عاجل … موسيقى الـسبليمينال مابين العلاج والموت
انتشرت مقاطع فيديوهات موسيقى الـسبليمينال مؤخرًا بغرض العلاج من أمراض معينة أو لتحقيق حلم الرشاقة وخسارة الوزن، غير أن تلك المقاطع باتت تُشكل خطرًا كبيرًا على من يسمعها، وبات علينا الحذر من الرسائل والذبذبات اللاشعورية الموجودة داخل هذه المقاطع، والتى قد تكون داخل آلة البوق أو آلة الهارمونيكا أو داخل النص الكتابى المُتحرك أثناء المشاهدة أو الأمر الأكثر خطورة من ذلك، والذى أدى لقتل المئات من الأطفال، أنه قد تمرر رسائل انتحارية خفية ضمن الرسومات الكاريكاتورية داخل فيلم كرتونى يُشاهده الأطفال ممزوجًا بتلك الموسيقى، تُشجعهم على قتل أنفسهم دون أن يشعروا.
فى سطور التحقيق التالى نحاول التعرف على طرق التقاط وفرز هذه الرسائل غير المرئية والمنبهات السمعية الخفية، وطرق حمايتك من تأثيراتها الضارة على خلايا المخ، وكيفية حماية نفسك وأطفالك من موسيقى فيديوهات القتل.
يروى أحد الأطباء المعالجين لـآخر ساعة: حضر العيادة منذ خمس سنوات شاب مُثقف يُدعى حسام، وكان مهووسًا لدرجة الإدمان بسماع نوع معين من الموسيقى شد انتباهه إليها داخل فيديوهات علاجية منتشرة على شبكة الإنترنت تحت عنوان الـسبليمينال، والتى تعنى فى اللغة العربية افيديوهات خارج حيز الإدراك أو الفيديوهات السحرية أو اللاشعورية، ولأنه لم يكن يفهم المعنى الحقيقى الذى تعنيه هذه الكلمة الأجنبية فوقع للأسف تحت تأثير المخدرات الموسيقية دون أن يشعر.
أضاف الطبيب، وهو متأثر بحزن شديد، إنه بعد فترة من انتحار هذا الشاب قرأ بعضاً من الرسائل العلمية المنشورة، والتى تحذر من موسيقى تدعو للانتحار، فتذكر هذا الشاب على الفور، فهو برغم نصائحه له بعدم سماع هذه الموسيقى، إلا أنه لم يهتم واستمر فى سماعها، بينما لم يكن لدى الطبيب وقتها الأدلة العلمية التى تقنعه بخطورتها.
والحقيقة أنه فى عام 1985 برأت المحكمة، المسئول الأول عن الفرقة الموسيقية روب هالفورد من تهمة مسئوليته عن قتل الشابين ريموند بيلنكاب، 18 عامًا، وجيمس فانس، 20 عامًا، وذكرت المحكمة فى حيثياتها أن هذه المنطقة لا تزال غامضة، وتركت باب الحكم مفتوحًا فى قضايا الـسبليمينال أو الرسائل اللاشعورية حتى تنتظر وترى، وذلك بسبب عدم وجود دليل علمي يُثبت اتهامهم بقتل الشابين جراء ذنبهم بالإخفاء الخلفى فى اللحن، والذى ظهر صوت زفيره داخل عبارات خفية فى أغانيهم مثل عبارة احاول الانتحار واأفعل ذلك وادعونا نكون أموات.
وبعد عدة سنوات وبرغم حذف معظم هذه الفيديوهات الـسبليمينالية من يوتيوب إلا أن رسالتنا تبقى ضرورية وهامة لزيادة التوعية بمخاطر الـسبليمينال سواء حذفها يوتيوب أو ظلت باقية ومنتشرة.
وقد درس علماء أجانب فى السنوات الأخيرة تأثير الموسيقى على المزاج وعلى الأمراض العقلية، ونشرت دراسة أجنبية فى مجلة علمية تسمى التدخل فى الأزمة ومنع الانتحار بالجمعية الأمريكية لعلم النفس بواشنطن، تُحذر من وجود رسائل لا شعورية محتملة تشجع على الانتحار ومنتشرة على تطبيق اانستجرام كيدزب، موجودة داخل فيديوهات موسيقية موجزة ليس للمستخدمين وعى بها، وأكدت الدراسة أن هذه الفيديوهات احتلت السبب الرئيسى الثانى للوفاة بين أطفال تتراوح أعمارهم بين 15 لـ29 سنة، لكنها لازالت قيد البحث العلمى والدراسة حتى الآن.
صانعو هذا العالم المُتنكر والمُثير جمعوا بين أمرين هما مفهوم الانتحار وعلم الـبسبليمينال، فالانتحار هو مشاعر انتحارية تملأ الأشخاص بأفكار مُجردة لإنهاء حياتهم كما تملؤهم بشعور يؤكد لهم أن من حولهم سيصبحون أفضل بدونهم، أما علم الـبسبليمينالب فهو علم التأثير على الأفكار والمعتقدات بهدف تغيير السلوك بالدعاية اللاشعورية أو دعاية ما وراء الحواس، التى تتحكم فى العقل الباطن وترسخ إدراكه الخفى بالمُحفزات، فيتبع الشخص سلوكاً ما ويظل يتذكره لفترات طويلة دون أن يدرى، حتى وإن كانت فترة تعرضه لهذا المُحفز لا تتعدى ثواني محدودة، مثل اصورة تومض ومضة لفترة قصيرة ثم تختفى، أو منبهات سمعية سريعة لكنها تصل لأعمق منطقة إدراك عند الإنسان وفى أقل من فيمتو ثانية.
وعن إمكانية تحكم علم الـبسبليمينال فى اللاوعى سواء بالموسيقى أو بالرسائل، تفسر الدكتورة مريم نور الدين، استشارى العلاج النفسى، بأن العلم أثبت تأثير الموسيقى على لا وعى الإنسان، أما وجود هرمون يساعد على الانتحار فهذا أمر غير مثبت علميًا، فالموسيقى تجعل المخ يفرز هرمون السيروتومين أو هرمون السعادة، لكن هذه الدراسة الأجنبية تطرقت لأمر هام وجديد، وهو تأثير الـاسبليمينالب على لا وعى الإنسان، وصنفت الناس نوعين وفقًا لـاحد عتبة الوعيب عندهم، فكلما كانت حدود اعتبة الوعيب منخفضة نشط إدراكه الخفى فصحصح عقله ولن يؤثر فيه الـاسبليمينالب، وكلما كانت حدود اعتبة الوعىب مرتفعة تأخر إدراكه الخفى فغفل عقله وتأثر سريعا برسائل الـاسبليمينالب الخفية، ونتيجة لهذا يستقبل الشخص بكل سهولة رسائل إيحائية لها علاقة بالانتحار، أو يستقبل تركيبات موسيقية توضع داخل موسيقى توفر له مزاجًا يُساعد على الانتحار، وهذه النتائج العلمية ليست تهمة لنوع موسيقى بعينه، وإنما تؤكد وجود درجة مخاطبة للوعى بالموسيقى الـاسبليميناليةب، مُضيفة أن هذا العلم الجديد استمدت فكرته من فكرة االبلاسيبو إيفيكتب أو علم الإيحاء المستخدم من قبل الأطباء والصيادلة فى تجارب الدواء، وله مرجعية علمية يستخدم فى علاج المرضى بالإيحاء أو بالأقراص الوهمية.
وعن كيمياء المخ التى يعتمد عليها هذا العلم، سألنا الدكتورة إيمان صادق، أستاذ السمعيات بجامعة عين شمس، والتى أكدت أنه تم استخدام تدريب التكامل السمعى فى التسعينيات، لعلاج الأطفال مرضى التوحد ومرضى قصور الانتباه وفرط الحركة، ولكن باستخدام منبهات سمعية إيجابية وبأنواع معينة من الموسيقى امرصوصةب بطريقة معينة لتزيد الانتباه لديهم، كما استخدم علم السمعيات قديما فى العلاج بزراعة القوقعة داخل الأذن لعلاج ضعاف السمع، وذلك عن طريق تحفيز العصب السمعى بالموسيقى لتوصيل الصوت للشخص.
