( مسرح مصر …. لاهو “مسرح ” ولا هى “مصر” )
بقلم: عمرو نوار
على رأس كل شارع وحاره فى أحياء مصر المتوسطه والشعبيه كانت توجد (الناصيه ) او (القمه) بالتعبير الاسكندرانى وعلى هذه “الناصيه ” أو “القمه” كانت توجد مجموعه من شباب هذا الشارع او هذه الحاره يتجمعون بشكل شبه يومى وقوفاً للسمر وتبادل الاحاديث والنكات ومن هذه “الوقفه” كان ينفجر غالبا سيل من الكوميديا والافيهات ومايمكن ان يطلق عليه (كوميديا الشارع المصرى ) بطريقة الفارس أو الكوميديا العبثيه ..كوميديا لتمضية الوقت بالاساس مع ماتحمله احيانا من حكمه او نقد لاذع ثم يتفرّق هذا الجمع كل الى غايته وينتهى اليوم الذى سيعود غدا بكوميديا جديده وافيهيات جديده وحكايات جديده …يبدوا ان الفنان الجميل اشرف عبدالباقى قد لمح هذا الملمح المعتاد فقرر ان يأخذ “شباب ” هذه” النواصى ” ليصنع منهم ومعهم وبهم ماسماه هو “مسرح مصر” ..وفى رأيى المتواضع ان مايقدم على خشبة مايسمى ب”مسرح مصر” هو بعيد كل البعد ليس عن “المسرح ” فقط بل- ان شئت- عن “مصر” نفسها ..فلا هو “مسرح ” ولا هى “مصر” …عندما قيل ان كل ضحك خالى من الفلسفه هو ليس بضحك للناس انما هو ضحك “على الناس” فقد كانت مقوله حقيقيه وصادقه يؤيدها استعراض تاريخ عباقرة المسرح الكوميدى المصرى بل والسينما والدراما المصريه التى تستخدم الكوميديا الاجتماعيه لايصال رساله هادفه للمشاهد وهكذا عهدنا فن “الريحانى “و”المهندس” و”عادل امام ” وحتى الاعمال والتى تبدو بسيطه فى ظاهرها مثل اعمال “الكسّار” و”،اسماعيل يس” هى ف الواقع عميقة المحتوى تناقش قضايا الانسان تحت ضغوط الواقع والطبقه والتحولات الاجتماعيه وعلى ناحيه أخرى ياتى “مسرح عبدالباقى وشلة الناصيه ” خلوّا من كل هذه المضامين والاهداف والرساله الانسانيه للفن وربما قال قائل انه مسرح (الضحك للضحك) يذهب القوم فيرتاحون من عناء يومهم بابتسامه هنا وضحكه هناك بلا أى هدف سوى الضحك والفرفشه وهذا مما لابأس به فاذا وضعنا معيار الضحك للضحك لتقييم مايقدمه هذا المسرح فسنجد كمية من سماجة وسذاجة الافيهات “البايته” والمواقف التى لاُتضحك حتى عمال البوفيه بهذا المسرح البسطاء المجبورين على مشاهدة هذه “السخافات ” يوميا بحكم لقمة العيش ..وعندما تفرغ جعبة “الشلّه”يبداون فى “الاستظراف ” على بعضهم البعض او “السخريه” من رمز مصرى او تاريخ مصرى لاستعطاف المشاهد ونزع ضحكته شاء أم أبى فقد ورط فى قيمة التذكره وسيضحك حتى على السخافات والسماجه والافيهات “البايخه” تماما كما “فرخة لينا” فى المتزوجون والتى سيأكلها سمير غانم لانه قد ورط فى ثمنها ..ولا اظن ان من بين هذه الجماهير من سيعيد هذه التجربه لمره ثانيه فهو مسرح الحضور الواحد والورطه الواحده ..وعندما اراد “عبدالباقى “التسبب فى زيادة كم السخافه للمشاهد قرر ان يشرك امبراطور “السماجه ” المدعو “بيومى فؤاد” والذى قال عنه الصحفى الكبير مفيد فوزى انه لايضحكه البته او حتى تلوح منه شبه ابتسامه او ظل ابتسامه وذلك لثقل ظله وافتعاله والاصطناع المباشر فى اداؤه بلا أى موهبه.
وبحضور “بيومى ” تكتمل وجبة ” الاستظراف ” مع المدعو “محمد أنور “و “الميرغنى ” و”خاطر” وغيرهم من شلة “الناصيه ” والتى كانت فى الواقع المباشر على نواصى مصر اكثر صدقا فى الكوميديا والافيهات التى ترتجل فى نفس اللحظه مما يقدمه هؤلاء ..وتبقى “أزمة النص” هى من تقدم بهؤلاء الى اوائل مواقع فن الكوميديا الذى كان يوما ما فنا عظيما فى مصر منذ استيفان روستى وزينات صدقى والقصرى وشرفنطح وحتى احمد بدير وصلاح عبدالله …وهمسه أخيره فى اذن “اشرف عبدالباقى،” ان فكرتك كانت جيده ف عليك الان ان تبحث عن نصوص محترمه لتقدم فن محترم وكوميديا محترمه …ابتكر او تبّخر فى زوايا تاريخ كوميديا السبوبه المصرى .