فريد شوقي لقبه وحش الشاشة وملك الترسو وحقيقته الملاك الطيب البرئ
تقرير: مادونا عادل عدلي
مر اليوم على رحيل وحش الشاشة المميز العبقري فريد شوقي23 عامًا، الذى رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم الموافق 27 يوليو من عام 1998 بعد رحلة مميزة وعريقة في عالم الفن وفي الحياة.
حيث استطاع خلال رحلته المميزة أن يسجل اسمه في سجل التاريخ كأحد عمالقة الفن ورواده وأن يخلد اسمه دائمًا في عقول الجماهير ويحصد العديد من الألقاب ومنها الملك ووحش الشاشة وملك الترسو ، ويصل لمكانة لم يصل إليها غيره من الفنانين.
وكان قد قدم وحش الشاشة كل عمره للفن وأبدع فى مئات الأدوار وتنقل بين أدوار الشر والخير ، التراجيديا والكوميديا، الشاب والكهل، ولم يكتف بكونه ممثل كبير ولكنه كتب القصة والسيناريو وأنتج العديد من الأعمال، وهو صاحب العديد من الأفلام التي صنفت ضمن أهم 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية.
وكانت حياة وحش الشاشة الذي أمتلك قلوب الجماهير وعقول الملايين مليئة بالأحداث والمفارقات والحكايات المميزة.
ولد النجم فريد شوقي يوم 30 يوليو عام 1920 وهو ليس ممثل فقط بل وكاتب سيناريو وحوار ومنتج مصري، امتدت حياته المهنية نحو أكثر من 50 عاما، تألق شوقي فيها، أنتج، وكتب سيناريو أكثر من 400 فيلما – أكثر من الأفلام التي أُنتجت بشكل جماعي من قبل العالم العربي كله.
بلإضافة إلى المسرح والتلفزيون والسينما، غطت شعبيته مجمل العالم العربي، بما في ذلك تركيا حيث أنه أنتج فيها بعض الأفلام هناك، والمخرجين دائما يخاطبونه بصفته “فريد بيه” بالرغم من عدم حصوله على لقب البكوية رسميًا ولكن كدليل على الاحترام. كما عمل مع أكثر من تسعين مخرجًا ومنتجًا.
ولد النجم بحي البغالة بالسيدة زينب بالقاهرة، بينما نشأ في حي الحلمية الجديدة، حيث انتقلت إليه الأسرة. وهذا الحي يتوسط عدة أحياء شعبية قديمة، كأحياء السيدة زينب والقلعة والحسين والغورية وعابدين وشارع محمد علي وباب الخلق. وتلقى دراسته الابتدائية في مدرسة الناصرية التي حصل منها على الابتدائية عام 1937 وهو في الخامسة عشرة، ثم التحق بمدرسة الفنون التطبيقية وحصل منها على الدبلوم، التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية.
كانت أول أعماله فيلم ملاك الرحمة عام 1946 مع النجم يوسف وهبي والنجمة أمينة رزق وإخراج يوسف وهبي، ثم قدّم فيلم ملائكة في جهنم عام 1947 إخراج حسن الإمام ثم توالت وكثرت أعماله بعد ذلك.
وفي بداية الخمسينات بدأ يغير جلده نوعًا ما ليقدم شكلاً آخر للبطل بعيدًا عن صورة الشر التي ظل يؤديها طوال الفترة الأولي من مسيرته في أفلام مثل قلبي دليلي عام 1947 إخراج أنور وجدي.
واللعب بالنار عام 1948 للمخرج عمر جميعي، فيلم القاتل عام 1948 إخراج حسين صدقي، غزل البنات عام 1949 إخراج أنور وجدي وغيرهما من الأفلام التي أدى فيها أدوار صغيرة كلها تدور في إطار الشر عن طريق رفع الحاجب وتجهم الوجه.
وغير جلده تمامًا بعد ذلك وأصبح البطل الذي يدافع عن الخير في مواجهة الأشرار أمثال محمود المليجي، زكي رستم وجاءت أفلامه في هذه المرحلة متميزة ومنها فيلم جعلوني مجرمًا عام 1954 للمخرج عاطف سالم وهو الفيلم الذي ألغى السابقة الأولى للأحداث وهو من تأليف فريد شوقي ورمسيس نجيب، وقد شارك في كتابة السيناريو والحوار فيه نجيب محفوظ وهو أحد الذين نالوا جائزة نوبل في الأدب فيما بعد.
