لست أمك.. ولست أبي

كتبت / عفاف عثمان
إن من أكثر المشاكل التي تواجه الأزواج في بداية الحياة بعد مرور أيام العسل وفرحة أول الزواج وبداية التعامل الطبيعي دون تزويق ولا ترتيب، أن يتصادم كلٌّ منهما بما رسمه في خياله، والذي ليس هو الأمر الواقع.
فكلٌّ منهما رسم تصورًا عن الحياة الزوجية بمنظوره ورؤيته للتربية التي مرَّ بها.
تتأثر الأنثى بأبيها ويكون هو في نظرها المثل الأعلى لعلاقة الذكر بالأنثى، فتتوقع الزوجة أن زوجها الذي تزوجت منه سيعاملها طبقًا لمعاملة أبيها لها: الدلال والحب والخوف الشديد، والطلبات المُجابة باستمرار، وأنه ينفذ أغلب طلبات ابنته لأن الأب السوي يحب أبناءه أكثر من نفسه، ويحب أن يراهم في سعادة دائمة، طلباتهم منفذة، يراهم مبتسمين فرحين دائمًا.
لكن حقيقة الأمر أن الزوج ليس أبًا، إلا لو كان حنونًا جدًا، وذلك في واقع الأمر من النوادر. فإذا طلبتِ شيئًا ولم يجيبه، تُوصَف المرأة بأنها نكدية أو كثيرة الدلع. وقد تكون مجرد خروجة، أو اقتناء ملابس وصيحات موضة كما كان يفعل الأب. بالإضافة إلى المسئوليات التي أصبحت على عاتقها، والتي تتحمل أغلبها لأنها هي المرأة.. وهنا تقع المشاكل والصراعات والصدمة.
وكذلك الرجل، بالأخص المرتبط بأمه في أمور حياته كالطعام والملبس والمعاملة الطيبة.
فإذا أكل الطعام شكر مرة وذم ألفًا: “هذا ليس كطعام أمي”،
وإذا غضب قال: “تتركينني وتذهبين للنوم سريعًا؟ أمي لم تكن تفعل ذلك”،
“أمي كانت تنظف ثيابي أفضل”،
“أمي كانت تدللني أكثر”،
“أمي كانت تفهمني أكثر”… وما إلى ذلك كثير.
إلى أن تقوم “الحرب الأهلية” بينهم، إلا إذا كان فيهم حكيم أو متفهم، يعترف أن بيت الأهل (الأب والأم) ليس كبيت الزوجية.
فإذا أرادوا نجاح البيت، لا بد من الاعتراف أن بيت الزوجية اسمه “شركاء حياة”.
الحياة داخله مشاركة في كل شيء: لست أمك ولست أبي.
فنحن أشخاص تركنا بيت أهلنا لنشترك سويًا في بناء بيت جديد، بأسلوب جديد وتكنيك يريحنا نحن في هذه الحياة، ونجنب آباءنا وأمهاتنا التدخل.
فقد ربَّونا وأخرجونا لنُكوّن حياتنا نحن بأيدينا.
فهنيئًا لكل زوجين متفاهمين متحابين يقدمان للمجتمع أسرة سوية وأبناء سعداء.






