قاهرة جوامع ” المماليك” وممالك الجوامع

كتب / شريف محمد
” القاهرة” مدينة الألف مِئذَنة ، هكذا كانت تُسمّى ، بسبب كثرة ما يظهر فيها من مآذِن لا تخطؤها العين ؛ بيوت الله التي بناها حكّام القاهرة من بداية ” الدولةالطولونية” ، ” فالفاطمية” فالأيوبية” ، إلى أن بلغت ذروتها في عهد ” المماليك” أسود الأرض في ذلك الوقت ، الذين بدأوا حكمهم بِرَدِّ ” التتار” ، حتى دَبت الحضارة الإسلاميةفي كل مفاصل مصر ببناء المساجد التي تجاورها أو بداخلها المدارس الأولية والكتاتيب ، والمكتبات ، وأحياناً تجد الحمامات العامة للاستحمام و ليجد ابن السبيل ضآلته ، ثم زادوا عليها “الوكالات” وهي المحال الصغيرة المتلاحقةوالملاصقة للجوامع عظيمة البناء ، كانت المساجد والجوامع حواضر تُعيد تثقيف وتهيئة الشعب المصري لدورهِ العظيم في وجه أي عدوان، على أن القاهرة نالت الحظ الأعظم منها
وما أعجب اليوم مقارنةً بالبارحة، فلا زالت مصر
وخاصة القاهرة مرتع العُبَّاد والنُسّاك ، في مساجدها المملوكية القديمة ، و جوامعها الحديثة الخليجية التمويل ، مع الفارق ، أنَّ بُناة مساجد اليوم بتمويل أموال مواطني دول الخليج العربي ، يزرعون المساجد وسط عشوائية الأحياء التي تحيط بالقاهرة بعد هجرات الريف للمدينة؛ فكل الشكر لممالك الخليج على جوامعها الجديدة الفائقة الحداثة ؛ لكنّ المصريين مع المساجد في حاجة أكبر لمصانع ، وصوامع ، وبحاجةٍ لرفع ما حول المساجد الخليجية الجديدة من مُعاناة ، يعيشها شعب أفنى حياته في العمل بعد العبادة لغيرهِ ولنفسه ، ولديه الأمل في أن يُستجاب الدعاء بفتح طرقٍ وسُبُلٍ لحياةٍ كلها تعليم وفُرص عمل ؛ فعندما كانت مصر ترسل أبناءها لتعمير الخليج وغيره ، عَمَّروه في كل المناحي ، وليس في الدين فقط ، ونحن لا نسأل غير الله في أن يكفينا شرّ السؤال لغير وجههِ تعالى ، لكنها أفضالنا على كل من جاورنا أو سَألنا ، وكل ما ننادي به “حواضر ” مع المنابر ، مصانع مع الجوامع ؛ فكما قال سيدنا رسول الله- صلى الله علي وسلّم – بما معناه :” ولإن أذهب مع أخٍ في حاجة ، خيرٌ من أن أعكف في مسجدي هذا شهرا ” ، صدقت يا سيدي يا رسول الله.