مقالات

نزيف داخلي.. بقلم: عبدالهادي جاب الله

نزيف داخلي.. بقلم: عبدالهادي جاب الله

نزيف داخلي.. بقلم: عبدالهادي جاب الله
ارشيفية

أصبحت الحياة لا تطاق فقد خرجت عن حد المألوف وتفشت فيها الأوبئة ورحل عنها الجمال وبقى القبح ليظل هو الخلفية التي تتباهى بها ؛ فنما الشر وقل الخير وذهب النور وحل الظلام.

إن تلك المقدمة لم تكن مجرد كلمات عابرة تُكتب لمجرد التسلية لعبور الوقت، أو مجرد الشعور بتأنيب الضمير للتجاهل التام لما يحدث حولنا في منطقتنا العربية من مضايقات وإختناقات والمشاهدة في صمت دون أن يتحرك ساكن، ولكنها حقيقة لإمر واقع، مجرد التغافل عنها يؤكد أن دورنا قادم لا محالة. 

لا سِيَّما أن ذلك هو نتيجة لفقدان المجتمع لسمة الأخلاق الحميدة والتي تعد من أهم سمات النجاح والتقدم ، فقد حرص أجدادنا على الإلتزام بها في كافة معاملتهم ، حيث حققوا نتائج عملية مذهلة على أرض الواقع في شتى المجالات التي نهضت بالمجتمع حينذاك. 

أما اليوم عندما تجردنا من هذه السمة التي تهدف في مضمونها لإقامة علاقات صحية سليمة تقوم على الحب والتعاون و العمل بمبدأ الأسرة الواحدة، كما تُلزمنا أيضا بالحفاظ على المُثل والمباديء التي تربينا ونشأنا عليها، فتحول المجتمع شيئا فشيئا من واحة أمن وأمان لغابة لا تقاس فيها القوة بالشجاعة والفراسة ورفعة الأخلاق، وإنما تقاس بقوة الشر وقوة المال . 

ففي الآونة الأخيرة ظهرت بعض القنوات والمحطات الفضائية التي سيطر أصحابها على ما يسمونهم بالكوكبة بدفع مبالغ طائلة لهم من أجل بث أفكار ومعتقدات غريبة في المجتمع أثارت حولها الجدل، وعملت على بلبلة أفكار الناس فكادت أن تشككهم فى الأصول والثوابت التي كانت راسخة بداخلهم والتي نشأوا وتربوا عليها. 

من الواضح أنه تم إنشاؤها كنوع من أنواع الإستثمار، فقد حققت بالفعل مكاسب مادية على خلفية تقديم المادة الرديئة التي تبثها من خلال الإعلانات والبرامج التسويقية والمسلسلات الغير هادفة التي تعمل على تدمير عقول الشباب الذي يعتبر ركيزة أساسية من ركائز المجتمع، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بفرض شخصيات من خلال تلك الأعمال التي ساهمت في زرع بذور الشر بحجة معالجة السلبيات المجتمعية ، ومن ثم إتخاذهم قدوة لقطاع عريض من الشباب وكانت النتيجة ؛ هى حصاد عدد كبير من قضايا القتل و المخدرات و السلاح على أثرها تم هدم القيم والمباديء المجتمعية التي كانت تغلف المجتمع وتحمي جداره من تسلل الآفات الضارة إليه. 

كانت المؤسسة الإعلامية وبكل فخر في الماضي تلعب دور الصديق الوفي والمخلص الذي يراعي مشاعر صديقه؛ فكانت تهتم ببث البرامج الدينية التي تهذب النفس، و البرامج الإجتماعية التي كانت تحرص على تقديم الموضوعات المهمة التي تعمل على زيادة نسبة الوعي لدى المشاهدين ومناقشتها من خلال أساتذة أجلاء، وغير برامج الأطفال التي كانت تهتم بزرع المعاني الإنسانية النبيلة داخل الأطفال على إعتبار أنهم الأمل المشرق والمضيء في الغد ، والأعمال القيمة التي كانت تعرض من خلال المسلسلات التليفزيونية والأفلام السينمائية والتي ساهمت لحد كبير في تشكيل وجدان الناس. 

مما لا شك فيه أن الأسرة يقع على عاتقها مسؤلية كبيرة

  لأنها هى؛ المعلم الذي يهتم بعملية التربية والتوعية والإرشاد والبناء في آنٍ واحد ، وهى المعمل الذي يعد ويهيء الثروة البشرية للخروج إلى المجتمع من أجل العمل والمشاركة في عمليات البناء و الإصلاح والتنمية.

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى