عبير يونس .. تكتب: قتل زوجته من أجل كوب شاي
كان هذا العنوان مرعبا لطفلة في الثامنة في الثمانينات الميلادية عندما قرأته كعنوان في جريدة أخبار الحوادث الورقية.. هل يمكن لأحد أن يقتل من أجل كوب شاي؟! لم يتسع إدراك الطفلة لحقيقة أن معظم النار من مستصغر الشرر.. العنوان صادم و مخيف للكبار أيضا ..كوب شاي لم يكن ليحفز شخصا عاقلا ليقوم بإزهاق روح انسان..
لكنه كما يقال: القشة التي قصمت ظهر البعير.. و لكن كيف يمكن أن يؤدي كوب من الشاي لجريمة قتل نكراء و بين زوج و زوجة، المفترض أن بينهما سكن و مودة ورحمة؟! كيف يمكن للسكن أن يتحول إلى اغتراب و تصبح المودة حقدا و غلا و كرها ومقتا نهايتهم الحتمية إزهاق نفس؟؟
إنه غياب الرحمة!
هل غابت الرحمة حقا؟ و هل لتقدم الزمن أثر في ازدياد عدد الجرائم التي تبرز ذلك الغياب؟
تقول هويدا: “الشر زاد جدا مؤخرا وماعادش في رحمة في قلوب الناس” و تضيف سلمى: “الأخ بيبع أخوه و الدم بقى بيبسي كمان مش مية”
أتأمل في تلك العبارات التي تمثل يأسا واضحا من جدوى العلاقات الإنسانية ووصولها إلى طريق مسدود!
كثيرا ما تردد في السنوات الأخيرة أن التقدم التكنولوجي وظهور وسائل التواصل الاجتماعي عبر الانترنت ، والذي يملأ هواتفنا الذكية، هو السبب في التفسخ الاجتماعي!
تقول نهى: “أعتقد أن التفكك الأسري موجود منذ قديم الأزل و في كل المجتمعات، وربما أظهرته و أبرزته وسائل التواصل المتقدمة. فالخبر الآن ينتشر في جزء من الثانية من أقصى الشمال لأقصى الجنوب و من مشارق الأرض لمغاربها!”
القطة المغمضه :
وأذكر اعتراضي الشديد منذ الطفولة على تعبير “القطة المغمضة” لوصف البراءة و كنت دوما أواجه القائل: ماذا لو فتحت القطة؟ ما الضمان أن تظل بريئة؟؟
هل تسبب الإعلام في كل الكوارث بتفتيح العيون “المغمضة”؟؟
هل تتسبب الخمر بالقتل؟؟ أم للقاتل دوافعه المسبقة و التي فقط تحررت بفعل السكر (بضم السين و تسكين الكاف) يبدو السؤال بعيدا عما نتحدث عنه.. و لكنه هو نفس سؤال هل سكينة المطبخ التي تستخدم للطهي هي أداة لجريمة؟ أم هو التبرير من أجل التمرير؟
نحكي أم نصمت؟ نخبر و نعلم أم نخفي ونكتم؟
ومن سيخبركم أن كوبا من الشاي كان بداية لجريمة بعد أن كان نهاية لعلاقة إنسانية مهترئة و تفتقد لكل صور الرحمة التي أفقدت ذلك الزوج صبره على تلك الزوجة التي رفضت أن تمنحه كوبا من الشاي.. لم يتحمل المزيد من الرفض ربما.. و ربما انهارت جبال التحمل لديه لحياة بائسة و علاقة غير سوية.. ربما بها و ربما بنفسه.. لعله لم يكن الرفض الأول من تلك الزوجة ولكنه حتما كان الأخير..