عاجلعالم الفن

كلاهما أخطأ .. والباحثون عن ” التريند ” هم الرابحون

كلاهما أخطأ .. والباحثون عن ” التريند ” هم الرابحون

كلاهما أخطأ .. والباحثون عن " التريند " هم الرابحون
محمد سلام وبيومي فؤاد

بقلم: أشرف غريب

فى سياق التعليق على الأحداث الجارية فى المنطقة ، وعبر مداخلة تليفونية سألنى مقدمم أحد برامج التوك شو سؤالا عابرا عن موقفي من الخلاف الدائر بين الممثلين محمد سلام وبيومي فؤاد على خلفية اعتذار الأول عن عدم المشاركة في موسم الرياض تضامنا مع أحداث غزة، فأجبته إجابة قاطعة وعابرة أيضا :

كلاهما أخطأ، ولم أزد، ويبدو أنه اكتفى – هو الآخر – بهذه الإجابة لأننا تجاوزنا سريعا هذا الموضوع إلى مسارات أخرى.. نعم كلاهما أخطأ، ليس لأن محمد سلام اعتذر عن عدم المشاركة في مسرحية ” زواج اصطناعى ” ضمن موسم الرياض، ولا لأن بيومي فؤاد قبل المشاركة في المسرحية، فكل واحد منهما حر في اتخاذ ما يناسبه من مواقف وتحمله لتبعات قراره، إنما كلاهما أخطأ لأنه وضع نفسه في مشكلة كان بالإمكان تجنبها، كان يكفي سلام الاعتذار عن عدم المشاركة والاكتفاء بتسجيل موقفه عند هذا الحد من دون الحاجة إلى الإفصاح علانية عن موقفه ودوافعه، هو أراد – كما صرح – احترام نفسه والتصالح مع قناعاته الشخصية، وهذا له، ويمكن تفهمه بكل تأكيد، ولا أحد يستطيع أن ينازعه عليه وأو يزايد على ما فعله، فما الداعي إذن للخروج إلى الفضاء الالكترونى للإعلان عن قراره ؟

وكذلك أخطأ بيومي فؤاد الذى تصور أنه في موضع اتهام بمشاركته في المسرحية، وراح يدافع ويبرر، بل ويهاجم الذي اعتذر، مع أنه كان الأفضل له أن يلتزم الصمت شأن بقية المشاركين في العرض المسرحى، هو شارك، وهذا شأنه أيضا مهما اختلف معه البعض، لكن لم يكن مطلوبا منه أكثر من ذلك، هل أراد محمد سلام أن يصبح بطلا شعبيا على منصات مواقع التواصل الاجتماعي ؟ هل أراد بيومي فؤاد أن يقبض ثمن موقفه على حساب زميل له ؟ أنا لا أفتش في نوايا أي منهما ، لكن هذا هو الذي بدا عليه موقف كل منهما أمام الرأي العام الالكتروني ، وما أدراك ما الرأي العام الالكتروني هذه الأيام ؟ هل أخذ الحماس محمد سلام من دون حساب تبعات هذه البطولة الفيسبوكية ؟ هل ضحى بيومي فؤاد بخسائره الجماهيرية مقابل مكاسب أخرى من وراء موقفه الذى اتخذه ؟ أظن هذا ، لكن الذى أنا على يقين منه أن كلاهما أخطأ، وكلاهما سوف يخرج مجروحا من هذه المعركة المفتعلة، أما الفائز الحقيقى فهم الباحثون عن التريند والساعون إلى الترافيك، وما أكثرهم فى هذا الزمان .

خذ للك مثلا.. أحد المواقع انتحل خبرا عن أن الفنان أمير كرارة قام باستبعاد محمد سلام من مسلسله الرمضانى الجديد ” بيت الرفاعي ” مع العلم بأن لا كرارة قام باستبعاده لأنه ليس من اختصاصه، وإنما هو حق أصيل للمخرج والجهة المنتجة، ولا سلام كان مرشحا من الأساس للمشاركة في هذا العمل كى يتم استبعاده، وطبعا كل المواقع والصفحات لاكت في هذا الأمر، ونقلت نقلا ببغائيا من دون التحري والبحث عن صحته، تماما كالذي حدث مع انتحال خبر اعتذار بيومي فؤاد لمحمد سلام عن كل ما بدر منه تجاهه على خلاف الحقيقة على الأقل حتى ساعة كتابة هذه السطور، وطبعا مع انتحال تلك الأخبار، ثم تكذيبها من جانب كل طرف، فالتعليق على الخبر المنتحل وعلى تكذيبه تنشط المواقع والصفحات، ويركب التريند من يركب ، وتتحول الحقيقة إلى طيف دخان – على حد قول نزار قبانى – يطاردها من يبحث عنها ، مع أن الأمر في النهاية ينطبق عليه المثل المصري القائل ” الجنازة حارة …. ” ولن أكمل بقية المثل .

لقد جلس المصريون والعرب طوال الأسابيع الماضية أمام لوحات مفاتيحهم يؤيدون هذا ويهاجمون ذاك، وتحول كل منهم إلى محلل سياسي ومنظر اجتماعي بل وواعظ ديني وأخلاقي، صحيح أن الكفة مالت لصالح محمد سلام بحكم الدوافع الوطنية المتعاطفة مع الشعب الفلسطينى في غزة، لكننا في النهاية أمام انقسام حتى لو بدا الأمر على أنه يخص موضوعا غير ذي بال ، وأخشى ما أخشاه أن نجد أنفسنا – لو حدثت وقائع مشابهة – حيال قوائم سوداء كتلك التى عرفناها فى أعقاب أحداث الربيع العربي العام 2011، وينصرف الناس عن متابعة القضية الأساسية والغوص في الفرعيات، فيصاب الأصل بالميوعة وضبابية الملامح، ويتقدم الفرع لصدارة المشهد لا لشىء إلا لأننا تركنا الشيطان يكمن في التفاصيل، وأفسحنا له المجال كى يشتت انتباهنا ويزرع الفرقة بيننا فى أكثر المواضبع تفاهة وسطحية .

فليشارك من يشارك، ويعتذر من يعتذر، ويقيم مهرجاناته من يريد، أو يقرر إرجاءها من يحب، ليفعل كل منهم ما يشاء، لا تسريب عليهم، أو تفتيش في نواياهم، ولكن ليس عل جثة القضية، ولذلك أرجو أن ينسحب من الكادر كل من يريد أن يصبح بطلا، أو يسعى لكى يكون الضحية، فالأبطال الحقيقيون هناك في غزة تحت القصف، والضحايا الفعليون هناك أيضا وسط المذابح، هؤلاء الذين باتوا مشاريع شهداء يصطحبون الموت معهم في كل طرفة عين وزفرة نفس، يودعون أقرانهم، وينتظرون أدوارهم، ومع ذلك يؤمنون بقضيتهم وهويتهم، ويتمسكون بأرضهم وأملهم مهما كلفهم الأمر من أثمان، وأى اثمان .. هؤلاء هم الأبطال الحقيقيون، والضحايا الفعليون الذين يستحقون الاهتمام، ومن دون ذلك لا يزيدون عن كونهم مجرد زوبعة فى فنجان سرعان ما يسقطهم التاريخ ويهملهم الزمان .

زر الذهاب إلى الأعلى