عدو نفسه .. بقلم: د. عبير منطاش
من الطبيعي أن نسمع أن واحد من الناس له عدو يكرهه ويحقد عليه، يدبر له المكائد ولا يتمنى له الخير٠
لكن ليس من الطبيعي أن يصبح الإنسان أكبر عدو لنفسه!!!هذه قصتنا اليوم “عدو نفسه”
حسين لم يكمل دراسته وفضل العمل مع والده في التجارة، أحب جارته مروة وكانت طالبة في الجامعة وبعد انتهاء دراستها تقدم لخطبتها٠
والد مروة متوفي ووالدتها هى التي تربيها هى وأخواتها، كان والد حسين رجل صاحب تجارة ومال٠
وافقت مروة على الزواج من حسين مع الفارق التعليمي بينهم؛ لأنها تحبه وكانت تظن إنه سيعوضها عن أبيها ويوفر لها البيت والسند والأمان ٠
وتزوج حسين من مروة لكنها انصدمت في إختلاف المعاملة لقد تغير حسين وأصبح عصبيا قاسيا٠
لم تريد مروة أن تصارح والدتها بما يحدث من إهانات ومعاملة جافة من زوجها، لم تريد أن يتحدث أحد ويقول لها إنه إختيارك٠
ومرت الأيام والسنين واختلف حسين مع والده وترك العمل وأصبح يقضي معظم الوقت في البيت٠
وحاول الأب جاهدا أن يجعل إبنه يعود للعمل لكنه رفض وأصبح ينظر لوالده على إنه رجل ظالم أخذ حقه٠
وإنه يفضل إخوته عليه، وظل حسين متمسك برأيه وعناده ورفض الرجوع لوالده٠
ولم يقف بجانبه إلا حماته والدة مروة ونتيجة معاملته الفظة لأبيه وإخوته إبتعدوا عنه وأصبح في عزله عن الجميع حوالي 10سنوات٠
حزن والده على طريقة تفكيره ومعاملته السيئه له؛ حتى وصل الأمر أن يتجرأ على والده ويشتمه أمام الناس٠
لم يتحمل الأب وحزن ومرض مرضا شديدا وطلب لقاء إبنه وتحدث معه ووضح له إنه ما كان في يوم يظلمه وإنه ما كان يريد أن تصل الأمور لهذا الحد٠
وتوفى الأب واستعد حسين وإخوته لتقسيم الميراث وهنا بدأت الخلافات والنزاعات بين الإخوة ٠
فهم ينظرون لحسين على إنه سبب مرض ووفاة والدهم، وهو ينظر لهم على إنهم سبب خلافه مع والده وإنهم سبب عزلته 10سنوات يعاني من الفقر٠
ومن المحزن حقا أن حسين ظل يكره والده حتى بعد وفاته، وفي كل مشكلة كان يواجهها كان يدعوا على والده المتوفي ومع كل هذه الأحداث تحملت مروة غضب وسوء خلق حسين الذي أصبح أكثر قسوة وعداوة للجميع للأهل، الجيران، حتى زوجته وأولاده٠
أولاده أصبحوا يبتعدوا عنه تدريجيا، عندما يدخل المنزل يختبئ الأولاد خوفا من غضب والدهم٠
ومروة تتحمل وتتحمل مرضت مروة نفسيا، وأصبحت تكره الحياة لكنها لا تعرف ماذا تفعل أتتركه وتطلب الطلاق؟ أم تنتظر من أجل أولادها ٠
وعاشت مروة في صراع نفسي تحاول التأقلم من أجل أولادها، وحسين في دائرة الميراث مازال يلهث ولايستطيع الحصول على شيء٠
يخطط ويدبر ويتشاجر مع إخوته، يعمل يوما ويجلس شهورا بلا عمل وظل الحال بهذا الوضع سنوات٠
إلى أن جاءت الفرصة لمروة لتعمل في شركة استثمارية بمرتب كبير وافق حسين بهدف تحسين مستوى المعيشة وهنا بدأت الأمور المادية تتحسن، لكن علاقه حسين ومروة ساءت؛ لأنها تعمل وبدأت تحقق مركزا في وظيفتها ماديا وإجتماعيا وكبر الأولاد وأصبحوا يدركوا الوضع السئ الذي عليه الأب والأم، بل أكثر من ذلك طلب الأولاد من الأم الإنفصال٠
ومع كثرة المشاكل طلبت مروة الإنفصال من حسين رد عليها بكل هدوء أنا لا أطلق عندك المحكمة أرفعي دعوة خلع هو لم يفكر في شيء سوى إنه لن يعطيها حقوقها ظن إنه يستطيع الضغط عليها وبعد الإهانات والشتائم لمروة والأولاد تركت مروة المنزل وذهبت لبيت أمها الذي هو في نفس المكان لأنهم جيران٠
وهنا تحولت العدواة ليس لمروة فقط بل لأهلها أيضا قد يظن البعض إننا في زمن أخر أو ما سأقوله مبالغ فيه لكنها الحقيقة أحضر حسين مجموعة من الكلاب الشرسة ووضعها أمام البيت حتى لا تتمكن مروة من الذهاب لعملها٠
وحتى لا تنزل من بيت أبيها هى وأهلها إلا بإذنه ليمسك الكلاب ويإذن لهم بالمرور رفض أن يصرف على أولاده وقال أولادي عندما يعيشون معي أما لو أختاروا أمهم فليسوا أولادي ولا علاقة لي بهم٠
كل ذلك وإخوته والجيران يتفرجون على مروة ولم يفعل أحد شيئا؛ إلى أن قررت مروة ترك المكان وأتفقت مع أحد أقاربها تأجير منزل بعيدا عن حسين وبعد تخطيط وترتيب دام لشهور أستيقظ حسين من نومه فلم يجد مروة وأهلها جن جنونه٠
واتصل بها أين أنتي؟ أنتي تفعلين بي هذا؟تضحكين علي؟ قالت له: ننفصل بهدوءلا أريد منك شيئا٠
قال لا لن أطلقك وسأتركك هكذا، وبدأ يتواصل مع الأولاد؛ ليعرف مكانهم لكنه فشل في ذلك فقطع إتصاله بهم٠
ورفعت مروة قضية خلع وتخلصت من حسين الذي إلى الأن لم يشعر بماذا فعل بنفسه خسر رضا والده عنه، خسر حب ودعم إخوته بتصرفاته خسر زوجته، وأولاده، حتى جيرانه يتمنون الخلاص منه ومن سوء معاملته٠
وأصبح حسين وحيدا، يجني ما زرع من حقد وغل في نفوس كل من حوله، لم يترك أحدا حوله لم يعاديه حتى إنه أصبح بحق عدو نفسه.