هل الإعلام العربي أصبح خاليا من الهوية أم تحور للأنظمة !!؟
كتب : نبيل أبوالياسين
مجموعة أفكار ومبادئ مُرتبطة ومنظّمة تُسمىّ ” منظومة ” والمنظومة الإعلامية لا يمكن أن تعمل بعيدة عن المنظومة الثقافية لإي مجتمع. كما أن وسائل الإعلام هي مرآة الشعوب التي تعكس وجهها الإبداعي والحضاري من خلالها. ومن أراد أن يتعرف على ما يشغل فكر مجتمع من المجتمعات وما يفكر فيه .
من هنا أتحدث عن الإعلام كـ منظومة تعمل في إطار باقي منظومات المجتمع، فهذا حديث له قدراتةُ وحجيته. وليس من باب تنفيض الأيادي من الأدوار والاستحقاقات الوطنية التي يجب أن يتحملها الجميع تجاه مجتمعه. والإلقاء بكامل المسؤولية عليه، ولكن لأن وسائل الإعلام أصبحت !!؟
بعيداً عن التقوقع ، «الإنطواء على النفس» ،الإستغناءُ عن سواه. ندرك دائماً أن سر وجودها «المنظومة الإعلامية» ومبعث قوتها في الحفاظ على هويتها.
وباء التّحور والحاجة الماسة لمعالجةُ !!
كانت مصر في مقدمة الدول العربية إذا توجعت ، تألمت المنطقة بأكملها لوجعها، وعلى هذا توارثها الاجيال. لا أقصد هنا المنطقة العربية فقط، بل الشرق أوسطية عموماً، الحراك. والتضامن يندلع في مصر، ثم في بقية دول المنطقة، الإحتجاجات تعم مصر، ثم في بقية الأقطار، الغضب يجتاح مصر. ثم يستشري بعد ذلك. وينطلق من خلالُه الشعر ،النثر والخطابة، وتصدح الأغنية والالحان ،دندنة المقامات .
رياح وطنية
تهب من مصر رياح الوطنية وإذاعة صوت العرب ، والإعلام الوطني والهادف. الصحافة الفاعلة ،والإنتاج السينمائي الذي يهدف لمعالجة السلبيات ، وتعزيز الإيجابيات. تنسج مصر خيوط كسوة الكعبة، وتنتفض لفلسطين ،القدس الشريف ، تزود عن الجزائر ،اليمن. وتمد أذرعها للكونغو ،أوغندا، ومن بجوارهم ، لذا كانت مصر أُم الدنيا. وكانت مصر ملاذ المضطهدين. المقهورين ودعاة الحرية ،التحرر والمدافعين عن الإنسانية .
ما الذي حدث لمصر والدول العربية مؤخراً ؟! وكيف حصل هذا ؟ ولماذ حصل ؟ وإلى متى سيظل ؟
لقد إنتفضت أخيراً أغلابية شعوب العالم شرقاً ،غرباً ،شمالاً ، وجنوباً من أجل فلسطين إلا شعب مصر ، وبعض شعوب الدول العربية لم ينتفض بالشكل المعتاد عنه ، شهدت كل عواصم العالم مظاهرات وإحتجاجات ضد العدوان الإسرائيلي على أهلنا في غزة ، والقدس المحتلة إلا في مصر ، عدة دول عربية، شحنات الأغذية لن تنتصر للقضية الفلسطينية التي تُعد بالمركزية، المساهمة في إعادة الإعمار لن تعيد شهيداً إلى الحياة.
و تصريحات المجاملة لن تواسي مكلوماً في محنته أوحزينة فيما أفتقدتةُ، الدعم العسكري فرض شرعي ، وطني في مثل هذه الظروف، على العكس تماماً ، بَقِيَ العالم أياماً شديد الهول والفزع ،في الوقت الذي أصيب فيه المصريون ، وغيرهم من العرب بالمرض اللعين، ألا وهو التَحَور، هذه هي الحقيقة، أصيبوا بالتَحَور طوال فترة العدوان الإسرائيلي على القدس والشعب الفلسطني .
هل هذا ما أسماه بالطابور الخامس الصهيوأمريكي الذي تسلل إلى عقولنا!!؟
أم هي وسائل الإعلام التي أصبحت خالية الهوية والتَّحور للأنظمة«تتغَيَّر بتغيير النظام »!!؟
لقد إستطاع إعلام الصهاينة «العرب»تغيير إتجاه البوصلة في مصـر خاصه ، الوطن العربي عامه لقد إستطاعوا تخريب العقل العربي لدرجة إنها جعلت منهم لايستطيعوا التفريق بين العدو الحقيقي والشقيق ، أو بين العدو التاريخي والصديق .