زواج النجم وحش الشاشة
تزوج خمس مرات الأولى من ممثلة هاوية وهو في الثامنة عشرة من عمره وكانت تغار عليه كثيرًا، الثانية من محامية أحبها كثيرًا وقال لها إن لم تتزوجه سينتحر ثم تزوج من ممثلة غير معروفة زينب عبد الهادي وأنجب منها منى، ثم النجمة هدى سلطان التي أحبها حتى وفاته رغم الانفصال وأنجب منها ناهد، مها وأخيرًا السيدة سهير ترك التي ظلت معه حتى وفاته وأنجب منها عبير ورانيا لذلك لقب بأبي البنات. وقد عمل من أبنائه في الفن الفنانة رانيا فريد شوقي والمنتجة السينمائية ناهد فريد شوقي.
قام الفنان بتأليف الأعمال المميزة فهو مؤلف القصة ومن أعماله في هذا المجال فيلم جعلوني مجرما مشاركة في التاليف مع رمسيس نجيب والإخراج لعاطف سالم، رصيف نمرة 5 1956 لنيازي مصطفى، الفتوة عام 1957، كهرمان عام 1958 للمخرج السيد بدير، سوق السلاح عام 1960، عنتر بن شداد عام 1961 لنيازي مصطفى، بطل للنهاية عام 1963 للمخرج حسام الدين مصطفى.
واستمر فريد شوقي بطلًا حتى وصل إلى مرحلة الكبر فقدّم أفلاما كان هو نجمها ومنها رجب الوحش عام 1985 لكمال صلاح الدين، سعد اليتيم عام 1985 للمخرج أشرف فهمي، عشماوي 1987 لعلاء محجوب، قلب الليل 1989 للمخرج عاطف الطيب.
وكانت آخر أعماله الرجل الشرس 1996 لياسين إسماعيل ياسين قدم فريد شوقي ما يقرب من الـ 300 فيلم إلى جانب أعمال مسرحية وتليفزيونية عديدة، وسافر إلى تركيا بعد النكسة 1967 وقضى هناك فترة زمنية عمل بطلا ومنتجا مشتركا لبعض الأفلام التركية وقدم هناك 15 فيلما منها عثمان الجبار، حسن الأناضول.
شارك النجم فريد شوقي في عام 1965 في أعمال وسينما تركية “مغامرات في إسطنبول”، مع فريدة، رأفت طرنزاي، تأليف عبد الحي أديب، وإخراج سانر.
وفي عام 1968: “شيطان البوسفور”، مع الممثلة التركية المشهورة، هوليا ومراد سويدان، تأليف عبد الحي أديب، وإخراج نيازي مصطفى، وقدم في عام 1968: “عثمان الجبار”، مع هوليا كوتشيت، تأليف عبد الحي أديب، وإخراج عاطف يلمز.
في عام 1969 قدم النجم “turist omer arabistanda”، مع مهمت علي ونصر سيف، وإخراج هولكي سانير، وفي عام 1969 قدم “رجل لا يعرف الخوف”، مع رحا يرداكول، وتأليف عبد الحي أديب، وإخراج ماتين أركسان.
شارك في عام 1970 في “eyvah”، مع يوسف شعبان وإيفا بندر، وتأليف عبد الحي أديب، وإخراج ماتين أركسان.
وشارك الفنان الكبير في عام 1971 في “makber”، مع أنجين صغلار وأيميل ساين، وإخراج ماتين أركسان، وفي عام 1972: “الصعلوك”، مع جونل هانسي وأحمد سليمان، وتأليف عبد الحي أديب، وإخراج يلمز كوني.
في عام 1973 شارك في “غوار لاعب كرة”، وهو فيلم سوري تركي، مع دريد لحام، أرول وفاهي يوز، تأليف نهاد قلعي، وإخراج عاطف يلمظ، وفي عام 1973 شارك في “babalarin gunahi”، مع سونا كسكين وسيمرا سار، وإخراج مهمت إسلان، وفي عام 1975: “بعت حياتي”، مع كاميليا وسامية شفيق وتأليف عبد الحي أديب، وإخراج مهمت إسلان.
شارك وحش الشاشة في عام 1980 في “وحش الأناضول”، مع آمال ياسين ويوسف شعبان، تأليف عبد الحي أديب، وإخراج ماتين أركسان، وفي عام1968 قدم “bir damat araniyor”، مع طروب ومعنقد إيسن، تأليف وإخراج المخرج التركي، هولكي سانير
ولم يكن هذا الفنان العبقرى متفوقًا في دراسته التى شغله الفن عنها وهو ما اعترف به فى العديد من الحوارات، حيث اعترف في حوار نادر لمجلة الكواكب عام 1955 بأنه كان طوال حياته الدراسية تلميذا مناكفا، فكان الفتوة في المدرسة الابتدائية، و الزعيم في مدرسة الفنون التطبيقية، وكان غالبا لا ينجح إلا في امتحانات الدور الثاني.
