عاجلمقالات

من مدفع رمضان إلى هذا الشيطان

من مدفع رمضان إلى هذا الشيطان

من مدفع رمضان إلى هذا الشيطان
صواريخ

كتب / شريف محمد 

في الثلث الأخير ، بل وقد يكون في النصف الثاني من القرن الماضي ، وقبل أن يُلملِم الشيطان متاعه و أبناءه إلى مَحبسه في رمضان ، كان قد ألهم رعاياه وفتيانهم خاصة فكرة نارية ، جَهنمية، لأنبوب من الحديد مفتوح من جهة واحدة فقط، و مُغلق من الأخرى٠ يتم لِحام سلسال قصير من طرفه في جانب هذا الأنبوب وفي طرفه الأخر بمسمار معدني مطابق لقُطر الأنبوب الملتحمة به يد حديديةللإمساك بالأنبوب؛ يُحضر الصغار لُفافات البارود ( البُوم) ويفكوها ويُفرِغوا محتواها في الأنبوب ويُوضع بداخلها فوق مخزون البارود المسمار الملتصق بالأنبوب الحديدي عن طريق السلسلة ، ولحظة الإفطار يطرق الطفل بمدفعه من جهة المسمار أحد أحجار رصيف الشارع ، ليصدر إنفجار مُدوي ، وكأن طلقة من عيار ناري تم إطلاقُها ، وسط صراخ الأطفال فرحاً ، وسخط الكثيرين من الآباء ، وضحك بعض الكبار ؛ غير منكرٍ لكثير من الإصابات التي تُصيب ذلك الصبي اللاهي ، وكم من أطفال تعرضوا للأذى بسبب تلك الألعاب النارية البدائية ، وقامت الدولة حينها بحملات مصادرة لأكياس( البُوم)، وتجريم بيعهِ.

وعلى حين غِرة وفي غفلة منا نحن صغار الأمس ،مُصابي مدافع رمضان الطفولية الخَطِرة ، صرنا كباراً واعين ، لنرتدي عباءات الآباء ، في صب جام الغضب ، واللعنات على (صواريخ) اليوم ، التي ملأت كُل البِقاع ، وتفنن المُستوردون في استقدام وجلب كل شيطانٍ يقبع داخل هذه الألعاب الانفجارية المؤذية ،

فلم تَعُد لفتاةٍ أن تسير في شارعٍ إلا وهي فَزِعة من أن يُلقى تحت قدميها أحد هذهِ الصواريخ الخَطرة، والنساء الكُبريات تكاد قلوبهن تتوقف من الفَزَع من أصوات هذهِ الانفجارات، ناهيكَ عن الرجال والشيوخ الدائمي الزجر والاشتباك بالقول وأحياناً باليد مع أولئك الصبية الذين لاعقول لهم ، ولا وازع ، ولا رادع،

ليتحولوا لشياطين آدمية تَجُول في شوارعنا طوال فترة رمضان المُصفدة شياطينه من الجن بعدما انطلق شياطين بشره ليرُّعوا الآمنين ، وينشروا ثقافة لا أخلاقية .

وإن ثار آباؤنا في وجوهنا منذ عقودٍ خوفاً علينا من مدفع رمضان الحديدي القديم ذي الأنبوب، فمن سيفزع معنا في وجه هذهِ الشياطين المنفجرة في شوارعنا بألعابها النارية؟!!، فلا بديل لدينا إلا إعداد حملة دعائية توعوية منظمة لمنع بيع هذهِ الصواريخ ، والتعريف بخطورتها على وسائل التواصل الاجتماعي .

فلن يكتمل ثوابنا في صلواتنا ونحن باكون في المساجد، نعبد الله مخلصين له الدين، وأبناؤنا خارجها يعيثون في الأرض فساداً ، يُفزِعون الحرث والنسل ؛ ولنُعِّلمَهم أنهُ: ” ليس مِنّا مَن رَوّع مؤمناً ” كما قال سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلّم.

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى
error: <b>Alert: </b>Content selection is disabled!!