يقيمون وزناً لما يسمى بمعايير الجودة والالتزام بالمواصفات لمنح المواطن المصري قليلاً من الثقة والاطمئنان ولا للبلاد بعضاً من الاستقرار.
ويا له من غباء وضيق أفق، فسرعان ما ستنقضي المقاطعة و تعود المنافسة والتي سيكون فيها البقاء للأجود، ولن تكون هناك رجعة بعد فقدان الثقة، فكان أولى بكم أن تعملوا على ضمان استقرار منتجاتكم وتؤسسوا لها أرضية صلبة لا تزعزها منافسة، لكنكم اخترتم الزبد الذي سرعان ما سيذهب جفاءً ولن ينفع ولن يمكث في الأرض.