الموسو قبيلة تحكمها النساء على جبال الهمالايا
كتب : مجدي درويش
تتخذ قبيلة الموسو من سفوح جبال الهملايا مقرًا لها وهي قبيلة تحكمها النساء وهي واحدة من أبرز المجتمعات الأمومية وأندرها بالعالم ويمتد وجودها في منطقة التبت المرتفعة لأكثر من ألفي عام.
كما يتواجد سكان القبيلة على ضفاف بحيرة “لوغو” قرب حدود مقاطعتي يونان وزيتشوان الصينيتين.
حيث أن الهيمنة الكاملة للقبيلة فيها النساء على كافة نواحي الحياة الاجتماعية والإقتصادية أي أن شؤونها تدار وفق النظام الاجتماعي الأمومي أو ما يعرف في علم الإجتماع ماترياشي وهو المجتمع الذي تحكمه الإناث.
وفي هذا النظام وعلى عكس النظام الأبوي الذكوري ينتظر من النساء أن يلدن فتيات توافقًا مع الإعتقاد السائد لديهم بأن الأمهات مسؤولات عن إستمرار نسب القبيلة وإنتقالها من جيل إلى جيل.
على الجانب الآخر نجد الرجال مهمشين لأقصى درجة حيث لا توجد لهم أية مسؤولية أو حقوق في الملكية والمواريث كما أن نسب القبيلة يستمر من خلال النساء فقط.
كما يعيش أفراد كل عائلة من عائلات الموسو معًا في بيوت واسعة وكبيرة ورب كل عائلة هو أكبر سيدة فيها ويحصل الأطفال حديثو الولادة على ألقاب الأمهات لا الآباء لذلك يقولون إن نسب القبيلة يستمر عبر النساء.
بحيث ينتقل الميراث لدى شعوب الموسو من شخص لآخر عن طريق النساء اللاتي يملكن الكلمة داخل العائلة فهو حق من حقوق الأخت الكبرى أو من هن دونها من البنات فقط
ومن غرائب هذه القبيلة أيضًا أن الرجال يمكثون في منازل أمهاتهم مدى الحياة.
ومن عاداتهم الغريبة أيضاً أن مفهوم الزواج غير معترف به هناك فعندما يقع رجل في حب امرأة يزورها ليلا في بيتها في نوع من أنواع الزواج يطلق عليه إسم الزواج السيار وعند بزوغ الفجر يغادر المنزل.
ويذكر أن عادات الزواج هذه يحق للمرأة أن تقبل بالزوج الذي أتاها ليلًا أو أن تطرده من منزلها فالعواطف والروابط لا مكان لها في مجتمع يُحرّم مشاعر الألفة والمودة في الرباط الشرعي بين الزوجين لكي لا تسيطر عليها مشاعرها فتعود لحكم الرجل.
ولا يقع على الرجل أية مسؤولية بخصوص رعاية الأطفال ومعيشة العائلة إذ أن النساء هن من يقمن برعاية شؤون المنزل وعلى الرجال تسليم ما يكسبون من أموال لـربة الأسرة.
ورغم أن النساء في تلك القبيلة يملكن في أيديهن القوة بأسرها إلا أنهم مضطرات للقيام بأشغال كثيرة من طبخ للطعام وتنظيف وعمل بالحقل فضلا عن أشتغالهن بالحياكة والنسيج أي أنهن يعشن حياة بشكل مرهق.
ورغم أن الرجال مهمشين إلا أنه تتم إستشارتهم بخصوص القرارات التي تتخذ في الموضوعات والشؤون السياسية وهؤلاء الرجال يعملون في رعي الغنم، وصيد الأسماك وذبح الحيوانات.
ومن الأمور المثيرة الأخرى التي تتسم بها هذه القبيلة أو القومية، هي أن اللغة المحلية التي يستخدمها سكانها، وكذلك المعاجم، لا وجود فيها لكلمات ومفاهيم مختلفة مثل الأب، والعم، والصهر، والعروس، والحماة.
وفي حديث للأناضول، قالت “موري صارلاشي” من شعب الموسو “لا توجد في حياتنا مشكلات كتلك التي تعاني منها الشعوب الأخرى، مثل الصراع بين العروس والحماة، والنزاع على الميراث، ناهيكم عن مسألة الطلاق”.
وشددت على أن المجتمع الذي يعيشون فيه أكثر هدوءًا واستقرارًا، مضيفة “في ظل المجتمع الأمومي، انخفضت لأقصى حد، كثير من الجرائم مثل العنف، والسرقة، والاغتصاب”.
بدوره قال رجل من نفس القبيلة يدعى “آفا آرطا”، للأناضول، إن “النساء يملكن القوة بأيديهن، لكن هذا الوضع يمنح الذكور مزيدًا من الحرية والراحة وأنا شخصيًا لا أرى في هذا الوضع أي مشكلة”.
الصين لا تعترف بقومية الموسو
رغم أن شعوب الموسو من قومية مختلفة ثقافيًا وأيضا وراثيًا إلا أن حكومة الصين لا تصنفهم ضمن الـ56 جماعة عرقية المعترف بها رسميًا في الدولة.
كما أن قبيلة موسو التي تبلغ 25 ألف نسمة تعتبر فرعًا من قومية “ناشي” التي يبلغ عددها ما يقرب من 300 ألف نسمة، غير أن هناك اختلافات كثيرة للغاية بينهما.
بينما قبيلة الموسو مجتمع أمومي نجد على الجانب الآخر قومية “ناشي” على النقيض من ذلك تمامًا، وتؤمن الأولى بمعتقدات البوذية التبتية (طائفة دينية تنتشر بالتبت)، أما الثانية فلديها معتقد يقدس الضفادع. فضلا عن أن اللغات المحلية المستخدمة من قبل الجانبين مختلفة تمامًا عن بعضها البعض
عزلة تامة عن العالم الخارجي
كما يعيش شعب الموسو في منطقة معزولة عن العالم الخارجي وبهذا الشكل تمكن من الحفاظ على ثقافاته وعاداته وتقاليده المثيرة والغريبة ونظرًا للجمال الطبيعي الذي تتميز به منطقتهم فإن السياح بدأوا يتوافدون بكثرة عليها.
جدير بالذكر أن الحكومة الصينية
لا تعترف بشعب الموسو كقومية مختلفة فإنه لا يمكنهم الإستفادة من الحكم المعمول به في المناطق التي توجد فيها بكثافة بعض الأقليات العرقية في البلاد.