دينا شرف الدين تكتب: مستنقعات إغراق مصر.. السوشيال ميديا

تأملت كثيراً بالآونة الأخيرة ما يحدث فى مصر من جلبة ومهاترات واتهامات وتناقضات بالآراء حول مجموعة من نجوم ونجمات التيك توك وأتباعهم من المشاهير ومشتهى الشهرة، لأعاود الحديث مجدداً عن هذا السم القاتل الذى يتجرعه المصريون يومياً بشكل بات أشبه بإدمان أردأ وأخطر أنواع المخدرات، والذى سبق وكتبت عنه مقالات ومقالات للتحذير والتوعية بمخاطر هذا العالم الافتراضى ورواده الذين لا يستبعد أبداً أن يكونوا مجرد أدوات تحركها جهات كبرى وعصابات خطيرة لما هو أبعد وأعمق من مجرد محتوى دنىء، أغرق المجتمع المصرى وتسبب فى تلوث الذوق والسلوك والأخلاق لدى أجيال بعينها.
لن أتوقف كثيراً أمام أم سجدة وأم مكة وأم عمر وأم جلمبو وشاكر ومداهم ومهاجم وغيرهم، فما هم إلا مجموعة من الأسماء تعكس واحدة من أشرس حروب الجيل الرابع، وأداة سهلة الاستخدام لتدمير الشعوب وضرب قيمها ومعاييرها الأخلاقية فى مقتل.
فهؤلاء الذين باتوا نجوماً للتيك توك المسموم مختارين بعناية شديدة من قبل سكان الشرفات العالية الذين يديرون ويدبرون أمور الدنيا، والذين اختصوا أسوأ فئة من فئات الشعب المصرى ممن لا يرفضون المال الوفير الذى ينقلهم من القاع للقمة فى غضون أشهر قليلة، وإن كان المقابل تدمير المجتمع والإطاحة بقيمه وشكله وتصدير صورة أخرى سيئة عن المجتمع المصري.
ولكن:
لم يقتصر الهدف من تجنيد هؤلاء على تصدير صورة سيئة لمصر فحسب، بل هناك ما هو أخطر بمراحل، فقد بات هؤلاء البسطاء عقلاً وعلماً واجهة عريضة تخفى خلفها عمليات خطيرة لغسيل الأموال وتجارة الأعضاء والمخدرات وغيرها من الأعمال المشبوهة التى تديرها مؤسسات عالمية قد وجدت ضالتها فى هؤلاء المعدمين.
كما أصبح لكل حاقد متنمر وسيلة بيده للانتقام من الآخر والشوشرة عليه، سواء كان شخصية عامة أو غير ذلك، بسبب منطقى أو غير منطقى، عن طريق هذا السلاح القاتل الذى بقبضة يده دون رقيب يحاسبه.
فمن الجيد أن تنتبه الجهات الأمنية لهذه الأخطار وتقوم بردع هؤلاء والبحث عن وكلائهم وعرابيهم، وتشدد العقوبة على كل متجاوز يسىء بشكل أو بآخر عن قصد أو غير قصد لمصر وشعبها.
نهاية:
علينا جميعا الحذر، فإنه فخ عميق علينا ألا نقع فيه، فهذه الفخاخ ليست وليدة الصدفة ولا سليمة القصد، لكنها فى أحوال كثيرة قد تكون خطة منظمة ضمن مجموعة من الخطط لاستراتيجية كبيرة ذات أهداف محددة فى حرب شرسة لا تقل شراستها عن الحروب بالأسلحة الثقيلة فى ميادين الحروب.
فالآن وفى ظل هذا التطور التكنولوجى العظيم، نشأت أنواع جديدة من الحروب وأشكال مختلفة للغزو الثقافى والاحتلال الفكرى لنشر أفكار معينة والترويج لها فى إطار سياسى معين بأسهل وأقصر وسائل السيطرة والانتشار السريع عن طريق وسائل التواصل.
فهناك عدو بألف وجه يتربص بك هو وقبيله ويراك من حيث لا تراه ليشحنك ويوجهك ويحمسك ويحبطك ويسود الدنيا بعينيك أحياناً من وراء هذا الكيبورد العجيب وتلك الشاشة الذكية.
فلِم تترك له هذه الفرصة العظيمة ليغتنمها ويلتقمك لقمة سائغة ليضرب بك الوطن ويزعزع استقراره ويعرقل خطواته التى بالكاد يخطوها للأمام، فتتحول أنت بإرادتك إلى سلاح قاتل لوطنك يصوبه بصدره وقتما يشاء ووفقاً للخطة الموضوعة!
أعلم جيداً أننا جميعاً لا غنى لنا عن مواكبة العصر بكل تطوراته وإجادة التعامل بها بل وإتقانها، لكن شريطة أن يكون زمام الأمور دائماً وأبداً بأيدينا وفى عقولنا.






