كلنا ذوو الاحتياجات.. بقلم: أحمد الدخاخني
في ذات مرة كنت من حاضري أحد المؤتمرات التي كانت تناقش نقاط علم النفس وجودة التعليم، وفي إحدى الجلسات صعد الدكتور حسن صلاح أخصائي نفسي ومدير مركز مهارات للتنمية البشرية على المنصة، وكان حديثه يتميز بالبساطة والتشجيع على التفاعل مع الحضور، وقال كلمة قد لا تخطر على بال أحد.. وقال “كلنا ذوي الاحتياجات”.
وكان عندي الفضول في معرفة صحة هذه الكلمة التي جذبتني، ليستكمل في كلامه متسائلاً الحضور ” من منا لم يكذب ؟” وبالطبع لم يستطع أحد منا رفع يده، ثم طرح سؤالاً آخر” من منا قال “حاضر” لوالديه ولم يطع أوامرها؟” فكان الرد متردد، ثم طرح سؤالاً لهم” من منا لم يسب؟”، ثم سؤال أكثر حرجاً “من منا لم يتعرض للتبول اللاإرادي في الصغر؟”.. وكانت ردود فعل الحضور شيء من البسمة.
ومن هنا تأكدنا جميعاً أننا بحاجة إلى دعم نفسي مثلما يحتاجه ذوو الهمم، فمنا من يحتاجه من أجل تحقيق حلمه، ومن يحتاجه ليشعر بالقبول، والذي يريد أن يحترم ذاته، وللأسف من يحتاجه رياءً.
وحينما أعود بذكرياتي الماضية إلى يومي هذا، أكتشف أني لم أجد الدعم النفسي إلا عند الاستغناء عنه، بينما حينما أحتاجه فلا أجده، بل العكس صحيح أرى أن الدنيا تقاومني لتثبت أني شخص سيء، لكن عندما أشعر بالرضا ربما أجد مقاومة أقل من ذلك لأن سنة الحياة هي البلاء والاختبار، أحياناً الإنسان يفقد طاقته في التحمل، ولكن لم أجد حلاً أفضل من الصمت وزيادة التحمل، مثلما يتحمل ذوو الهمم من تنمر وإهانة إلا انهم خُلقوا كما أراد الله.. وغيرهم يتحمل لأسباب أخرى كلنا نمر بها.. لذلك صدق الدكتور حسن صلاح في مقولته “كلنا ذوو الاحتياجات”.