قصص وروايات

عندما يموت الضمير .. بقلم: د/ عبير منطاش

عندما يموت الضمير .. بقلم: د/ عبير منطاش

عندما يموت الضمير .. بقلم: د/ عبير منطاش
حكم وعبر

تبدأ قصتنا بتعارف كريمة على رجاء في إحدى الكورسات وبعد عدة لقاءات بينهم أصبحوا مقربين من بعضهم وبينهم إتصالات ولقاءات تجمعهم.

وفي أثناء ذلك تعرضت كريمة لأزمة في أسرتها وتركت بيت زوجها وأخذت قرار بالأنفصال لكنها كانت متوترة وحزينة بسبب عدم قدرتها المادية لجأت وقتها لصديقتها رجاء وتحدثت معها بكل صراحة
وهنا رجاء وعدتها بمساعدتها لتخطي هذه الأزمة.

وبالفعل بعد اسبوع من حديثهم أتصلت رجاء بكريمة وابلغتها إنها بحاجة إليها لتساعدها في العمل، فرحت كريمة جدا واستعدت وذهبت بالفعل إلى رجاء في شركتها وتعرفت على طبيعة العمل.

ومرت الأيام وكريمة تتفانى في عملها ولا تلتزم بمواعيد انصراف الموظفين بل تظل تعمل حتى تنجز العمل على أكمل وجه.

اصبحت العلاقة قوية بين كريمة ورجاء وأصبحت رجاء تثق كثيرا في كريمة وكانت كريمة إنسانة محبوبة من جميع من موظفين ومن العملاء ومحل ثقة وتقدير الجميع.

إلى أن جاء يوم أن أبلغت رجاء كريمة بالسفر للخارج لمدة شهرين، وهنا انزعجت كريمة هل سأظل بمفردي؟؟
كيف ذلك وكانت كريمة تخاف من الفشل في إدارة الشركة وترى إنها مسؤولية كبيرة.

طمأنتها رجاء وقالت لها لا تخافي هناك أحد أقاربي سيحضر إليكِ ليساعدك ويحل لكِ أي مشكلة تواجهك، وهو أستاذ محسن وكريمة كانت تعرف ذلك الشخص وتعرف أن بينه وبين رجاء قصة حب، اطمأنت كريمة من كلام رجاء، وجاء يوم سفر رجاء وكانت كريمة ومحسن في وداعها.

وفي اليوم التالي جمعت كريمة الموظفين
وتكلمت معهم بكل حزم و حب في ذات الوقت وشجعتهم على العمل بتفاني وإخلاص ليستمر العمل على أكمل وجه وبالفعل تقبل منها الموظفين ذلك الكلام بكل حماس وتقدير ووعدوها بتقديم كل الجهد والجد في العمل.

وملحوظه هنا يجب التنويه عليها أن معاملة رجاء للموظفين كانت قاسية وجافة وصارمة وكانت تعاقب كل من يخالف أمرها أو يقف أمامها بطريقة خالية من الرحمة.

ومضت الأيام والعمل يسير بشكل منضبط
والأرباح تزيد والموظفين يعملون بجد ونشاط،وكان محسن يحضر إلى المكان كل أسبوع وإذا كان فيه أي عائق يساعد كريمه في التغلب عليه، ولاحظت كريمة أن رجاء تغيرت معها أثناء مكالمتها من الخارج، وكان يصدر منها بعض الجمل الغير مفهومة مثل (اصبحتي لا تحتاجين إلي في شيء)، (هل تريدين عودتي حقأ)، (ألا تفكرين في الزواج مرة أخرى) ، وكل ذلك كريمة كانت
لا تفهم سبب ذلك الكلام.

وفي أثناء متابعة كريمة للعمل اكتشفت مخالفات غير أخلاقية تتم في الشركة وعلى الفور أبلغت رجاء بها لكن رد فعل رجاء كان غير متوقع بالنسبة لكريمة، الكارثة أن رجاء على علم بذلك، انصدمت كريمة ماذا تفعل وفكرت أن تترك العمل وأبلغت رجاء بذلك لكن رجاء ألحت عليها
أن تنتظر مجيئها من السفر وهى ستنهي ذلك، وأصبحت كريمة تنتظر عودتها بفارغ الصبر.

ورجعت رجاء من السفر وأوهمت كريمة أنها اتخذت الإجراءات اللازمة للتخلص من هذه المخالفات، لم تصدقها كريمة في قولها ولكن لا دليل لديها ولا يوجد سبيل إلا أن تصمت وتحافظ على عملها.

ولم تدري كريمة ما يدبر لها من مكائد، إلى أن جاء يوم وفقدت كريمة مفاتيح الشركة وأصبحت تبحث عنها في كل مكان ، ورجاء تشاهدها ولا تنطق بكلمة وعندما قالت لها كريمة ممكن أعمل نسخة مفاتيح أخرى
اجابتها رجاء ابحثي عنها في بيتك أو في أي مكان ذهبتي إليه ، وكانت كريمة متاكده أن المفاتيح ضاعت منها في الشركة والملفت للنظر أنها وجدت العملاء والموظفين أصبحوا يتعاملون معها بحذر ويتجنبوا الكلام معها.

إلى أن جاء اليوم المشؤوم وبعثت رجاء في طلب كريمة ووجهت إليها تهم هى بريئة منها، بعدما سرقت رجاء بمعرفة أحد مساعديها مفاتيح كريمة وسرقت أوراق ومال في عهدة كريمة.

وأصبحت النوايا واضحة من قبل رجاء، وفهمت كريمة كل شيء، وفهمت ما معنى هذه الجمل التي كانت تقولها رجاء في سفرها، وأنها قررت تضحي بكريمة لتتستر
على المخالفات خوفا من افتضاح أمرها أمام الموظفين والعملاء، كما خافت على محسن من أن يحب كريمة خاصة وهو كان يمدح كريمة في أثناء سفرها.

وبدأت رجاء الحرب والمؤمرات على كريمة شوهت صورتها أمام الجميع أنها إنسانة مستهترة وغير أمينة، وبرغم عدم تصديق الموظفين ومحسن لتلك الافتراءات إلا أن الجميع ألتزم الصمت خوفاً منها.

وأصبح لزاما على كريمة مغادرة المكان وهى في قمة الإحساس بالألم والظلم ورفضت رجاء إعطاء كريمة مستحقاتها المالية، ولم تكتفي بذلك وصل بها الكره
والحقد أن تهدد كريمة إن تكلمت فيما حدث من مخالفات أو حاولت الإتصال بمحسن إنها ستشهر بها أمام أبنائها وفي أي مكان تذهب للعمل به، انعدم ضميرها كما انعدمت أخلاقها بتسترها على المخالفات.

ولم يكن كريمة لديها دليل على تلك المخالفات، وخافت على سمعتها وسمعة أبنائها فإلتزمت الصمت طمعا في رحمة الله وعدله وابتعدت عنها تماما وقطعت الإتصال مع أي شخص له علاقة بها وخرجت كريمة من تلك التجربة وتعلمت درساً قاسيا في عدم الثقة في أي شخص و إتخاذ الحذر دائما من الناس مهما كانوا
يظهرون المودة.

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى