“شرير الشاشة المصرية” لقبه وتقمص الشخصيات ما ميزه… في ذكرى رحيل “محمود المليجي”
نجم النجوم الذي تالق وعشق الادوار المميزة وابدع في تقديم الشر ولم يفشل في تقديم الطيبة، ابدع في السينما المصرية في زمن الفن الجميل الفنان المبدع الراحل محمود المليجي، كـان الفنان الراحل عضواً بـارزاً في الـرابطة القـومية للتمثـيل، ثـم عضواً بالفرقة القومية للتمثيل،
ولد محمود المليجي يوم 22 ديسمبر 1910، يُعتبر واحدًا من أشهر الممثلين المصريين في القرن الماضي، ويُعد الممثل الأكثر حضوراً في تاريخ السينما والتلفزيون المصري بحصيلة تجاوزت 500 عملّاً فنياً، منها 21 فيلمًا تم إختيارها في قائمة أفضل 100 فيلم بذاكرة السينما المصرية حسب استفتاء النقاد عام 1996.
وعُرف باسم شرير الشاشة المصرية؛ لكثرة تقديم أدوار الشر في أعماله، ومع ذلك كان بارعًا في تقديم أدوار الخير والطبيب النفسي، كما أدى أيضاً أدواراً فكاهية (كوميدية) وكان المليجي عضواً بارزاً في الرابطة القومية للتمثيل، ثم عضواً في الفرقة القومية للتمثيل.
وحصل على جوائز كثيرة منها “وسام العلوم والفنون” عام 1946، و”وسام الأرز” من لبنان عن مجمل أعماله الفنية في العام نفسه.
وقد كرمته الدولة المصرية تقديراً لجهوده ولدوره البارز في مجال الفن فحصل على جوائز عدة، منها «الميدالية الذهبية للرواد الأوائل»، وجائزة «الدولة التشجيعية في التمثيل» عام 1972، و”شهادة تقدير” في عيد الفن عام 1977. كما عُيِّن عضواً في مجلس الشورى؛ وذلك في عام 1980
ولد في عام 1910 بحي المغربلين في القاهرة .ترجع أصوله لقرية مليج بمحافظة المنوفية، تميز بأدوار الشر التي أجادها بشكل بارع. تميز في أدوار رئيس العصابة الخفي، كما قدّم أدوار الطبيب النفسي. ومثل أدوارًا أمام عظماء السينما المصرية رجالا ونساء.
انضمّ محمود المليجي في بداية عقد الثلاثينيات من القرن الماضي – وكان مغمورًا في ذلك الوقت – إلى فرقة الفنانة فاطمة رشدي، وبدأ حياته مع التمثيل من خلالها، حيث كان يؤدي الأدوار الصغيرة، مثل أدوار الخادم على سبيل المثال، وكان يتقاضى منها مرتباً قدره 4 جنيهات.
ولاقتناع الفنانة فاطمة رشدي بموهبته المميزة رشحته لبطولة فيلم سينمائي اسمه (الزواج على الطريقة الحديثة) بعد أن انتقل من الأدوار الصغيرة في مسرحيات الفرقة إلى أدوار الفتى الأول، إلا أن فشل الفيلم جعله يترك الفرقة وينضم إلى فرقة رمسيس الشهيرة، حيث عمل فيها ابتداءً في وظيفة ملقّن براتب قدره 9 جنيهات مصرية.
