قصة الحب الضائع وحقيقة الشائعات في حياة سعاد حسني وعبدالحليم حافظ
كتبت/ مادنا عادل عدلي
جمعت سعاد حسني وعبدالحليم حافظ قصة حب كبيرة حيث أعتبر بعضهم أنّ عبد الحليم هو أول أزواجها الخمسة. لكنّ معظم ما يقال تخمينات تجعل بناء القصة ليس سهلًا.
في يوم 21 يونيو ولد حليم فكان يومه السعيد، وفي نفس التاريخ سقطت سعاد من شرفة شقتها في لندن، في يوم حزين للملايين وكلاهما مات في لندن بعد محنة مرض طويلة
وهذه ليست تلك الصدف الوحيدة بينهما؛ فكلاهما تربى في ظروف قاسية.
حيث عبد الحليم طفل ريفي عرف اليتم والحياة في ملجأ، وسعاد طفلة لم تتلق تعليمًا جيدًا لأب لديه أكثر من زيجة وعدد وافر من الأطفال، وعاشت لفترة في رعاية زوج الأم
بدأ سعاد وحليم مشروع سينمائي مميز بإشراف وإنتاج الموسيقار محمـد عبد الوهاب الذي احتكر حليم وأنتج بعض أفلامه الأولى مثل “بنات اليوم”، ولسعاد حسني فيلمها الأول “حسن ونعيمة”.
حيث بدأ حليم المغنى قبل سعاد بنحو عشر سنوات، ولكن سينمائيًا ظهر الاثنان في توقيت متقارب وأصبحا “أيقونة”.
وأسّس عبد الحليم بصوته الشجي لعواطف جيل ما بعد ثورة يوليو، وكان المحفز للمخيال الأنثوي عن “صورة الرجل” (صورة عاطفية وليست حسية كالتي يصدرها رشدي أباظة) فعاشت فتيات كثيرات على الإيمان بكل همسة له.
وأصبحت سعاد أيقونة الرومانسية الحسية المعبرة عن انطلاق الخمسينات والستينات (حتى النكسة) والمحفزة للمخيال الذكوري عن الأنثى الكاملة التي تجمع: الإيروسية، والمرح، والحنان.
وعكست “الأيقنة” التأثير الهائل والمكانة الكبيرة جدًا التي حققاها على المستوى الفني والشعبي والرسمي.
حيث عندما بدأت سعاد كان حليم نجم الجيل وفتى الثورة المدلل، وربط بينهما شيء غامض، لعله الاستجابة لتغيرات اللحظة التاريخية والاجتماعية.
كانت سعاد أكثر جرأة وشعبية من فاتن حمامة الأشد تحفظًا، مثلما كان حليم أكثر بساطة وشعبية من أرستقراطية فريد الأطرش.
كان من السهل استثمار نجاح الاثنين، بالحديث عن صداقة حميمة، وجيرة في الزمالك، وتقديمها لحفلات حليم، والسفر معه إلى بلدان مثل المغرب.
كانت دون العشرين ومرتاحة لإعجاب نجم العصر بها، وكان بحاجة إلى “حمايته” في بداياتها.
فاستثمرت ماكينة الدعاية صداقتهما لمزيد من الدعاية والتسويق للاسمين. فالفتاة التي سحرت الرجال بجسدها يحبها الشاب الذي سحر النساء بصوته.
خلال سنتها الأولى قدمت سعاد وهي في طور “اللوليتا” نحو ستة أفلام أشهرها “إشاعة حب” واختارها حليم لتقف أمامه في فيلمه “البنات والصيف”. لعبت دور أخته وليس حبيبته، وحين سألها الصحافي مفيد فوزي عن ذلك ابتسمت وردت باقتضاب: “مش ألطف؟”.
هل كان اختيارها لدور “الأخت” تمويهًا على العلاقة العاطفية وإبعاد الشبهة؟ أم الأمر مجرد شائعات؟ حتى لو أخذنا بفرضية “الشائعة” لماذا لم يستثمرها الاثنان في فيلم استعراضي خصوصًا أن سعاد أكثر براعة من كل نجمات عصرها في الرقص والغناء؟
كان حليم يملك ذكاء فنيًا عاليًا فحرص على الوقوف أمام أهم نجمات عصره: فاتن حمامة، وشادية، ومريم فخر الدين، ونادية لطفي، وصباح، وماجدة. وأحيانًا اختار ممثلات متواضعات مثل زبيدة ثروت، أو حتى لا علاقة لهن بالتمثيل مثل منى بدر التي شاركته بطولة أقل أفلامه شهرة “فتى أحلامي”.