وأشار فريد شوقي إلى أنه نجح مرة واحدة في الدور الأول، وذلك في امتحانات النقل من الصف الثالث للصف الرابع الابتدائي والسر في ذلك أنه قضى في السنة الثالثة 4 سنوات كاملة.
وانشغل وحش الشاشة بحب الفن منذ طفولته وصباه وحدثت له العديد من المواقف بسبب هذا الغرام والعشق حيث حكى لمجلة الكواكب في عدد نادر عن أحد المواقف التى حدثت له في العيد وهو فى بداية حياته حين كان في سن السادسة عشرة من عمره، وقال وحش الشاشة أنه في سن 16 عاما قرر إقامة حفلة يقدم خلالها مسرحية من تأليفه وإخراجه وبطولته.
وأوضح ملك الترسو أنه ذهب لتأجير مسرح فى شارع عماد الدين وكانت قيمة الإيجار 4 جنيهات واختار أول أيام العيد لتقديم المسرحية ، ودفع عربون جنيهاً واحداً لتأجير المسرح، واشترط صاحب المسرح أن يحصل على باقي الإيجار قبل رفع الستارة .
وأشار فريد شوقي إلى أنه لم يستطع تجميع باقى مبلغ الإيجار يوم الحفل، لأن معظم أصدقائه الذين اشتروا التذاكر أجلوا الدفع حتى يجمعوا العيديات ويسددوا منها ثمن التذاكر، وأصر صاحب المسرح أن يحصل على باقي الإيجار قبل رفع الستارة وإلا ألغى الحفل.
ولم يكن وحش الشاشة يمتلك شيئًا وقتها ليخرج من هذا المأزق سوى بدلة العيد الجديدة ، فعرض على صاحب المسرح أن يرهن لديه البدلة الجديدة إلى ما بعد الحفل مقابل أن يسح له بعرض المسرحية ، وبعد انتهاء الحفل لم يستطع جمع باقى المبلغ من زملائه ، فاضطر أن يترك البدلة لصاحب المسرح وأن يذهب لبيته بملابس التمثيل، وعندما رآه والده تعجب مما يرتديه وسأله أين البدلة الجديدة، فحكى له وحش الشاشة ما حدث وذهب معه والده فى اليوم التالى لصاحب المسرح وسدد له قيمة الإيجار واسترد بدلة ابنه.
وفي عدد نادر من مجلة الكواكب صدر عام 1954 اعترف ملك الترسو بأنه بدأ مشواره الفني بكذبة، حيث ادعى أنه يجيد ألوانًا مختلفة من الرياضات ومنها الملاكمة والسباحة وركوب الخيل والقفز من ارتفاعات عالية، ورشحته هذه الكذبة للعمل في فيلم ” ملائكة في جهنم”، وكان الدور يستلزم أن يجيد من يقوم به الملاكمة والسباحة.
واكتشف المخرج أثناء التصوير أن فريد شوقي لا يعرف شيئا عن هذه الرياضات، وأن كل علاقته بالرياضة أنه كان عضواً فى فريق الكشافة بالمدرسة الابتدائية، فاضطر لإلغاء المشاهد التي تعتمد على الرياضة، ونجح الفيلم نجاحًا كبيرًا، ورشح بعدها وحش الشاشة لأدوار القوى والشرير وحقق النجاح والتالق في كل أدواره.
وكان وحش الشاشة يحرص على تقديم نماذج من الحياة على الشاشة ومنها شخصية المجرم والفتوة وغيرها ، حتى أنه فكر ذات مرة أن يقدم شخصية تعرف عليها ورآها بين مجاذيب الحسين وهي شخصية الشيخة سعدية، التي كان يعرفها كل أهل الفن والثقافة مرتادى حي الحسين، وكانت الشيخة سعدية تحفظ كل أغاني أم كلثوم وخاصة قصائد مدح الرسول التي كانت تغنيها بصوت جميل طوال العام، ولكنها كانت تصوم عن الغناء في رمضان تمامًا.
وكانت الشيخة سعدية تتمتع بثقافة فنية واسعة وتشارك فى الندوات الفنية والثقافية بآرائها عن نجمات الفن ومنهم فاتن حمامة وماجدة وليلى مراد، وكان الفنان فريد شوقى من بين مرتادى هذه الاحتفالات والسهرات ومن أشد المعجبين بالشيخة سعدية، حتى أنه فكر في أن ينتج فيلمًا يحكي لنا قصتها، ولكنه خاف من سخط شيوخ الطرق الصوفية الذين حذروه من إتمام هذه الفكرة فعدل عنها.
وقيل عن النجم وحش الشاشة أنه في الحقيقة ليس كما ظهر في الافلام وأمام الشاشة ولكنه كان ينام على الضوء وكان طيب القلب وملاك وسط الكثير من الوسط الفني ومع جمهوره.