عاجلعالم الفنمقالات

حين يصبح التنازل عادة… كيف تتحول الطيبة إلى عبء

حين يصبح التنازل عادة… كيف تتحول الطيبة إلى عبء

حين يصبح التنازل عادة… كيف تتحول الطيبة إلى عبء
ماجد الكدواني

كتبت/ دنيا أحمد

في تفاصيل الحياة اليومية، نقع كثيرًا في فخ التضحية الصامتة، حيث نمنح دون أن نُطالِب، ونتنازل بدافع الحب أو المسؤولية أو النُبل، دون أن ننتبه أننا نرسم حدودًا غير مرئية تجعل الآخرين يظنون أن ما نقدمه لهم هو حق مكتسب، لا فضل ولا عطاء.

الفنان ماجد الكدواني لخص هذه الحالة ببساطة وعُمق في موقفٍ مع ابنه:
في البداية، حين نسي الابن شحن هاتفه، بادر الأب ووضعه على الشاحن. شكر الابن والده بحب.
تكرر الموقف، واستمرت كلمات الامتنان…
لكن حين توقف الأب عن “الخدمة” ليومٍ واحد، لم يكن الرد “شكراً على الأيام اللي فاتت”، بل كان عتابًا واستنكارًا.
وكأن ما كان جميلًا أصبح واجبًا، والتقصير فيه خطأ يستحق اللوم!

 

حين يصبح التنازل عادة… كيف تتحول الطيبة إلى عبء
ماجد الكدواني

هذه ليست حكاية فردية، بل نمط نعيشه جميعًا:
• حين نرتب لأبنائنا غرفهم بدافع الحب، فيتوقفون عن فعل ذلك بأنفسهم.
• حين نسأل عن أصدقائنا بانتظام، فيعتادون السؤال ويغضبون إن انشغلنا.
• حين نتحمل الغضب والصراخ مرة، فنجعل منه “الطبع الدائم” للطرف الآخر.

نُحب أن نكون سندًا، لكن ننسى أن نُعلّم من حولنا أن ما نقدمه ليس فرضًا، بل معروفًا، لا يُجازى بالجحود.

المشكلة ليست في الكرم أو الطيبة، بل في غياب التوازن.
فمن يعطي دون حدود، يُرهق نفسه، ويصنع من حوله أشخاصًا لا يرون حجم التضحية، بل يعتبرونها من حقوقهم.

التنازل المتكرر يُصبح عبئًا إذا لم يُقابل بالتقدير،
ويتحول الحق المُعطى إلى دين يجب سداده، ثم إلى حق دائم لا يجوز التراجع عنه.

الدرس هنا واضح:

• كن طيبًا، لكن لا تنسَ أن تُعلّم الآخرين قيمة عطائك.
• ساعد، لكن لا تجعل نفسك أداة دائمة الخدمة.
• لا تجعل من “حُسنك” سُلّمًا يعتليه الآخرون دون أن يشعروا بفضلك.

في النهاية… حتى العطاء يحتاج عدالة.
وحتى الحب، إن لم يُصن بالتقدير، ينكسر في صمت.

زر الذهاب إلى الأعلى