من جانبها، حذرت الدكتورة سناء زيادة، باحث فى العلوم العقلية والفيزياء، وخبيرة التنمية البشرية قائلة: ابينما أنت جالس ومستمتع بأغنية ولحن جميل إذا كنت لا تفهمه أغلقه فورا، وذلك قبل أن تُحاصر بترددات صوتية وذبذبات غير مفهومة، قد تسبب لك اكتئابًا أو تحفز لديك هرمونات الرغبة فى الانتحار، فالعلم أثبت وجود المخدرات داخل أجسادنا وليس خارجها، وأثبت أنها تفرز بطريقة طبيعية، ومن هذه الحقيقة العلمية التقط تجار المخدرات الرقمية الفكرة وقاموا بتصنيع ذبذبات مرتبة مهمتها المرور فوق المراكز العصبية الموجودة داخل الجهاز العصبى لجسد الشخص، لتحفيز الهرمونات المخدرة الطبيعية الموجودة داخل مخه.
أَضافت، وإدراكا من صانعى موسيقى فيديوهات الـبسبليمينالب أن الشعوب العربية متدينة ولا تلجأ للانتحار الواعى، بدأوا فى تصميم موسيقى اسبليميناليةب لا شعورية لن نستطيع أن نراها أو نسمعها، تمرر لهم داخل أغانيهم وأفلامهم المفضلة، ولأن لكل مركز عصبى داخل المخ ذبذبة معينة تؤثر عليه من الداخل باتت هذه المافيا لا تضطر إلى أعطائنا أدوية ومخدرات من الخارج، فهى كل ما تحتاج إليه سرقة الوعى، وحتى لا يصبح وعيك غير قادر على وقف تنفيذ أمر الانتحار، انتبه ألا يكون داخل الفيديو الذى تشاهده أو تسمعه كلامًا غير مفهوم، أو ذبذبات غير مفهومة، فراعى ألا يوجد فيما تسمعه بعض آلات النفخ مثل آلات البوق والهارمونيكا بشكل غير مقبول، حتى لا تتسلل إليك ألحان وكلمات اواضحة أو مخفيةب تحفز لديك هرمونات الإحباط واليأس والاكتئاب والقلق والتوتر والحزن، عبر تحفيز وتنشيط المراكز العصبية المسئولة عن ذلك.
الموسيقار حلمى بكر، يرفض تأييد نتائج هذه الدراسة، مؤكدا أن الموسيقى لم ولن تكون باعثا للاكتئاب، حتى الناى الحزين ينقلك بجملته الموسيقية إلى عالم الحس والبهجة، والموسيقى وجدت قبل الخليقة، والموسيقى عمومًا بريئة من هذه الاتهامات، والكلمات هى المسئولة عن الاكتئاب وهدفها تخريب المنطقة العربية بأيدى عصابات الغناء الدولية، والتى تتسلل إلينا عبر أغانى المهرجانات الهابطة وأغانى العرى والألحان المستهلكة وأصحاب الأصوات الرديئة.
ويؤيد الرأى السابق، الموسيقار الكبير هانى مهنا، والذى قال: الست مع تلك الدراسة فالموسيقى تُهذب الروح وتداعب الوجدان وتبنى بنية بشرية سليمة، ولو فكر شخص فى الانتحار، إذا سمع الموسيقى سيعزف عن فكرته فورًا، فالموسيقى اليوم تؤثر بالإيجاب على الزراعة وعلى الحيوان وعلى الطفل الجنين فى رحم أمه.
الدكتور رشاد عبد اللطيف، أستاذ تنظيم المجتمع، نائب رئيس جامعة حلوان، يرى أن هذا النوع من الموسيقى يؤثر على خلايا المخ، وعلى الغرائز الخاصة بالإنسان، وانتشرت هذه الموسيقى بين الشباب وجعلته غير قادر على اتخاذ القرار، ومشتت بين اختياراته، فهى تؤثر عليه لا شعوريًا فيصاب بإدمانها، مشيرًا إلى أن طبيعة صوتها تؤثر على الخلايا السمعية فيتغير مزاج الشباب فيدخل إليه نوع من الانحراف يُسلبه نفسه ويُسلبه حياته، مُضيفًا أنه لا يوجد أحد يتحدث مع الشباب فى هذا الأمر ويحذره من خطورته.
أضاف، أنه تم اكتشاف هذا النوع من الدعاية التى تؤثر على المنطقة اللاشعورية أو ما وراء الحواس فى الإنسان عام 1943، وتم تسميتها بدعاية الـبسبليمينال وهى أحدث أنواع الدعاية، الإيجابى منها استخدمه رجال الأعمال والمشاهير بنجاح، أما السلبى فهو من يستخدمه مافيا المخدرات الإلكترونية للشباب وهم يسمعونهم اميوزيك النهاية.