شاهدنا وسمعنا كثيراً من هاجم الشعب الفلسطيني، ومن هاجم حركة حماس، ومن هاجم المقاومة عموماً، بل ومن يدافع عن العدو الصهيوني بكل شراسه ، رأينا المشاحنات الكثيرة على منصات التواصل الإجتماعي ، وأخرى على الفضائيات في هذا الشأن.
،،
كانت الأحزاب تتَنافَس في التعبير عن موقفها، كانت تهرع للأخذ بزمام المبادرة، وتحث باقي النُخب المصرية، والعربية المختلفة ليتسارعَّ في إعلان غضبهم ، وتنتفض النقابات المهنية على خُطاهُم، وكذلك الجمعيات ،والمنظمات الأهلية تهرول لجمع التبرعات، كانت طلاب الجامعات يهرعون لهرع القوه السياسية والنخب العربية، دمائهُم تنتفض.
تصريحات المسؤلين
وكنا نشُاهد، ونسمع في المدارس وهم ينشدون الأغاني الوطنية، كانت تصريحات المسؤولين في مصر والأمه العربية عموماً ذات قيمة، حتى الأندية كانت تتوشح برداء الوطنية ، والقومية ونداءات التطوع والمقاومة الشعبية.
،،
••هل أصبحت نظرة الشعب المصري ، والعربي إلى القضية الفلسطينية على أنها قضية ثانوية !!؟
لابد من عودة مصر والدول العربية إلى سيرتهم الأولى، يجب أن تتصدر مصرالمشهد، ومن ورائها الدول العربية يجب أن تأخذ بزمام المبادرة كما نراه الأن من إستراتيجية النهج السياسي الجديد الذي تنهجهُ الإدارة المصرية بقيادة السيسي، دون أن تنتظر توجيهاً من واشنطن،أوغيرها ، ولا تكليفاً من أحد!؟. ولا حتى طلباً رسمياً من أي طرف من الأطراف. بل فرضت نفسها على الساحة وترسخ في أذهان المجتمع الدولى. بأنها الأقوى وأصبحت هي من تقود ولا تُقاد، تُبادر ولا تنتظر الإشارة.
من هنا نقول آن الآوان للإعلام المصري أن يتصدر المشهد بأموال مصرية ليكون موازٍ لإستراتيجية النهج الجديد للقيادة السياسية ، وليس بأموال خارجية ، حتى نخرج من مستنقع إزدواجية الإنتماء لانها ثبت بأنها كارثية، لان الأموال الخارجية الذي تَغَذَّى به الإعلام المصري خاصه والعربي عامه أضحىّ إلى العمالة والخيانة .
نظرت الشعب المصري والعربي للقدس والمسجد الأقصى
نرى وللأسف أنهم ينظرون إلى القدس الشريف على أنها مدينة تعني الفلسطينيين فقط، أو إن أصحً التعبير أصحبت نظرتهم إلى المسجد الأقصى على أنهُ يخص المقدسيين وحدهم ، وجاء يوماً نرى فيه الشعوب العربية تسمع وترى قصف طائرات العدو الصهيوني أشقاءنا في فلسطين المحتلة، بينما هم مشغولين في مشاهد مباراة كرة القدم، أو مسلسلات، بدافع الإلهاء ومزيد من التغييب.
ليس هذا هو الشعب المصري ولاالعربي، نحن أمام شعوب عربية آخرىّ ، شعوب مبرمجة، لم يتنزع منها النخوة، فهي كامنة في داخلهم ، ولكن في أشد الحاجه إلى التنشيط، ووقظتها، لا أعتقد أبداً أن هذه الغفلة أو التغييب في مصلحة الأمة العربية ، ولا حتى في مصلحة الأنظمه الحاكمة لذا. أدعوا الأنظمه إلى تحمل مسئولياتها، وإستعادة الروح الوطنية، روح المقاومة والمبادرة ،والقيادة ،وها قد بدأ بها النظام المصري مؤخراً.
محاولات أَخْمَاد وعي الشعوب العربية من خلال إعلام منزوع الهوية تجاه القضية الفلسطينية.
منذُ بداية القضية الفلسطينية ، والشعوب العربية كانت حاضنة لها ومدافعة عنها وحائله دون تصفيتها، ولكن في ظل الربيع العربي. وإنشغال الشعوب وقيادتها بالصرعات السياسية بدء الخبث الصهيوأمريكي يُخطط لإنتزاع الهوية من الإعلام المصري والعربي. لإستخدامه في فك الإرتباط بين فلسطين والعالم العربي وإخماد وعي الشعوب العربية تجاه فلسطين، إلا أن محاولاتهم باءت جميعها بالفشل.
وختاماً : أقول إن الخشية من ردة فعل الجماهير العربية، والممانعة الشعبية العربية القوية ، بالإضافة لصمود الشعب الفلسطيني ومقاومةُ للإحتلال الصهيوني هما ما أعاقوا تصفية القضية الفلسطينية وإعتراف بعض الأنظمة العربية بإسرائيل.