رياض السنباطي فيلسوف اللحن العربي وصانع الكلاسكيات
كتبت : مروة سامي
زي أنهارده من كل عام 30 نوفمبر ذكري ميلاد الموسيقار والملحن المصري ” بلبل الموسيقي” رياض السنباطي فيلسوف اللحن العربي و أحد رواد تجديد الموسيقى العربية، وهو من أشهر الموسيقيين العرب والذي اشتهر بتميزه في تلحين القصيدة العربية، وتميزت موسيقاه بالطابع الكلاسيكي، وهو رمز نفتخر به من احد رموز القوي الناعمه ، تعاون مع اعظم مطربين الوطن العربي ، وكان تعاونه مع كوكب الشرق أم كلثوم بمثابة جواهر ثمينة في تاريخ الموسيقى العربية ، وجمعتهم ببعض علاقة قوية .
نشأته
رياض السنباطي”بلبل الموسيقى” الذي أثرى الغناء العربي بألحان رائعة من الصعب أن تسقط من وعاء الذاكرة ، ولد في مدينة فارسكور محافظة دمياط بشمال دلتا مصر، وكان والده مقرئ يغني في الموالد والأفراح والأعياد الدينية في القرى والأرياف المجاورة، وعاش طفولته مع أبيه وهو يعزف على العود، ويغني الغناء الأصيل والتواشيح الدينية.
وهو في التاسعة من عمره، مسكه والده عند جارهم النجار هاربا من المدرسة، كان لايحب المدرسة ، مسكه يعزف على العود ويغني بصوته أغنية «الصهبجية» لسيد درويش فطرب لصوته، وقرر أن يأخذه معه للغناء في الأفراح، وكان ذلك نهاية عهد عصر سلامة حجازي وبداية عصر سيد درويش، كانت لمصر دنياها، وللأرياف دنياها، .
كما كان بسبب ظهور الأسطوانة والفوتوغراف سنة 1904 ربطت الصلة بين مصر والأرياف ، فاستمع في طفولته إلى عبد الحي حلمي ويوسف المنيلاوي وسيد الصفطي وأبو العلا محمد وتتلمذ على أيديهم من دون أن يراهم، إلا أنه ظل دائما مدينا لوالده الشيخ محمد الذي قام بتعليمه تراث الموسيقى العربية، ومن بينها أغنيات لمحمد عثمان وعبده الحامولي. لم تطل إقامة الشيخ السنباطي الكبير في فارسكور، فنزح إلى مدينة المنصورة عاصمة الدقهلية وألحق ابنه بأحد الكتاتيب، ولكنه لم يكن مقبلا على الدرس والتعليم بقدر إقباله وشغفه بفنون الموسيقي العربية والغناء.
أظهر رياض استجابة سريعة وبراعة ملحوظة، فاستطاع أن يؤدي بنفسه وصلات غنائية كاملة، وأصبح هو نجم الفرقة ومطربها الأول وعرف باسم «بلبل المنصورة»، وقد استمع الشيخ سيد درويش لرياض فأعجب به أعجابا شديداً وأراد أن يصطحبه إلى الإسكندرية لتتاح له فرصاً أفضل، ولكن والده رفض ذلك العرض بسبب اعتماده عليه بدرجة كبيرة في فرقته.
بدايته الفنية
وفي عام 1928 كان قرار الشيخ السنباطي الاب بالانتقال إلى القاهرة مع ابنه، الذي كان يرى انه يستحق أن يثبت ذاته في الحياة الفنية، مثله مثل أم كلثوم التي كان والدها صديقا له قبل نزوله إلى القاهرة، تقدم بطلب لمعهد الموسيقى العربية، ليدرس به فاختبرته لجنة من جهاز الموسيقى العربية في ذلك الوقت، إلا أن أعضاءها أصيبوا بنوع من الذهول، حيث كانت قدراته أكبر من أن يكون طالباً .
لذا فقد أصدروا قرارهم بتعيينه في المعهد أستاذا لآلة العود والأداء.ولم تستمر مدة عمله بالمعهد إلا ثلاث سنوات، قدم استقالته بعدها حيث كان قد اتخذ قراره بدخول عالم التلحين، وكان ذلك في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي عن طريق شركة أوديون للاسطوانات التي قدمته كملحن لكبار مطربي ومطربات الشركة ومنهم (صالح عبد الحي)، (نجاة علي)، (عبد الغني السيد) و(رجاء عبده)، .
علاقته مع أم كلثوم “قصة حياتي”
في منتصف ثلاثينات تعرف على هرم الغناء العربي (أم كلثوم) لتبدأ بينهما رحلة طويلة أعظم شراكة موسيقية عربية حدثت على الإطلاق, شراكة قدما خلالها أعمالاً خُلدت في تاريخ الموسيقى والغناء العربي، ويعد العديدين من النقاد أغنيتهما (الأطلال) هي أفضل أغنية عربية في القرن العشرين على الإطلاق، .
جمعت بينهما صداقة من نوع فريد، فقد تحدث بعد وفاة أم كلثوم أنها كانت تأنس له كصديق بشكل خاص دونًا عن باقي الملحنين قاطبةً، ولم تنته هذه الشراكة العظيمة سوى بوفاة (أم كلثوم) عام 1975، قال عنها (السنباطي) ببساطة:”أم كلثوم هي قصة حياتي”، .
الأطلال
أغنية الأطلال من كلاسيكيات الموسيقى العربية وهي الأغنية التي اعتبرها النقاد تاج الأغنية العربية واروع أغنية عربية في القرن العشرين، كما يعدها الكثيرون أجمل ما غنت أم كلثوم وأروع ما لحن السنباطي، وغنتها أم كلثوم عام 1966 وهي أجزاء من قصيدة الأطلال الاصلية بالإضافة إلى أجزاء من قصيدة الوداع للشاعر إبراهيم ناجي. و لم تكن تلك هي المرة الوحيدة التي تدمج فيها أم كلثوم أجزاء قصيدتين في أغنية واحدة، فقد فعلتها في أغنية حديث الروح والتي لحنها السنباطي أيضا حينما أدمجت أجزاء من قصيدة شكوى مع أجزاء أخرى من قصيدة إجابة الشكوى للشاعر محمد إقبال. ويذكر أن إبراهيم ناجي مؤلف قصيدة الأطلال تعب في اقناع ام كلثوم بغنائها وهو حي يرزق حتى نجح في مسعاه لكن ظروف اندلاع ثورة يوليو حالت دون غنائها.
وفاته وجوائزه
بعدوفاة أم كلثوم بعدة سنوات رحل في التاسع من سبتمبر عام 1981 ليسدل الستار على مشوار أحد أعظم وأشهر موسيقي العالم العربي. يعد (السنباطي) هو الموسيقي العربي الوحيد الذى نال جائزة اليونسكو العالمية عام 1977، بإعتباره “الموسيقي المصري الوحيد الذي لم يتأثر بأية موسيقى أجنبية وأنه استطاع بموسيقاه التأثير على منطقة لها تاريخها الحضاري” بحسب تقديم الجائزة، و أحد خمسة موسيقيين فقط نالوا هذه الجائزة على فترات متفاوتة. وكانت هذه الجائزة هي التتويج لمجموعة آخرى من الجوائز مثل (وسام الفنون من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1964)، (وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى من الرئيس محمد أنور السادات) و غيرها. توفي في 10 سبتمبر سنة 1981م