مقالات

“ريّا وسكينة” .. من بحري إلى التجمُّع 

“ريّا وسكينة” .. من بحري إلى التجمُّع 

"ريّا وسكينة" .. من بحري إلى التجمُّع 
ريا وسكينة

كتب / شريف محمد

..ثورة ١٩١٩ م أول عمل ثوري شعبي ضخم ، اشتركت فيه جميع فئات وأطياف المصريين ، على فترة من ضعف الاحتلال بُعيد الحرب العالمية الأولى . و لسنا بصدد نتائج هذه الثورة السياسية ، ولكن اجتماعياً ؛ علماء الاجتماع أقرُّوا ويقرُّون بموجات هَدم وبِناء ، إحلال وإبدال ، تجتاح المُجتمعات بعد كل ثورة ، خاصة إذا كانت شعبية كثورة ١٩١٩م أو ثورة ٢٠١١م ؛ ففيهما اختلط الحابلُ بالنابل ، أُسقِطَت رموز ، و بلغت رموز أُخرى عنان السماء ، و تهاوت قيم ومبادئ ، وتم إحلال أخرى ؛ والأخطر الانحرافات الأخلاقية التي لا تقل رُعباً عن التشكيلات العِصابية والإجرامية التي تطفو إلى سطح المجتمعات ، إما نتيجة إنشغال قوات الشرطة حينها والأمن العام بإعادة الانضباط للشارع، او بسبب اجتراء البعض على الكِبار من آباء ومُعلمين و رموز أدبية وعلمية .

..من هنا وجد تنظيم ( ريا وسكينة) تربته الخِصبة في مصر وبالتحديد في الإسكندرية ، وذلك فور انتهاء الحرب العالمية الأولى ، وبالتزامُن مع موجات ثورة ١٩ ؛ فالخُلُق المُتدني ، والجهل جعلا من السهل ، اندساس ( ريا وسكينة ) وسط الجموع لاصطياد الضحية تلو الأخرى ، حتى أخرجت الأرض أثقالها وانكشف المستور بإذن الله تعالى ثم برغبة شعب رفض الفوضى والانحلال.

…وبعد أقل من مائة عام انفجرت ثورة ٢٠١١م ليتبعها ( تسونامي ) جارفة – و ليست مُجرّد مَوجات – من ضياع القيم والأخلاق ، وإهانة الصغار للكبار ، وتسفيّهٍ لآرائهم ؛ فلا عجبَ إذن أن ( تطفح ) من وسائل التواصل الاجتماعي تسريبات ، لصراعٍ همجي بين طلاب مدرسة فارهة فاخرة ، لم تمنع الرفاهية والفخامة من امتداد موجات الانحلال الأخلاقي إلى طلاب هذه المدارس ( كِريمَة التعليم ) ، إن لم تكن هذه المدارس بأخبارها واحتفالات تلاميذها مصدر لإفساد حياة وعقول طلاب الطبقة المتوسطة ؛ ولما لا وقد شاهد هذا الجيل ويُتابع تسريبات لرموزٍ فنية ، ورياضية ، تتحدث بألفاظ يُعاقَب عليها ، بل ويُقيم الشرع على ناطِقِها ( حد القذف) .
فما كانت ( ريا وسكينة ) ٢٠١١م إلاّ نتيجة ثورة وضعف أخلاقي .

.. فذلك الحادث لاعتداء طالبات مدرسة التجمُّع لا يُمكن تبرئة المجتمع منه ، فإنها حالة ما بعد الثورة ، ثورة عصفت بالبلاد والعباد ، وضعف أخلاقي ، أعلى من شأن المال ، وقَهَرَ الرجال ؛ فلا تُعاقِبوا الطالبات فقط ، أطيحوا بالجميع ، فالكل مُذنِبون . ..وقيام المسئولين عن القرار في التربية والتعليم بمعاقبة الطلاب الذين قاموا بالتصوير بارقة أمل ،و أكبر دليل على وجود وعي وفهم لخطورة الأمر، وإدراك لاتساع خطر ( ريا وسكينة ) القرن الجديد.

…ونحن الشعب الداعم لقيادته في انتظار اتساع دائرة العقوبات ، فكلهم مذنبون ، ولكن بدرجات؛ فليست ( ريا وسكينة ) وعِصابتهُما هذهِ المرة المُحاسبين فقط…ولأول مرة يجب أن نردد جميعاً و بحزم ((..الدور الدور ..الدور .. الدور..تستاهل يا اللي عليك الدور..)).

مايسة عبد الحميد

نائب رئيس مجلس إدارة الموقع
زر الذهاب إلى الأعلى