الدوحة الثلاثون ” الصيام ويوم الجائزة ” بقلم : د. ياسر أحمد العز
في ختام شهر البركات تزينت الأرض ولبست أجمل حللها. وتفتحت الأزهار وغنت أحلى ألحانها..وتألقت الشمسُ وأرسلت أروع أشعتها .. تبدى الهلالُ في إطلالةٍ جديدة بعد أن حلّق فوقَ رؤوس الصائمين. وسمع أنينَ التائبين. وعاين أوبةَ المقصرين..
لقد عاش معهم ثلاثين يوما من التوبة ولذيذالمناجاة وطيب الذكر وروائع الاستغفار. لقد سمع تهجدَهم في ظلمة الليل ورأى دمعاتِهم الحارة وهي تغسل ذنوبَهم في لحظات التوبة الصادقة. ثم عاد إليهم من جديد مطلا من عليائه. كعروس حسناء تُشرف من نافذة قصرها.. عاد لينشر نوره في نفوس الحزن قبل أن ينشره على الأرض، فيبدد أحزانها. و ينتشلها من سُحب الهموم ويناديها بأعذب نداء.. ويبشرها بقدوم يوم الفرحة..يوم الجائزة والسعادة… اليوم يومك أيها الصائم اليوم تتسلم جائزتك يا من صمت لله ،يا من هذبت نفسَك وقومتها ثلاثين يوما.
الصمود وإحتساب الأجر:
يا من صُمتَ احتسابًا للأخر . وتحملتَ الجوع والعطش في سبيل إرضاءِ ربك.. يا من صبرت! على القيام والتهجد. وتقربت إلى خالقك ومولاك.. يا من كظمت غيظك. وقومت اعوجاج نفسك. وعفوت عمن ظلمك.. يا من تسرب الملل إلى قلبك فبادرته بتذكر الأجر وعاقبة الصبر.. قد جاء يومك.. (قل بِفَضْلِ اللَّه وَبِرحْمَته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) وكيف لاتشعر بالفرحة والسعادة؟ وهذا عيدك؟ وحصاد عملك ؟ وثمرة غرسك ؟
يا من صمت ثلاثين يوما- إياك أن تلوث ما طهرتَه في شهر رمضان.. – إياك أن تدنس توبتك وتعود إلى معاصيك..
إياك أن تشوب أعمالك الصالحة بما يغضب الله فيما بعد رمضان – إياك أن تنسى روعةَ الإيمان وحلاوته. ولحظات اليقين التي عشتها في رمضان.. – إياك أن تبدل قلبا صَدَق مع الله في ليالي رمضان المباركة لقلب منتكس بعده ..
– إياك أن تعود بعد البكاء الذي غسل ذنوبك وطهر معاصيك. فترى بعينك إلى ما يغضب الله أو تستمع بإذنك إلى ما ينهى عن سماعة .. – إياك أن تنقض ما أبرمتَ. ناكصًا على عقبيك…تذكر أن من داوم على عمل الخير فلا يحسن به أن يتركه ولا يجدر به أن ينساه!