غَطْرَسة … بقلم: حمدي رزق
حسنا قررت «نيابة المقطم الجزئية» حبس المتهم بالتعدى بالصفع والسحل والسب على «محمد» فرد أمن خاص بأحد الكومباوندات، أربعة أيام على ذمة التحقيقات.
غَطْرَسة لفظيا تترجم استعلاء وترفُّع على الآخرين، تكبُّر وعجرفة، زُهوّ، والترجمة الشعبية، مغرور، «واخد قلم فى نفسه وعايز قلمين على صداغه»..
اعتداء غاشم واستقواء غبى مارسه «بنى آدم» غليظ القلب وخشن الطبع، على شاب مغلوب على أمره، صفعًا على وجهه، ما أثار غضب نفر من المحترمين فى الكومباوند، ونفروا لردعه لكنه بغى واستكبر تطاولا عليهم.
والصفع على الوجه اعتداء قبيح، لغرض الإهانة، ويلحق كثيرا من الأذى النفسى، حالة المصفوع صعبة على النفس، صعبت على «محمد» نفسه، سيما أنه لم يحرك ساكنا لرد الإهانة خشية قطع عيشه، البسطاء يتحملون كثيرا لسبب أكل العيش المر، والحوجة مرة.
قطع يده من يمدها على غلبان لا يملك ردًا، إهانة ولو كان الأمر قصاصًا عادلا، لسفخه «محمد» على وجهه (١٦ صفعة) كالتى تلقاها صابرا على الأذى، وتصور فيديو يشير على الفضاء الإلكترونى ليعلم كل متطاول قولا أو فعلا أنه ليس فى مأمن من الحساب، ليس فوق القانون، والبلد فيه قانون.
لا نقول جديدا، وسبق أن فعلها الفاروق عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، عن أنس بن مالك (رضى الله عنه) أنه أتى رجل من أهل مصر يحمل مظلمة إلى الفاروق، فقال له يا أمير المؤمنين إنى عائذ بك من الظلم.. فأجابه عمر: «عذت بمعاذ»، فقال: سابقت ابن عمرو بن العاص فسبقته، فجعل يضربنى بالسوط، ويقول: أنا ابن الأكرمين.
فكتب الفاروق إلى عمرو بن العاص يأمره بالقدوم عليه، ويَقْدُم بابنه معه، فما إن وصل أمر الخليفة عمر بأن يأتوا بالمصرى الذى قدم الشكوى.. وقال له: خذ السوط فاضرب.
يقول أنس بن مالك: «فجعل يضربه بالسوط»، وعمر يقول: «اضرب ابن الألْيَمَيْن، فوالله لقد ضربه ونحن نحب ضربه».
يقول أنس: فما أقلع عنه، فما كان من عمر إلا أن وجه حديثه لعمرو بن العاص بكلمته الشهيرة: «مُذْ كم تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً».
مشكورة النيابة المقدرة أن نفرت لتحقيق العدالة، وضربت على يد المتغطرس بالقبض عليه وحبسه وتحويله لاحقا للمحاكمة، والقانون له وجاء وقاية من الغطرسة المقيتة، والتكبر، والاعتداء على كرامة الطيبين.
درس لكل من تسول له نفسه أن يغتر بمال أو جاه أو سطوة أو منصب على البسطاء. كلما ارتقى الإنسان يتواضع، ويرحم، ويخفض جناح الذل من الرحمة، ويقول قولا كريما، والعقبى للكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس.
الغَطْرَسة التى أصبح عليها نفر من الأثرياء الجدد، لا تحتمل مجتمعيًا، والكرماء لا يقبلون مساسا بالكرامة الإنسانية، واحتشاد الصفحات الإلكترونية فى ظهر الشاب الغلبان حتى يأخذ حقه جدير بالاعتبار، رقابة شعبية على السلوك المجتمعى، رقابة صحية، ولن يفلت متغطرس بجريمته، ولن يتنازل بسيط عن حقه، وسيأخذه بالقانون، والشاب محمد كان محترمًا برفض التصالح، ولن يضيع حقه طالما استمسك بحقه.