حمدي رزق يكتب: جرائم الهامش!
قالت وزارة الداخلية فى بيان صادر عنها (الثلاثاء الماضى): فى إطار جهود أجهزة وزارة الداخلية، لكشف ملابسات تداول مقطع فيديو على أحد المواقع الإخبارية، متضمنًا قيام شخصين بالاعتداء بالضرب على إحدى السيدات وطرحها أرضًا بقرية (الطيبة بدائرة مركز نبروه بالدقهلية)، بالفحص تبين أن الواقعة مُحرر بشأنها محضر بدائرة مركز شرطة نبروه بمديرية أمن الدقهلية، يتضمن بلاغ (إحدى السيدات)، مصابة بكدمات وسحجات متفرقة، واتهمت ثلاثة أشخاص بالتعدى عليها بالضرب بالأيدى وإحداث إصابتها لخلافات بينهم بسبب الجيرة، وعقب تقنين الإجراءات تم ضبط اثنين منهم، وبمواجهتهما اعترفا بارتكاب الواقعة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، وجار تكثيف الجهود لضبط المتهم الثالث.
قد يرى البعض أن مثل هذه الأخبار من الأعمال العادية لوزارة الداخلية، التى تعودنا منها نشر الأخبار الصاخبة عن الجرائم الضخمة عن العصابات والمافياوات، إرهاب، مخدرات، آثار، أموال عامة، لكننى أراها جد مهمة بل مؤثرة مجتمعيا، وخبر ضبط الجناة فى واقعة التحرش بفتاة الفيوم فى مقلب القمامة يهم بقدر أهمية ضبط ملياردير تجارة الآثار.
نفرة أجهزة الأمن لغوث سيدة فى قرية صغيرة لا ترى على خريطة الوطن، (الطيبة / نبروه)، وتقفى آثار المعتدين على (فتاة مقلب قمامة الفيوم)، وضبطهم سريعا وتقديمهم للنيابة، أولوية من أولويات الأمن الاجتماعى، والأمن الاجتماعى من أولويات المرحلة التى تفيض بالعنف المجتمعى، معلوم، لدينا فائض عنف مجتمعى يستوجب ردعه، وكبحه بالقانون، وليعلم كل معتد أن يد العدالة ستطوله، ولن يفلت بجريمته باعتباره يعتدى على هامش الحياة الصاخبة.
الوقوف بحزم شرطى فى مواجهة جرائم التعدى على البسطاء، يكبح الظاهرة المخيفة، ويقطع الأيدى إذا امتدت، ويكبح التجبر، ومشتقاته من التعدى والتنمر والتحرش، والاستباحة المجتمعية.
الخبر على بساطته رسالة بعلم الوصول، ومن شأن هذا بالتأكيد أن يرسل إشارة لا تخطئها العين، لن يفلت معتد بحريمته، والشرطة حاضرة فى التو واللحظة.
ناهيك عن المساوئ، من محاسن وسائل التواصل الاجتماعى لقط هذه المشاهد التى كانت تتم فى الظلام، وتعريضها للضوء، ولفت أنظار الأجهزة الأمنية التى تبادر بالتحقق والتوقف والتبين والضبط، والتحويل إلى النيابات.
حلقة حمائية مضروبة من حول ضعاف المجتمع؛ لكسر شوكة المستقوين على عباد الله الطيبين. قطعت يد تمتد إليهم استباحة وتجبرا، مهم جدا تسييد هذا المعنى؛ ردعا للعنف المستشرى، ولجم استعراضات القوة القاهرة والعنف المفرط على الفئات المهمشة والضعيفة. كم ترتكب جرائم على هوامش المجتمع، فظيعة فى تفاصيلها، ومحزنة فى أسبابها، نعم «الشرطة فى خدمة الشعب» ليس شعارا مناسباتيا، ولكنه تطبيق عملى فى مثل هذه الحالة، من آلاف الحالات، تحويها محاضر ضبط المعتدين فى الربع الخالى من الإنسانية.
يلفتنى القبض على مجرم ذى نفوذ وحيثية، بقدر ما يغبطنى القبض على مجرم مجهول فى الشوارع الخلفية. جرائم الشوارع الخلفية، جرائم الهامش المجتمعى، جد خطيرة؛ لأنها تتم بعيدا عن الضوء، فى ظلام الهامش، فإذا لم تواجه ردعا بالقانون تستشرى مخلفة عواقب وخيمة.