طارق محمد رشدي: وحكايات عن والده لم يعرفها الجمهور من قبل
إعداد/ دعاء نصر
(نجوم زمن الفن الجميل)
نجوم رحلوا ولكن تظل ذكراهم خالدة
“مع أبناء وأحفاد النجوم في عالم النجوم “، رغم رحيلهم إلا أنهم تراكوا بصمة وأثر كبير لن ينسى علي مر الزمن، رحلوا ولكن تركوا لنا ثروة كبيرة من أعمالهم الفنية “الذهبية”. رحلوا وتركوا لنا ثروة أخرى وهي أبناءهم وأحفادهم الذين يعيشون معنا لنسعد بوجودهم ورؤياهم والتواصل معهم ليشعرونا بمقولة “ان اللي خلف مامتش”
هنا نبدأ الحديث:
لنجوم الفن حكايات وروايات يعيشوها على شاشة السينما و التليفزيون و المسرح و أمام ميكرفون الإذاعة أيضًا. ويحصلون بعدها على تصفيق الجمهور وإشاداتهم والإعجاب الشديد بهم.
وفي ظل تجسيد الشخصيات التي يبرعون في تأديتها بمهارة وأحتراف. إلا ان هناك دائما حكاية لا يعرفها الجمهور عن هذا النجم لذلك ألتقينا بأبناء وأحفاد الفنانين العظماء الذين فارقوا الحياة ليحكي لنا كلا منهم حكاية عن والده أو عن جده لا يعرفها أحد ..
معنا في ضيافة عالم النجوم الأستاذ طارق محمد رشدي نجل النجم الكبير محمد رشدي ليروي لنا حكاية من حكايات والده لم يعرفها أحد ..
قولوا لماذون البلد …ملحمة أدهم الشرقاوي …عرباوي …كعب الغزال …خمسة عشر عاما وأكثر مرّت على رحيل أحد ثلاثى صناعة الاغنية الشعبية فى مصر.. مثلث الأبنودى بليغ، رشدي …اليوم نستعيد جوانب متجددة ونفتح صفحات لم يقرأها أحد عن حياة نجم الاغنية الشعبية الراحل الفنان محمد رشدي يسردها خصيصا لعالم النجوم نجل الفنان القدير الأستاذ طارق رشدي.
طارق رشدي يستكمل حواره قائلاً
حفظ والدى رحمه الله القرآن الكريم كامل فى مدينتا الأم -دسوق -قبل ان يأتى إلى القاهرة خصيصا للالتحاق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى. ومن ثم فتحت الإذاعة المصرية له أبوابها بعد ان حقق أول نجاح جماهيرى له فى أولى اغنياته ( قولوا لماذون البلد ). والتي كانت من ألحان والدي وكلمات الشاعر محمد فتحي مهدي ومن ذكريات والدي خفيفة الظل عن هذه الحقبة ان ظروفه المادية كانت صعبة فى البداية.
وكان يغني مرة واحدة شهريًا في الإذاعة وفي هذه المرة يصطحب البقال والجزار والمكوجى وكل الدائنين عبر شهر كامل ليقبض ثمن الأغنية ويسلمها لهم مباشرة استعداد ا لشهر قادم من الديون وهكذا ..إلى ان جاء يوم صبيحة ثورة يوليو فدخل والدي رفقة “الدائنين “. كعادته ففوجئ بأحد ظباط الثورة المسئولين عن تأمين مبنى الإذاعة ينهره قائلا: اليوم ثورة ولا غناء وصرفه من الموقع ..فبكى والدي نظرًا لما ينتظره من الدائنين فكر وقتها الرئيس السادات فرق لحاله. وسمح له بالغناء …هذا من ذكريات أبي التى لم ينساها أبدا ..
أغنية كعب الغزال يامتحنى
ومثلها يوم ان كان لديه حفل فى بورسعيد وكانت بورسعيد قبل أيام قد تعرضت لزلزال خفيف وكانت اغنيته الشهيرة ( كعب الغزال يامتحنى ) فى هذه المرحلة تكتسح مصر ومطلوبة وفيها مقطع ( ماتبطّل تمشى بحنيّه لايقوم زلزال ). فتشاءم البعض ورفضوا ان يغنيها والبعض مصمم ان يغنيها وبدأ صراخ المختلفين من الجمهور وأحتار والدي رحمه الله إلى ان قطع الصراخ صوت من الصالة يقول ( غنيها ياعم رشدي والاعمار بيد الله ) فضحك والدي وضحك الناس وغناها بإبداع فى تلك الليلة…واما مالا يعرفه الناس فهو ان والدي كان لديه مشكلة مع حرف “الراء ” وهذه كانت لها قصة حيث كان والدي من عشاق الست “ليلى مراد” مع انه كلثومي الأداء لكنه كان يعشق فن ليلى مراد عشقًا خاصا.
ويحرص على دخول أفلامها التي لم يكن يملك قيمة تذكرتها ولاحظ من تردده ووقوفه أمام باب السينما ان المسئول عن الدخول فى غمرة الزحام لاينتبه بعد ان يقطع نصف التذكرة ويقذف بها إلى الارض .. فما كان من والدى رحمه الله سوى جمع هذه التذاكر يوميًا. واعادة لصقها ثم الدخول بها وأستمر على هذا الحال إلى ان اكتشف المسئول تلك الخدعة فضرب والدى الذى وقع على الارض. مما تسبب فى جرح جزء من لسانه جعله عاجزًا عن نطق حرف الراء بشكل سليم. ولكنه كان يجتهد لدرجة ان جمهوره لم يلاحظ ذلك ابدا …”انشراح ” وصبريه” فهما اسمان لايعرفهما الجمهور وهما شقيقتا أبي رحمة الله عليه حيث انه كان وحيد والديه من الذكور ..
جدته غلقت أمامة أبواب الفن والغناء
ولذلك كانت جدته حريصة عليه وتغلق أمامه أبواب الفن والإناء. وتنهره وتشكوه لابيه كلما تأخر لان والدي كان من عشاق المواد. ويحرص على حضورها والاستماع إلى الفنانين الشعبيين الذين يفدون إلى مولد سيدي إبراهيم الدسوقى فى مدينة دسوق حيث ولد أبي.
ولذلك عندما سالته رحمة الله عليه عن رأيه فيما يسمى بالفن الشعبى ضحك وقال لى يا طارق كان هناك مطربًا يقف في المولد. ويغني مقطع فيه ( أنام ما انامش أنا حر ) فيهتاج الناس ويطلبون الإعادة. وهذا مايفعله الان مطربوا الفن الشعبي باحثين عن “الزيطة” بدون تقديم اى قيمة فنيه لهذا النوع. والذي هو تراث الشعب وذاكرته الخالدة.
لا يمزح في فنه ويحترم مهنته
والحقيقة ان والدي كان لايمزح في فنه أبدا ويحترم مهنته لدرجة انه. وحتى رحيله كان فى قلبه غصّة من تقليد الفنان الكبير سمير غانم له أثناء قيامهم بتمثيل فيلم ( شاطئ المرح ).
وهذا لاحترامه كما قلت لقيمة مايقدمه وحرصه على اتقانه و فى آخر أيامه اصيب رحمة الله عليه بمرض خبيث فى العظام وفشل كلوى. ولم نخبره أبدا عن طبيعة مرضه وكان يعتقد انه مصاب بهشاشة العظام … وفى النهاية اوجه شكري الخاص لجريدة عالم النجوم لحرصها على فناني الزمن الجميل وفن الزمن الجميل .