مع ذلك كانت سعاد أقل النجمات مشاركة له في تجربة وحيدة، لا ترقى لدور بطولة، واستبعدها من أن تكون “حبيبته” التي يغني لها كما فعل مع الأخريات.
في عام 1962، تعاقدت سعاد لأول بطولة حقيقية أمام عبد الحليم في فيلم “الخطايا”، لكن- بحسب تصريح لها- استبعدها المخرج حسن الإمام واختار نادية لطفي.
ألم يستطع حليم- نجم النجوم- أن يفرض على المخرج صديقته المقربة؟ هل رأى الاثنان أن تبقى قصة الحب في الظل؟
زواج عرفي
بدأت العلاقة عام 1959، وتبنى الصحافي مفيد فوزي فرضية “الزواج العرفي”، وتداول كثيرون نسخة من العقد الذي شهد عليه يوسف وهبي، والمذيع وجدي الحكيم، وعقده شيخ الأزهر حسن مأمون، وهذا أول ما يطعن في مصداقيته الوثيقة لأن مأمون لم يتول المشيخة إلا عام 1964 أي بعد انتهاء العلاقة.
قال فوزي إن لديه وثائق ولم ينشر شيئًا، وأخت سعاد غير شقيقة أكدت صحة “العقد” واعتبرته الزوج الأول. على الطرف الآخر نفى كثيرون منهم سهير البابلي المقربة من حليم وأقاربه قصة الزواج وأشاروا إلى وثائق لديهم تنفي ذلك.
انهيار القصة
متى انهارت قصة الحب (أو الزواج العرفي) التي لم تستفد منها سعاد فنيًا؟
تنوعت حيثيات إنهائها، فقيل إن السبب متاعب حليم الصحية حيث حذره طبيبه من الزواج، وبحسب فوزي أبدت سعاد استعدادًا أن تعيش “ممرضة تحت رجليه”.
وقيل بل غيرته من نمط حياتها المرح حيث السهر ولعب الورق، فهي مازالت شابة دون العشرين. وهنا لا ننسى جذوره الريفية التي لا تخلو من تصورات محافظة حول مواصفات الزوجة، ولا تنطبق قطعًا على سعاد.
لكنّ المرجح أن حليم بذكائه الفني خشي على سمعته كمطرب ساحر المعجبات من أن تصبح له زوجة محددة. أراد أن يبقى ملك كل المعجبات وليس امرأة واحدة، يغني لكل ألوان الحب ولا يعيش حبًا واحدًا معلنًا.
وكان هناك غمز ولمز من قصة حب عاشهاـ قبل الثراء والشهرة عندما كان طالبًا في معهد الموسيقى مع راقصة تدعى “ميمي فؤاد”، لكنّ أصدقاءه نصحوه أن ينكر معرفته بها حتى لا يؤثر ذلك على سمعته الفنية. فما الذي يمنع أن يفكر مع سعاد بالمنطق ذاته؟
وهكذا أدرك أن الاستثمار في شائعة العلاقة يفيد نجاحهما المهني، لكن الزواج يضر بهما.
قضية التخابر
تبنى الناقد أشرف غريب في كتابه “العندليب والسندريللا: الحقيقة الغائبة” فرضية انتهاء العلاقة في العام 1966، وليس عام 1962 مع استبعادها من “الخطايا” الذي لا يمكن أن يحدث من دون موافقة حليم أو بإيعاز منه.
ما يعني أن قضية تجنيدها حدثت وهي مرتبطة بحليم. بل- وبحسب غريب- كانت القضية بسبب حليم نفسه، لأن مدير المخابرات آنذاك صلاح نصر كان كارهًا لنفوذه وتأثيره على عبد الناصر، فأراد تحطيمه باستثمار علاقته السرية مع سعاد (هناك رواية مغايرة بأن نصر نفسه كان معجبًا بها)، أي أن سعاد كانت الطعم للإيقاع بحليم نفسه وكسر شوكته. لذلك لجأ بالفعل إلى عبد الناصر لإنقاذه هو وسعاد من قبضة صلاح نصر، فلم تستمرّ عملية تجنيدها سوى أشهر بين عامي 1963 و1964
وارتبط بالتجنيد إشاعات كثيرة عن تصوير أفلام إباحية، بل إن جمعة الشوان (الجاسوس الشهير) زعم أنه تزوجها عام 1969، وهو كلام لا دليل حاسم عليه، لكنه يؤشر على استمرار نشاطها ضمن الجهاز الأمني لسنوات وليس أشهر!
فلو كانت علاقتها بحليم انتهت سنة “الخطايا” فليس هناك مبرر لتجنيدها انتقامًا منه. على الأرجح مرّت العلاقة بمطبات كثيرة ما بين الإخفاء والإعلان، الزواج أو الاكتفاء بالحب، الاقتراب والابتعاد تحت وطأة الغيرة، وفي تلك الأجواء المشحونة رشحها حليم لبطولة “الخطايا” ثم استبعدها، ثم كانت قصة تجنيدها بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير.
خرجت سعاد محطمة نفسيًا، وأدركت أن حليم (رغم دوره الإيجابي في إيقاف تجنيدها) كان أكثر أنانية من أن يعلن حبه (زواجه) إضافة إلى الأذى الذي نالها بسبب غيرة صلاح نصر منه.
أول زواج رسمي
بعد الحب الضائع مع عبد الحليم، وعملية تجنيدها، كبرت الفتاة “اللوليتا” فجأة، وشحب مرح البنوتة المراهقة، وما إن أحست بالتعافي حتى سلمت قلبها لأول طارق وهو المصور صلاح كريم الذي صور لها أفلام مثل “إشاعة حب” و”ليلة الزفاف” و”حكايات 3 بنات”، قبل أن يغامر بإخراج أول أفلامه من أجلها وهو “الزواج على الطريقة الحديثة”.
كان كريم بحكم العشرة وزمالة عشر سنوات، هو الصديق القديم الذي ارتاحت لأن يكون حبيبًا وزوجًا رسميًا عام 1968، كي يداوي قصة عبد الحليم وعملية التجنيد، مع ذلك فشل الزواح بعد عام، لتدخل بعده في زيجتها الأكثر نضجًا فنيًا وإنسانيًا مع المخرج علي بدرخان.
طريقة اختيار سعاد لزيجاتها، توحي بأن قلبها يدق بسهولة ولا يعرف حسابات منطقية، فلم تفكر مثل نجمات أخريات في اصطياد الأثرياء، وبمجرد أن ومضت شرارة الحب مع بدرخان الذي كان مساعد مخرج لوالده أثناء تصوير فيلم “نادية” تزوج الاثنان، وأخرج لها ستة أفلام بما فيها آخر أفلامها “الراعي والنساء” رغم انفصالهما قبله بسنوات.
كانت سعاد قلبًا مجروحًا، أخفقت في الزواج والإنجاب أكثر من مرة، وبعد تجربة حليم ظلت حريصة- حتى وفاتها- أن تبقى على ذمة رجل (بغض النظر عن عمق العلاقة) فمن بعد بدرخان تزوجت شابًا في العشرين يصغرها بسنوات هو المخرج زكي فطين عبد الوهاب، رغم اعتراض والدته الفنانة ليلى مراد على الزيجة الغريبة، ثم توفيت وهي متزوجة لسنوات من السينارست ماهر عوّاد الذي اختار العزلة رافضًا أن يقول كلمة واحدة عن علاقتهما.
لازمها إحساس أنها مهدّدة وغير آمنة، وبحاجة إلى “ظل رجل”، حتى لو لم تكن سعيدة، وعندما أدركت أن فتاة أخرى في حياة بدرخان، آثرت الانفصال بهدوء.
فهل ألقت قصتها مع حليم ظلالًا سيئة على حياتها وخياراتها في الرجال؟ هل كانت الجرح الأشد عمقًا وألمًا خصوصًا إذا صح أن تجنيدها كان انتقامًا منه وليس منها؟
هل عجلت إحباطاتها النفسية والعاطفية بتكالب الأمراض عليها وهي دون الخامسة والأربعين؟
من يتتبع مسيرتها الحزينة يلاحظ أن طوفان الأسرار الخاصة بها لم ينتشر هكذا إلا بعد مصرعها صيف 2001.
قديمًا كانت “الأسرار” تُصان، ولم تكن هناك “سوشيال ميديا” بهذا التوحش، وكان الفنان-في الغالب- يجيد إخفاء حياته الخاصة عن الفضول والتلصص، كما كان الجمهور نفسه مشغولًا بالعمل الفني وليس النممية الموازية. والأهم أنه كانت هناك أعمال فنية مؤثرة وقادرة على أن تعيش لسنوات، يتسامى عبرها الفنان على انكساراته.
أما الآن فالتسويق أكثر خداعًا وتوحشًا، فنجد ترويجًا على مدار الساعة للحياة الخاصة وليس للعمل الفني- إن وجد- لقطات لفلانة في جزر المالديف، وفلانة في ثوب جرئ، وشاهد قبل الحذف، وسر طلاق فلان، وعدد زيجات فلانة. نميمة بصرية مرعبة وعلى الفنان تغذيتها لضمان البقاء في الضوء.
ليس “الترند” وحده المسؤول عن ذلك، بل أيضًا القنوات التي سخرت مبالغ طائلة لكشف حيوات خاصة مستورة، فنمط البرامج الفنية المهيمن لا يقوم على تحليل إبداعات، ولا فتح حوار بين المبدعين وجمهوهم، وإنما على استضافة فنان لتقديم وصلة “استربتيز” نفسي وعاطفي، وفضح أسراره الذاتية جدًا.
ودخل على خط المتاجرة بالأسرار بعض الإعلاميين، وأحيانًا أقارب الفنان المتوفى، فثمة قريبة تصر على تنصيب نفسها ناطقة باسم سعاد حتى وهي في قبرها، وقريب لحليم يفعل الشيء نفسه، بما يضمن لهما الشهرة والاستضافة التلفزيونية وجني الأموال.
فالطريف أن عقد الزواج المزعوم لم يخرج للعلن إلا بعد وفاة الشاهدين المزعومين: يوسف وهبي ووجدي الحكيم، ووفاة أصحاب القصة أصلًا، التي ما زالت تكبر وتتشعب بقوة خيال المستثمرين فيها.
تصريحات مفيد فوزي
قال الإعلامي مفيد فوزى شاهد على قصة حب عبد الحليم حافظ وسعاد حسني ، إن العندليب هو من رفض إعلان الزواج قائلا :” فني أولى”.
وشدد مفيد فوزي على ان عبدالحليم كان شديد الغيرة على سعاد حسني ويراقب السيارات التي تقف أمام منزلها ، لافتا الى ان سعاد حسني كانت تذهب لعبد الحليم حافظ في ساعات متأخرة من الليل لكي تطمئن عليه.
هاني مهنى
قال الموسيقار هاني مهنى، في حواره مع المخرجة إيناس الدغيدي في برنامج ” شيخ الحارة والجريئة “المذاع على قناة ” القاهرة والناس ” :” محصلش الزواج ده وحليم اتضايق من حديث مفيد فوزي في هذا الأمر “.
وأضاف هاني مهنى:” مفيد فوزي كان بيلسن في موضوع زواج عبد الحليم حافظ من سعاد حسني، ولم يحدث زواج بين عبد الحليم حافظ وسعاد حسني “.
وتابع :” كان هناك علاقة طيبة وحب متبادل بين عبد الحليم حافظ وسعاد حسني لكن لم يحدث زواج بينهما “.
وأكمل :” الأطباء منعوا عبد الحليم حافظ من أي ارتباط أو علاقة زوجية بسبب حالته الصحية “.
محمد شبانة
نفى محمد شبانة ابن شقيق الفنان الراحل عبد الحليم حافظ في الذكرى الـ 44 لوفاة العندليب الأسمر هذه الواقعة.
وأكد “محمد شبانة” في تصريحات عبد حليم حات له فظ لم يتزوج من الفنانة الراحلة سعاد حسنى، والدليل على ذلك أن الفنان الراحل أكد على هذا الأمر من خلال مذكراته الصوتية التي سوف تصدر قريبًا، حيث من المقرر أن يتم طرحها خلال الفترة القادمة، وسيتم الكشف عن أسباب عدم إتمام الزواج في المذكرات.
وأضاف محمد شبانة أن من روج هذه الشائعة كان الهدف منها هو إعادة الحديث عن الفنانة سعاد حسنى مرة أخرى بعد فشل فيلمين لها، مؤكدًا أنه لا يوجد العائلة التي ستنفى الأمر في حال حدوث الزواج فعليًا.
واستكمل: عقد الزواج المنتشر الذى يكشف عن زواجهما غير صحيح وبه العديد من الأخطاء التي تؤكد عدم صحته، والدليل على ذلك أن العقد تم كتابته على الآلة الكاتبة وبتوقيع لكل من يوسف وهبي ووجدي الحكيم الذين توفاهم الله.
وتابع: لم يتخذ إجراءات قانونية ضد شقيقة الفنانة سعاد حسني، التي ادعت وجود هذا العقد، بسبب العشرة التي جمعت بين الفنان سعاد حسني و عائلة العندليب”.
جانجاه
أكدت جانجاه شقيقة سعاد حسني، أن السندريلا تزوجت من عبد الحليم حافظ بعد قصة حب استمرت لسنوات، مشيرة إلى أنه كان يغير عليها خاصة بسبب فارق العمر بينهما ، وذلك مع الاعلامي وائل الابراشي، بينما نشرت الإعلامية مي العيدان، وثيقة زواج الفنانة سعاد حسني والفنان عبد الحليم حافظ، والتي أعلنتها “جانجاه” في كتابها “سعاد أسرار الجريمة الخفية”.