عاجلعالم الفن

عدلي كاسب… الموهبة التي ماتت كما تمنت أن تحيا

عدلي كاسب… الموهبة التي ماتت كما تمنت أن تحيا

عدلي كاسب… الموهبة التي ماتت كما تمنت أن تحيا
عدلي كاسب

كتبت / دنيا أحمد

عدلي كاسب لم يكن مجرد ممثل موهوب، بل كان أحد أولئك الذين يسكنهم الفن بكل تفاصيله. يملك قدرة استثنائية على التقمص والإقناع، تجده في دور رئيس التحرير الساذج في “بلّلم في طاقية الإخفاء”، ثم تراه الجزار المخيف في “السفيرة عزيزة”، أو الخال الهادئ في “العريس يصل غدًا”، وحتى “أبو لهب” الذي اشتهر به رغم كراهيته الشخصية لهذا اللقب.

كان إنسانًا بسيطًا ومتواضعًا، يحب بيته وأصدقائه حبًا حقيقيًا. كان من المقربين لعبد المنعم إبراهيم، شكري سرحان، سعيد أبو بكر، وإبراهيم سعفان، وكان يكن احترامًا بالغًا للفنان الكبير حسن فايق، حتى أنه كان الوحيد الذي داوم على زيارته بعد إصابته بالشلل، يطمئن عليه ويجلس معه دون ضجيج أو ادعاء. عدلي كاسب كان يعرف قيمة الصداقة وقت الغياب، لا وقت الأضواء.

عدلي كاسب… الموهبة التي ماتت كما تمنت أن تحيا
عدلي كاسب

كان ملتزمًا دينيًا بطريقته الخاصة؛ لا تفوته صلاة جمعة في مسجد سيدي الأنصاري بمصر القديمة، ولا خميسًا في الحسين. يحترمه الناس في الشارع وينادونه بأسماء شخصياته، لكنه كان يشعر بالحزن حين يسمع لقب “أبو لهب”، رغم احترافيته في أداء الدور، لأنه لم يكن يحب أن يُربط اسمه بشخصية تعارض ما يؤمن به ويعيشه من تقوى وصلاح.

رغم النجاح والشهرة، ظل عدلي كاسب إنسانًا يرى في كل فنان – حتى من يعمل في الشارع – زميلًا يستحق التشجيع. يحكى أنه ذات مرة توقف بسيارته ليتابع عرضًا لأحد المهرجين في الشارع، وقال لابنه: “ده فنان يا بني.. لازم أشجعه.”

كان يخاف من مرض القلب، إذ توفي ثلاثة من أشقائه بالسكتة القلبية. وحين بدأ يشعر بألم أثناء بروفات أحد الأعمال، عاد إلى منزله وهو يدرك أن النهاية قد اقتربت. كان يردد دومًا أمنيته بأن يموت وهو يستمع للشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وقد تحققت أمنيته: وجدته أسرته في الصباح راقدًا مبتسمًا، بجواره صوت عبد الباسط، كأنما اختار لحظة الرحيل.

عدلي كاسب… الموهبة التي ماتت كما تمنت أن تحيا
عدلي كاسب

لم يُعرف عنه خلاف مع أي فنان، وكان سبّاقًا في السؤال والمساعدة لكل من مرّ بأزمة. ربى أبناءه الأربعة على نفس القيم: ممدوح، كاسب، أمينة، وإيهاب. وورث ابنه ممدوح شغف التمثيل، وظهر في دور مميز في مسلسل “عباس الأبيض في اليوم الأسود”، قبل أن يتوفاه الله عام 2014.

عدلي كاسب، فنان من طراز نادر، جمع بين الموهبة الطاغية والروح الإنسانية الخالصة. رحل كما تمنى… في سكون، على صوت يتلو القرآن، وعلى وجهه ابتسامة رضا. رحم الله عدلي كاسب، وأسكنه فسيح جناته.

عدلي كاسب… الموهبة التي ماتت كما تمنت أن تحيا
عدلي كاسب

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى