رحلة إلى الأعماق .. بقلم: د/ عبير منطاش

نستمتع جميعا برحلات الترفيه والسفر ونجد فيها تجديد للنشاط والتخلص من الضغوط النفسية والاجتماعية والعملية.

ونسعى دائما إلى ذلك من حين لآخر لتجديد طاقتنا والتخلص من الطاقة السلبية وشحن الطاقة الإيجابية كل ذلك جميل ومفيد جداً جداً.

لكن كم واحد منا فكر أن يقوم برحلة داخلية في أعماق نفسه؟؟؟
في الحقيقة قلة قليلة من يفعل ذلك لأن أعماق النفس البشرية تحتاج إلى سباح ماهر لكي يغوص ويتجول بها بمهارة .

أردت أغوص معكم إلى أعماق هذه النفس وبالتحديد في أضعف نقطة وهي نقطة علاقتك بطفلك الداخلي، وهذه المرحلة الدقيقة من حياتك التي تشكل فيها وعيك وذاكرتك وتحتفظ بها وتؤثر
عليك في جميع مراحل عمرك ، وبناء على ما حدث لك في هذه المرحلة تتكون ردود أفعالك لكثير من المواقف.

لذلك عندما تستطيع الغوص إلى هذه النقطة من أعماقك وقتها تدرك أنك أصبحت ذو وعي وإدراك عالي ، لأن ليس
كل واحد فينا لديه جرأة وشجاعة المواجهة ..قد يرى البعض ذلك سهلا لكن في الحقيقة إن من أصعب أنواع المواجهات هو أن تواجهه نفسك، فالإنسان دائما يهرب من مواجهة نفسه إما لأنه يهرب من مواقف بعينها تشعره بالألم فهو يهرب خوفا من الألم ، أو أنه لا يعرف كيف يواجهها وكيف السبيل إلى ذلك .

وفي كلتا الحالتين وقتها يحتاج الإنسان إلى يد تمد له العون والمساعدة في ذلك الأمر ، ولكن لابد أن ينبع ذلك من داخله
فيكون لديه إرادة ورغبة في معرفة خبايا نفسه وكيف يتواصل معها ، ليصلح شأنها
أو يروضها أو يقدم لها الدعم والمساندة لتصحيح أخطاء الماضي والإستمتاع بالحاضر والعبور للمستقبل بأمان.

فلن تستطيع أن تعيش حاضرك وتستمتع به إذا كان الماضي ثقيل وكأنه طوق من حديد حول رقبتك يعيق حركتك ويجعلك
كالأسير داخل جدرانه .

التحرر من ذكريات الماضي الأليمة ليس معناه أن نهرب منه أو ننساه فهو له فضل كبير حين ننظر له على أنه دروس وعبر لابد من الإستفادة منها حتى لا نكرر الأخطاء مرة أخرى.

كم هي ممتعة رحلتك إلى أعماق نفسك ستجد فيها ليس الراحة فقط بل ستحصل
على إجابات لكثير من الأسئلة حول نفسك لن يستطيع إجابتك عليها أحد سواك.

أتمنى أن تستطيعوا القيام بتلك الرحلة لأعرف ماذا كان شعوركم وماذا استفدتم وهو ما يعرفه جيداً من قام بهذه الرحلة
العميقة… إلى الأعماق.