عزيزة وأستاذ حمام.. والناس اللي مش تمام

كتب / شريف محمد
” نجيب الريحاني” في فيلم (غَزَل البنات) مُدرّس لايُمكن نسيانه، شخصيةٌ تم رسمها بعنايةٍ مُركّزة ، ولكن بعناية مَن ؟ ، بعناية السُخرية مِن مفارقات المُجتمع المصري ، وللأسف المصري فقط ، فلا تزال البلاد العربية يحتل معلموها مكانةً أقرب للمرموقة منها للوضيعة ، لكن مصر معلموها علامة استفهام كبيرة في وجدان هذا المجتمع .
وإن انتصر صائغو هذه الشخصية لأخلاق المدرس المصري ، وحِرفِيَتِه ، واحترامه لأدبيات المهنة ، إلاّ أن ما بدا عليها من رثاءٍ لحالهِ ، وضيق معيشته ، كلها ملامح وإن بعثت على الضحك بكاءً إلاّ أنها تبعث على التفكير :
وماذا بعد ؟ ؛ ونحن لسنا بصدد الحديث عن المُعلِّم أو أسباب إظهاره بهذهِ الصورة ، ولكننا نتأمل ماذا قدّم هو لنفسهِ ؟، كيف كان ؟، وإلى أين صار وسار؟.
وما أعجب ما نرى !!، فبعد فترات الاحترام والتقدير في فترات الخمسينيات والستينيات، حتى أنّ مؤلفي الأفلام يجعلون من مهنة بطل الفيلم ( التدريس)،بل وجعلوا منه حاملاً لمشعل الفضيلة كما في فيلم( السفيرة عزيزة)، وكأنّهُ كان اتجاهاً مُجتمعياً لرفع مكانة كل ما هو حقيقي.
فما أبعد اليوم عن الأمس ، وما أجمل الماضي القريب ، و أقسى الحاضر الغريب ،
فإمّا تحليقٌ في فضاء النرجسية من المُعلّم ، بحثاً عن مكانٍ ومكانة، فنجد الألقاب التي يحصدها أحدهم أكثر من ألقاب صلاح الدين بعد معركة حطين ، و إمّا تخاذلٌ وتراجع لأيام ( أستاذ حَمَام) .
وهنا الآن نسأل ماذا قدّمتَ- أيها المُعلّم- لحياتِك ؟!، وآسِفاً أقول لا جديد ؛ لكنها أشعةٌ من شمس الأمل البعيدة تصل سماء التعليم ، فالسيد وزير التربية والتعليم ألقى بالكرة في ملعب المُعلِّم بدرجات أعمال السنة والتقييمات ، التي أعيت الطلاب والأهلين ، لكنها ردت التلاميذ للمدارس ، ومنحت المُعلِّم ورقة التوت الأخيرة ليواري سوءته.
ونقف الآن جميعاً طلابًا ، و أولياء أمور ، وأُلي أمرٍ ، و مُعلمينَ لنرى ونلاحظ ونقيّم حتى نقوّم الفصل الدراسي الأول لهذا العام الدراسي ٢٠٢٥/٢٠٢٤، لنجد :
المناهج الجديدة المُحمّلة بالمعلومات ، واختباراتها ، والاختبارات القوية الحقيقية على المناهج القديمة ، انصفت المُعلّم العامل الواعي الدارس (المُدرّس)، ورغم تثبيت دعائم عرش كثير من الأباطرة في التدريس، إلاّ أن الكثير منهم سقطت ممالكهم ونُزِعَت عنهم ورقة التوت ، الساترة لضعفهم المهني .
لكن كل اللعنات طاردت ولا تزال تُطارد أولئك المعلمين المُتلاعبين بدرجات أعمال السنة ، فلم يرحموا صغيرنا ( الطالب) ، ولم يوقّروا كبيرنا( ولي الأمر..المُمَوِل الخفي للعملية التعليمية)؛ ولهؤلاء نقول:
وإن أعطيتم الطلاب ما يستحقوه من درجات ، إلا أننا نسأل الله أن يُعاملنا بالرحمة لا العدل ، فالرحمة سبقت العدل، وليحذر جميع المُعلمين ما في يدكم من سلاح أعمال السنة منحه لكم السيد الوزير لاستعادة هيبة المدارس والتعليم ، وليس لحماية أنفسكم من بطش الفقر ، بالضغط لتحويل الطلاب إلى ( الدروس الخصوصية)، أو لحماية أنفسكم من غضبة ولي الأمر ،
فالمُعلِّم الحق حاميهِ ربُّهُ القوي ، إذا ما أتقاه في عمله ، وفي أبناء المصريين ((.. إنّ اللهَ يُدافِعُ عَن الذينَ أمَنُوا..)) ؛ ولا تنسوا كيف كان ( أستاذ حمام ) رغم فقره، وقلةِ حيلته، وهوانهِ على الناس، حامياً للفضيلة والأدب والأخلاق ، ولا تنسوا كيف رد ( المُعلِّم) في فيلم ( السفيرة عزيزة) ( بلطجة) البلطجي ، وحمى حقوق غيره، رغم بساطة مظهره،
فيا أيُّها المعلمون ، أنتم الأعلون مادامت تقوى الله مناهجكم ، ولا تخشوا الفقر.