توفي في يوم 6 يونيو عام 1983 وكانت لحظة وفاته عندما كان يستعد لتصوير آخر لقطات دوره في الفيلم التليفزيوني ايوب في الاستدسو في تمثيل مشهد الموت، وجلس وطلب ان يشرب فنجان قهوة وهنا أخذ يتحدث مع الفنان عمر الشريف الذي يشاركه في الفيلم عن غرابة الحياة عن النوم والاستيقاظ، وفجأةً أمال رأسه كأنها في حالة نوم عميقة، وكل من في الاستديو يعتقدون انه مشهد تمثيلي يؤديه، وأخذ بعض الناس يضحكون مع استمرار شخير الفنان خاطبه الممثل عمر الشريف طالبًا منه ان يكف عن ذلك، ولم يكن يدرك ان المليجي قد توفى في هذه اللحظة وهو يمثل مشهد الموت، مما أثار اندهاش وتعجب الجميع اعتقاداً ان الفنان محمود المليجي يمثل، وآخرون اعتقدوا أنه نام، ولم يدر في بال أحد أنها اللحظة الأخيرة في حياته
حديث الكثير عنه
وقد تحدث يوسف شاهين عن المليجي، فقال: كان محمود المليجي أبرع من يـؤدي دوره بتلقائية لـم أجـدها لدى أي ممثل آخر، كمـا أنني شـخصـياً أخـاف من نظـرات عينيه أمام الكاميرا
وقد ترك المليجي بصماته في المسرح أيضاً منذ أن اشتغل مع فاطمة رشدي، حيث التحق فيما بعد بفرقة إسماعيل ياسين وبعدها عمل مع فرقة تحيَّـة كـاريـوكـا ثـم فـرقـة المـسرح الجـديـد.. وبـذلـك قـدم أكـثر من عـشرين مـسرحية، أهـمـها أدواره في مسرحيات: يوليوس قيصر، حـدث ذات يوم، الـولادة، ودور «أبو الـذهب» في مـسرحية أحمد شوقي “علي بك الكبير”
ولا ننسى أن نشير إلى أن محمود المليجي قد دخل مجال الإنتاج الـسـينمائي مساهـمة منه في رفـع مـستوى الانتـاج الفني، ومحـاربة مـوجة الافـلام الـساذجة، فـقدم مجموعة من الأفلام، منها على سبيل المثال: الملاك الأبيض، الأم القاتلة، سوق الـسلاح، المقامر.
وبذلك قدم الكثير من الوجوه الجديدة للسينما، فهو أول من قدم فريد شـوقي، تحية كاريوكا، محسن سرحان، حسن يوسف، وغيرهم. لقد مثل محمود المليجي مختلف الأدوار، وتقمص أكثر من شخصية: الـلص، المجرم، القوي، العاشق، رجل المباحـث، البوليس، الباشـا، الكهـل، الفـلاح، الطبيب، المحامي.. كما أدى أيضاً أدواراً كوميدية.
لقد كان محمودالمليجي فناناً صادقاً مع نفسه حيث تزوج من رفيقة عمره الفنانة «عُلوية جميل» سنة 1939 وبقى مخلصاً لها على مدى أربعة وأربعـين عامـاً حتى وفــاته وكـان إنساناً مع زملائه الفنانين، وأباً روحياً لهم، ورمزاً للعـطاء والبـذل والصمود أمام كـل تيـارات الفن الرخيص
بالرغم من أنه اضطر للعمل في أعمال تجارية في السبعينات مثل ألو انا القطة إلا أنه يعد رمزاً لفنان احترم نفسه فاحترمه جمهوره.
في بعض الصحف
ولعل الحوارات الإذاعية والتلفزيونية التي أجريت مع المليجي، كشفت عن موهبة أخرى، وهي قدرته الفائقة على السرد المشوق لبعض المواقف في حياته، واهتمامه بأدق التفاصيل، وهي صفات تجتمع في أديب أو كاتب روائي، وتفسر لماذا اقتحم «الشرير» مجال كتابة السيناريو والحوار لأفلام «المغامر» 1948 للمخرج حسن رضا، و«الأم القاتلة» 1952 للمخرج أحمد كامل مرسي
و«وعد» 1954 للمخرج المخرج أحمد بدرخان. كذلك ألّف قصة فيلمي «سجين أبو زعبل» 1957 للمخرج نيازي مصطفى، و«المبروك» 1959 للمخرج حسن رضا، ويعد الأخير إحدى أنضج تجاربه في الكتابة، وجسد فيه شخصية المحتال الذي يطوف القرى، ويخدع الناس بقدراته الخارقة، وتنتهي الأحداث بدخوله إلى السجن.
وفي هذه الأفلام التي كتبها أو أنتجها، دفع المليجي بكوكبة من النجوم والوجوه الشابة، كفريد شوقي، وسراج منير، وأحمد رمزي، وهند رستم، وزهرة العلا، وأمينة رزق، ومحسن سرحان، وكمال الشناوي، وشكري سرحان، ونور الشريف وغيرهم، وتعامل مع أجيال من المخرجين. وبينما تعثرت تجربته الإنتاجية لتضم أربعة أعمال فقط، ظهرت الحماسة للتأليف في أعوام متتالية، ليتفرغ بعدها للتمثيل تماماً، ويتخلى عن مواهبه الأخرى.