مقالات

محمد كامل الباز يكتب… أرض الأحلام

محمد كامل الباز يكتب… أرض الأحلام

محمد كامل الباز يكتب... أرض الأحلام
ارشيفية

نحلم جميعاً بمجتمع مثالى تسود فيه القيم والأخلاق مجتمع ينام فيه الضعيف وهو أمن على أهله وماله وولده ، نحلم بأرض تُحكم بالعدل التام والمطلق لا العدل النسبى ، نسافر بخيالنا فنتساءل هل ممكن أن نجد رجال من القضاء مؤهلاتهم التفوق والإبداع داخل كلية الحقوق بغض النظر عن الهيكل الأسرى ، هل للموظف البسيط أن يحلم برؤية إبنه ظابط فى الجيش ، نحلم أن ندخل فى محراب جامعى على تلك الأرض لنرى أستاذ دكتور تعين بمفرده دون أن نجد شجرة العائلة مهيمنة على تلك الكلية ، أرض كهذه تبدو حلم ، أرض يسود فيها العدل والقانون وتغيب عنها الواسطة والمحسوبية تبدو صعبة المنال ، الأرض كانت موجودة لكن من عشرات القرون ، عاش على ظهرانيها أطهر وأشرف الخلق ، أرضُ حاول فيها حبيب الحاكم أن يتشفع لامرأة من الوجهاء سرقت.

فما كان جواب الحاكم إلا أن أحمر وجه وفقد هذا الحبيب حبه فى تلك اللحظة فلا حبيب أمام الحدود والقوانين ،لا شفيع أمام حكم الله ، لا واسطة فى مصلحة البلاد والعباد كان هذا الحاكم هو المصطفى صلى الله عليه وسلم الذى بمجرد طُرح الأمر أمامه انفعل على ذلك الوسيط ( أسامة بن زيد ) الذى كان يلقب بالحب بن الحب نظراً لحب المصطفى الشديد له ( لدرجة أنه كان يجلسه معه على دابته) حيث قال له موبخا ، اتشفع فى حد من حدود الله يا أسامة وأيم الله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها ، إنما أهلك الذين من قبلكم الشفاعة فى حدود الله إذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، منهج يؤصل العدل والمساواة ، يرثى مبادىء القانون الذى .. يُطبق على الكل بما فيهم بنت الحاكم وهو ليس أى حاكم هو حاكم لاينطق عن الهوى. 

هو حبيب الله ،هو سيد ولد آدم على الإطلاق ، لم يقبل اهتزاز العدل فى الدولة وتحول مقام الحلم واللطف لمقام الشدة والحزم ، فى تلك الأرض عاش الناس مطمئنين وهم على ثقة أن القانون نافذ على الجميع هم متساوون فى كل شىء أمام القانون لذلك تحول ذلك المجتمع من رعاة للإبل إلى سادة للجزيرة العربية ، تحولوا من أناس مطاردين من ديارهم وبلادهم لزعماء فرضوا كلمتهم على كل أنحاء المنطقة بل أبعد من ذلك لبلاد الفرس شرقا والروم غربا ، الأن اختلفت ملامح الأرض وتغير كل شىء معها أصبح القانون يطبق على فئات ويستثنى أخرى ، سادت الواسطة والمحسوبية ، أصبحت الكفاءة والاجتهاد والمثابرة معايير هشة لا تغنى ولا تسمن من جوع ، بات وجهاء المجتمع أناس مختلفين ليسوا بالعلماء أو الفقهاء أو الأطباء ، تغيرت القيم وغابت معانى العدل وأصبح التشفع فى الحدود والقوانين أكثر من أن يعد أو يحصى ، بالتالى تبدل مكان الأرض وموقعها من أرض تسوس العالم وتتقدم على باقى الأراضى حيث رضى عنها الرب واستحقت المكانة الرفيعة ، لأخرى تقبع فى فى الظل وتبتعد عن الركب ، كان التحول فى كل شىء من أرض تبنى الحضارات وتقود العالم لأخرى فى مؤخرة ذلك العالم ، نتمنى أن نعيش فى تلك الأرض أو تعيش هى داخلنا ، نريد تلك الأرض فى الحقيقة والواقع ليست فى الحلم والخيال وحتماً سيتغير الحال والمئال .

 

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
شاهد ايضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى