مجدي يعقوب أسطورة الطب وقلب الإنسانية النابض
كتبت / مايسة عبد الحميد
في عالم الطب، قلّة هم من يتركون بصمة لا تُنسى، والدكتور مجدي يعقوب واحد من هؤلاء العظماء الذين تجاوزت إنجازاتهم حدود العلم، لتمسّ قلوب الناس بمعاني الرحمة والعطاء. وُلد في مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية عام 1935، ونشأ في بيئة طبية حيث كان والده الدكتور جرجس يعقوب، جراحًا عامًا، وقد ألهمه حب المهنة والاهتمام بالمرضى. أما والدته فكانت ربة منزل تهتم بأسرتها وتحرص على تربية أبنائها على القيم والرحمة.
تأثّر مجدي يعقوب كثيرًا بوفاة عمته في سن مبكرة بسبب مرض في القلب، وكان لذلك أثر بالغ في تحديد هدفه منذ الطفولة: أن يصبح جراح قلب ينقذ حياة الناس. تفوق في دراسته بكلية الطب بجامعة القاهرة، ثم سافر إلى لندن لاستكمال مشواره المهني، وهناك بدأت رحلة المجد العلمي.
اشتهر مجدي يعقوب عالميًا كأحد أبرز جرّاحي القلب في التاريخ. أسّس مركزًا عالميًا لجراحات القلب في مستشفى “هيرفيلد” بلندن، وكان أول من أجرى عملية زراعة قلب في بريطانيا عام 1980. عُرف بدقّته ومهارته الفائقة، وأُطلق عليه لقب “ملك القلوب”.
نشر يعقوب أكثر من 1000 بحث علمي، وأشرف على أبحاث أحدثت نقلة في علاج أمراض القلب. حصل على أوسمة عالمية مثل وسام الاستحقاق البريطاني ولقب “فارس”، لكنه يرى أن أعظم إنجاز له هو تأسيس مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب في أسوان، التي تُعالج الآلاف بالمجان، خصوصًا من الأطفال والفقراء.
رغم انشغاله الدائم في غرف العمليات، لم ينسَ مجدي يعقوب دوره كزوج وأب. تزوج من السيدة مارلين يعقوب، التي كانت الداعم الأول له، وقد شكّلت وفاتها حزنًا عميقًا في حياته. لديه ثلاثة أبناء: أندرو وليزا وصوفي. اختاروا الابتعاد عن المجال الطبي، لكن تربطهم به علاقة قوية، ويصفونه بأنه أب محب وإن كان مشغولاً دائمًا. كان حريصًا على أن يكون حاضرًا في لحظاتهم المهمة، ويُعرف عنه أنه يُظهر عاطفة كبيرة تجاه عائلته، رغم شخصيته العلمية الصارمة.
الدكتور مجدي يعقوب ليس فقط جراح قلوب، بل هو أيضًا جراح آمال، يضخ في شرايين الإنسانية نبضًا من الرحمة والعلم والتفاني. بين غرف العمليات وأروقة الأبحاث، وبين حب عائلته وخدمة الفقراء، نقش اسمه في سجلّ الخالدين، وبقي قلبه الكبير نابضًا بالحب والعطاء.
