شيزوفرينيا الدراما .. بقلم الكاتب الصحفي والمؤرخ: محمد الشافعي 

اعتاد صناع الدراما في مصر منذ سنوات طويلة على تحويل شهر رمضان المبارك إلى موسم ضخم للدراما التليفزيونية ورغم الأضرار الكثيرة لتلك التخمة الدرامية إلا أننا لا نتوقع أن تختفي هذه الظاهرة قريبا. وقد تكشفت مسلسلات هذا العام عن حالة غريبة من الشيزوفرينيا الدرامية نستطيع أن نجمل أهم ملامحها فيما يلي:

أولاً: شهد الشهر الكريم عرض أكثر من ثلاثين مسلسلا حظي ثلاثة منها برؤية وطنية مهمة للدرجة التي تجعل منها دراما الأمن القومي وهذه المسلسلات. هي الاختيار 2 – هجمة مرتدة – القاهرة كابور. وتعالج هذه الأعمال مجموعة من القضايا المهمة يأتي في مقدمتها الجهود الجبارة التي تبذلها الدولة لمواجهة التطرف والإرهاب.

ثانيا: تقدم الغالبية العظمى من بقية المسلسلات قضايا غريبة وشاذة تدور في فلك البلطجة والفساد وتجارة المخدرات. ومن السهل اكتشاف أن كمية السلاح الموجودة في مسلسلات رمضان هذا العام تفوق تسليح جيوش بعض الدول والأسوا أن بعض هذه المسلسلات يقدم بعض الفئات على أنها صاحبة سلطة تتوازى مع سلطة الدولة. وقد تتفوق عليها حيث يمتلك صاحب هذه السلطة جيشاً مسلحا كما ظهر في مسلسل نسل الأغراب مثلا. والمؤلم أن غالبية هذه المسلسلات من إنتاج شركات تابعة للدولة المصرية فهل ينظر مسؤولو هذه الشركات إلى مصر على أنها واحدة من جمهوريات الموز حيث جماعات المافيا وتجارة المخدرات وانتزاع السلطة الشرعية للدولة.  

الشيزوفرينيا وتأثيرها علي الدراما الرمضانية

ثالثا: لم تضرب حالة الشيزوفرينيا الدراما الرمضانية فقط ولكنها امتدت إلى الإعلانات الكثيرة. والتي لايشاهدها أحد تقريبا حيث انقسمت هذه الإعلانات إلى نصفين الأول شديد الاستفزاز. والذي يقدم القصور والفيلات والكومبوندات لمجتمع غالبيته العظمى من الغلابة. والبسطاء أما النصف الثاني فيطلب من المشاهدين تبرعات لبناء وتجهيز مستشفيات. وغيرها من المشروعات الخيرية والسؤال لماذا لا يقدم أصحاب الإعلانات المستفزة تلك الملايين الكثيرة مساهمة منهم في إنجاز المشروعات الخيرية. وبالطبع لا مانع أن يتم ذلك من خلال صيغة إعلانية جذابة تعلن عن القصور والفيلات والكومبوندات. وفي ذات الوقت تقدم دعما حقيقياً لإنجاز تلك المشروعات الخيرية التي تخدم ملايين الغلابة والبسطاء.