عاجلمقالات

وقفه مع النفس فى زمن الكورونا.. بقلم الفنان : عصام شكري 

وقفه مع النفس فى زمن الكورونا.. بقلم الفنان : عصام شكري 

وقفه مع النفس فى زمن الكورونا.. بقلم الفنان : عصام شكري 
الفنان عصام شكري

 

يؤدى الخوف بدوره إلى إستثارة غريزة حب البقاء لدى الإنسان حتى تصبح الفكرة المتحكمة ويتراجع صوت العقل. والقدرة على التفكير المتزن .

لقدأصبح الحديث عن الأزمة التى سببها وباء فيروس كورونا هو الشغل الشاغل للشبكات التليفزيونية والتحقيقات الصحفية والقضية الأولى التى يتابعها الرأى العام فى كل دول العالم تقريباً يوماً بيوم وساعة بساعة وظهرت تحليلات وآراء عن الآثار التى سوف يخلفها هذا الوباء فالبعض ركز على الآثار السياسية وازدياد دور الدولة وتدخلها فى شوؤن المجتمع والمواطنين وتوجيهه وفقاً لقواعد صارمة والبعض الثانى ناقش الآثار الاقتصادية وتراجع معدلات النمو الاقتصادي العالمي فى الدول الكبرى واحتمال سقوط بعضها فى براثن الركود وأود أن أركز على موضوع آخر لم يلق اهتماما مماثلاً من وسائل الإعلام وهى الآثار النفسية على البشر أنفسهم في المقام الأول :

 ان هذا الوباء حطم العالم الداخلي الخاص بملايين البشر وفتك بأحلامهم وأفقدهم توازنهم النفسي فهناك ملايين من طلاب الجامعات الذين كانو ينتظرون بشغف تخرجهم ليبدأوا رحلة البحث عن عمل. ومعه حياة جديدة لهم وهناك ملايين من العمال والموظفين فى مجالات السياحة وشركات الطيران والمحال التجارية وغيرها الذين فقدوا وظائفهم وهناك الملايين من اللاجئين الذين يعيشون فى الخيام أو مراكز الإيواء التى لا تتوفر فيها فى الظروف العادية الحد الأدنى من الخدمات الصحية اللازمة ولا توجد السلطات الصحية التى تراقب انتشار المرض. وتجرى الإختبارات فضلا عن صعوبة عزل المصابين أو المشتبه فى إصابتهم

ويؤدى الخوف بدوره لى إستثارة غريزة حب البقاء لدى الإنسان التى تصبح بدورها الفكرة المتحكمة فى سلوك البشر ويتراجع صوت العقل والقدرة على التفكير المتزن فيما يدور حوله وتستبد به رغبة البقاء فى الحياة

وهناك مئات الآلاف الذين كانو خارج بلادهم ثم تقطعت بهم السبل فراحوا لا يتمكنون من العودة إلى بلادهم وليس لهم مصدر دخل فى أماكن إقامتهم أو سبب يدعوهم للاستمرار فى الاقامة فيها ومن ذلك السياح. والطلاب الذين يدرسون بالخارج والعاملون خارج بلادهم وكل هؤلاء هم من نطلق عليهم العالقين فى الخارج. وهناك مئات الآلاف الذين فقدو ذويهم وأحبائهم ولم يتمكنوا بسبب الظروف الراهنة من إلقاء نظرة الوداع عليهم أو المشاركة فى دفنهم

وهذه النماذج هى حالات لمآس إنسانية تعرض أصحابها لضغوط نفسية مروعة وغير متوقعة ولم يكن لهم شان أو مسؤولية فيها

وقفه مع النفس فى زمن الكورونا.. بقلم الفنان : عصام شكري 
عصام شكري

ويوجد جانب ثان للموضوع:

 

 فالإنسان الذى يخضع اليوم لاجراءات لم يتعرض لها على مدى ما يزيد على قرن. وهى بالتأكيد اكثر صرامة مما شهدته البشرية فى الحرب العالمية الأولى. والثانية فهذه الإجراءات بالتأكيد أكثر شمولا من حيث عدد الناس الذين تشملهم وعدد الدول التى تنفذ فيها والمدة التى تستغرقها من أى إجراءات سابقة

حيث يتعرض أغلبية البشر فى العالم الى إجراءات عزل أو حجر صحى والتزام بالبقاء فى المنازل ومنع التجوال فى الشوارع. وقواعد للتباعد الاجتماعي وجوهرها أن تكون هناك مسافة مترين على الأقل بين أى شخصين

هذه الإجراءات لها بالطبع ما يبررها وينبغي الالتزام بها حرفيا. وأن تقوم السلطات بمراقبة تنفيذها ولكن ينبغى أيضا أن ندرك أنها مخالفة للطبيعة البشرية. فالإنسان كائن اجتماعى بطبعة خاصة في العصر الحديث عصر التواصل الاجتماعي والمؤسسات التربوية حيث الاسرة والمسجد والكنيسة. ومكان العمل والنوادي والمقاهى الى غير ذلك من أشكال التنظيم الاجتماعي 

أما اليوم فالإنسان يعيش حالة من الخوف الدائم وأحيانا الهلع وذلك بسبب الأخبار التى تحاصره طول الوقت بشأن عدد الإصابات. والوفيات فيأتيه الشعور بأنه ربما يكون هو الضحية القادمة لهذا الفيروس القاتل يزيد من حالة الخوف أنه يقى نفسه من عدو خفى. وغير منظور يتربص به فى كل مكان. وفى كل وقت ولما كان الفيروس ينتقل أساسا بالمخالطة البشرية فإن كل شخص آخر هو عدو محتمل. وناقل للمرض مما يحمل على الريبة والشك فى كل الأشخاص سواء من نعرفهم أو لا نعرفهم .

وأخيراً وليس آخرا يجب أن نقف مع أنفسنا ونعيد ترتيب علاقتنا بخالقنا الذى ابتلانا بهذا الوباء ونعرف قدر أنفسنا

أدعو الله لى ولكم أن تنتهى هذه الغمة على خير إن شاء الله.

نهى مرسي

نائب رئيس تحرير الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى