نجاة الصغيرة … صاحبة السكون الصاخب في يوم ميلادها
تقرير: ثريا الصاوي
تميزت بصوتها العذب وكلمات أغانيها الراقية في بداية التحاقها بالفن قلدت أغاني كوكب الشرق أم كلثوم وذاع صيتها في عام 1946 كتب الصحفي المصري الشهير فكري أباظة في مجلة المصور تقريرا بعنوان “مطربة يجب أن تستولي عليها الحكومة” طالب فيه الدولة بدعم موهبة نجاة الصغيرة.
“قيثارة الطرب” هذا اللقب منحه عبدالوهاب للفنانة نجاة الصغيرة، و وصفها عبدالوهاب قائلاً “صاحبة السكون الصاخب”، فهى صاحبة صوت له جمال عَذب يُشعرك بالذنب إذا لم تُحبه.
وُلدت الفنانة نجاة الصغيرة 11 أغسطس عام 1938، في القاهرة نشأت وسط عائلة فنية حيث أن كان بيت والدها معروفًا باسم “بيت الفنانين”، لهُ من الأبناء، عز الدين حسنى، ملحن موسيقي، ودرّس شقيقته نجاة الموسيقى والغناء. وابنه الآخر سامي حسني، يعزف على آلة التشيلو، وهو كذلك مصمم مجوهرات وخطاط، والممثلة، سعاد حسني.
بدأت موهبة نجاة الصغيرة الفنية منذ طفولتها، حينما اكتشف والدها موهبتها وعذوبة صوتها شجعها على الغناء، وأخذ يتردّد بها على المسارح ومتعهدي الحفلات، و قدمها للمرة الأولى في حفل وزارة المعارف عام 1944، ولم يكن عمرها تجاوز بعد ست سنوات.
عندما بلغت التاسعة عشرة من عمرها كلف والدها شقيقها الأكبر، عز الدين، يدربها على حفظ أغاني كوكب الشرق أم كلثوم، لتقوم بأداء أغانيها فيما بعد في العديد من الحفلات.
لكن قدم الملحن محمد عبدالوهاب شكوى رسمية في مركز شرطة ضد والد نجاة، ادعى فيها أن هذا التدريب هو عرقلة للعملية الطبيعية لتنمية صوتها، وأنها ينبغي أن تترك وحدها تتطور بشكل طبيعي دون تلك التدريبات.
عام 1947، اتجهت نجاة نحو التمثيل وقدمت أول أدوارها السينمائية في فيلم “هدية” للتربع بعد ذلك على عرش السينما المصرية، ومن أبرز أعمالها “القاهرة في الليل، الشموع السوداء، سبعة أيام في الجنة، شاطئ المرح، ابنتي العزيزة، جفت الدموع”.
وعلى صعيد آخر قدمت نجاة عديد من الأغاني لكبار الملحنين أمثال زكريا أحمد ومحمود الشريف، و جاءت بدايتها الفنية الحقيقية من خلال أغنية “اوصفولي الحب”، من كلمات مأمون الشناوي، ثم التقت مع الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب الذي لحن لها أغنية “كل ده كان ليه” التي غناها بصوته فيما بعد.
من أبرز أغنيات نجاة، “دوبنا يا حبايبنا، أيظن، شكل تانى، لا تكذبي، ساكن قصادي، كل شيء راح، ماذا أقول، أسألك الرحيل، أنا بعشق البحر، عيون القلب، أما غريبة، أما براوة”.
في عام 1955 تزوجت نجاة من كمال منسي، أحد أصدقاء شقيقها، ساعدها على النجاح في تلك المرحلة وبدأت تاريخها الحقيقي في عالم احتراف الغناء وهي لم تتعد بعد 16 من عمرها، كان زوجها شديد التأثر والإعجاب بصوتها، وأحضر لها كبار المؤلفين والملحنين الذين قدموها بشكل مميز، مثل: “أسهر وأنشغل أنا، اوصفولي الحب، حقك عليا وسامح” وغيرها.
أنجبت من زوجها ومستشارها الفني ابنًا واحدًا هو وليد، و بعد أربع سنوات يحدث انفصال بين الزوجين.
وتزوجت الفنانة نجاة مرة ثانية وأخيرة من المخرج حسام الدين مصطفى، الذي أخرج لها فيلم “شاطئ المرح”عام 1967، لم تستمر في الزيجة الثانية لفترة طويلة، بعدها أعلنت نجاة تفرغها لابنها وفنها، ولم تتزوج مرة أخرى.
في حديث صحفي قديم للفنانة نجاة الصغيرة في مجلة «آخر ساعة» بعددها الصادر عام 1967 قالت” “لك أن تتصور إحساسي العصبي عندما يذهب وليد إلى السينما من 2-6، ويتأخر حتى السادسة والربع، ثم لك أن تتصور أيضًا إحساسي عندما يصل في السادسة والربع؟، الأمومة هي أكثر الأشياء التي تربط الإنسان بالأرض لولاها لطرت”.
تكرمت نجاة في تونس من الرئيس الحبيب بورقيبة ومرة أخرى من الرئيس زين العابدين بن على، بالإضافة إلى وسام من الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر.
في عام 1985، قدم لها الملك حسين، ملك الأردن، وسام الاستقلال من الدرجة الأولى.
و في عام 2006، حصلت نجاة على جائزة الشاعر الإماراتي سلطان بن على العويس. وكان عنوان الجائزة «هؤلاء أسعدوا الناس» وقُدمت في دبي.
في بداية عام 2017، قررت نجاة الصغيرة العودة إلى الساحة الفنية من خلال أغنية «كل الكلام» من كلمات عبدالرحمن الأبنودي، وألحان طلال، وتوزيع يحيى الموجي. وقد استغرق تنفيذ العمل سنة كاملة. وقد تم تصوير الأغنية فيديو كليب من إخراج هاني لاشين.
أحدثت الأغنية ردود أفعال واسعة عند الجمهور، إذ تخطت المشاهدات 100 ألف على موقع يوتيوب، إلا أن الملحن المصري، حلمي بكر، كان له رأي آخر، حيث أكد أن نجاة لن تعود للغناء مرة أخرى، وأشار في تصريحات لـ«القدس العربي» أن هذه الأغنية كانت لها ظروف خاصة، حيث تقاضت نجاة مليون دولار نظير تقديمها دفعها لها الموسيقار طلال، ابن الملك فهد، لذلك وافقت على تقديم الأغنية التي تم علاجها بأجهزة صوت حديثة في اليونان، مؤكدًا أن النتيجة النهائية للأغنية ليست الصوت الحقيقي للفنانة نجاة الصغيرة ولكنه نتيجة عمل الأجهزة، وأشاد بكر باللحن والكلمات.