رمضان شهر التراحم والتكافل … بقلم: ياسر أحمد العز
لا شك أن شهر رمضان هو شهر التراحم والتكافل بين المسلمين بل لا أشطط إذا قلت إنه شهر التكافل بين المسلمين وإخوانهم من أهل الكتاب …والتكافل الاجتماعي في الإسلام لا يقتصر على العون المادي فحسب بل يشمل التكافل الأدبي والمعنوي أيضا فقد جعل الإسلام الكلمة الطيبة والابتسامة كالصدقة، والشعور بالآخرين والاحساس بهم والوقوف معهم نوعاً من الرحمة والصلة، .. إنني أدعوك أخي القارئ كلما طلب أحد منك المساعدة أن تفكر بهذه الطريقة.. أنه طلب العون من الله أولاً.. وأعطاه الله عنوانك.. وأدار اتجاهاته التائهة نحوك..فلا تردَّه.. فما أتاك إلا ليزيل عنك جزءًا من سيئاتك فتأكد أنك أنت المنتفع.. وأن الله ساقه إليك.. ليفتح لك به باب خير ويدفع عنك باب شر قال تعالى “إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ” فكلاكما رزق للآخر الأول رزق الدنيا والتاني رزق الآخرة ” والآخرة خير وأبقى ” (إنني أعرِفُ شابًا هو أبسطُ مَن قابلت. يقول لي في براءة: «ليس عندي من العملِ ما أرتجي به الفضل لنفسي من الله، غير أنّي لا أردُّ سائلًا ظنّ فيَّ العَوْنَ أبدًا، فسألته: لِمَ؟ فأطرق قائلًا: «لعلّ اللهَ يقبلني ولا يردني يوم أن أذهب إليه خَجِلًا محتاجا !)(وكما يقولون : إن الله يسخر قلوبا تحن لقلوب تئن فكن ممن سخرهم الله في الخير والمعروف أيا كان فمن لم تنفعه بمالك فانفعه بلسانك بعظتك ونصيحتك.
ومن لم تنفعه بلسانك فانفعه بعاطفتك ومحبتك )( حكي أن مالك بن دينار ضبط لصا يسرق داره، في وقت متأخر من الليل فلم يجد شيئا فارتعد اللص لما أمسك به مالك لكن مالكاً إن لم يكن بيته مملوءا بالطعام إلا أن قلبه مملوء بالمحبة عامر بالإيمان فقال مالك للسارق: جئت للدنيا فلم تجدها، أفلا تحوز الآخرة؟! ثم صب عليه الماء فتوضأ ثم دله على المحراب فصلى ركعتين… فسمع مالك اللص يبكي بكاء شديدا، ويسأل الله التوبة ثم اصطحبه إلى صلاة الفجر في المسجد فلما رأى حسن صلاته وصدق توبته دعى له قائلا :اللهم تقبل توبته واغسل حوبته واغفر ذلته ثم أنشأ يقول لنفسه :سبحان الله: “جاء يسرقنا فسرقناه!!” للخير أهل لا تزال … وجوههم تدعو إليه …طوبى لمن جرت الأمور الصالحات على يديه .. مالم يضق خلق الفتى … فالأرض واسعة عليه . يقول ابن القيم : ربما تنام وعشرات الدعوات تُرفع لك ، من فقير أعنته أو جائع أطعمته ، أو حزين أسعدته أو مكروب نفسته أو يتيم مسحت دمعته وأضحكته ! فلا تستهن بفعل الخير. “هُنَاك أُناسٌ مُوَفَّقُون يعيشون في خيرٍ لم يسألوه ونُجُّوا من شرٍّ لم يتّقوه وذلك بسبب دعوات لم يسمعوها لكنْ سمِعَها اللطيفُ الخبير. فعليكَ بصنائعِ المعروفِ فإنَّها تجلبُ دعواتِ الغيبِ.” إننا نعلم أن المال له بريقه وله شرهه وولهه لكن عند الجائع وقليل الأصل فقط أما الأصيل يظل أصيلا يتساوى في يده التبر والتراب يقول القائل: إذا امتلأت كف اللئيم من الغنى تمرد كالمرحاض كلما زاد أنتنا** أما كريم الاصل كلما تحمل أثمارا تمايل وانثنى … لقد قيل ليوسف و هو في السجن : إنا نراك من المحسنين وقيل له وهو على خزائن مصر : إنا نراك من المحسنين ..فالمعدن النقي النفيس لا تغيره الصوارف ولا الأحوال ولا تغير الكنوز ولا الأموال .. يقول القائل: وبعضُ الناسِ مَعْدنُهُ أصيلٌ وليس يقاس بالذَّهب النُّحاسُ فَقَدْ تَتَشَابَه الأشْكَالُ لَكِنْ مَكَـانَتُـهَا بِـجَوْهَرِهَا تُـقَـاسُ …إن اليقين هو من أجل النعم وأفضل العبادات ومعنى اليقين هو أن تكون بما يد الله أوثق بما في يدك ويد الناس في يوم من الأيام تأخر حبيب غلام الحسن البصري في إحضار العشاء ،فسأله الحسن : أين العشاء يا حبيب ؟ فقد أهلكنا الجوع !!فقال : يا إمام لقد جاء مسكين فأعطيته كل ما عندنا ، لأني سمعتك تقول..إن اليقين أن تكون فيما عند الله أوثق مما في يدك .. فقال البصري : يا حبيب إنك رجل كثير اليقين قليل العلم ..لو أعطيته النصف..وتركت لنا النصف نتقوى به .. وبينما هم كذلك..إذا بالباب يطرق ، ففتح حبيب فإذا بغلام يحمل إناء مُلئ بما لذ وطاب من الطعام والشراب ويقول قل لسيدك :هذا هدية من سيدي فلان ..فوضعه الغلام بين يدي الحسن ثم تبسم له وقال : يا إمام إنك رجل كثير العلم قليل اليقين ..فتبسم الحسن البصري وقال : * يا حبيب تقدمناك بالعلم..ولكنك سبقتنا باليقين .. والله إنه ينقصنا اليقين في كل شيء في المال والرزق والنصر والشفاء فثقوا بربكم .. من اليقين أن تعلم .. أن الله ألطف من أن يرى خاطر عبده مكسوراً ولا يجبره .. ارم همومك وراء ظهرك .. وتفاءل ولا تيأس .. فالله قادر على كل شيء..