سمير صبري ومدرسة الفن الإسكندراني
كتب: عمرو نوار
بيتر … كان هو الأسم الذي اتخذه الطفل “سمير” ليخدع به جاره “العندليب الأسمر” ويلتصق به فى رحلة ستمتد لسنوات عديدة وحتى رحيل “حليم” … من الإسكندرية عاصمة الثقافة والبحر والجمال جاء هذا الفتى مع أبيه إلى القاهرة… ليقوده الحظ- والذي سيلعب دورًا كبيرًا فى مفترقات حياته المتنوعة – إلى السكن فى تلك العمارة الذهبية .. عمارة النجوم والفنانين حيث يسكن العندليب … يتربص الفتى بدخول وخروج نجمه المحبوب حتى ينجح فى التحدث معه بلكنة يتقنها ذلك الفتى “الاسكندراني” مقدمًا نفسه على انه بريطاني يعيش فى مصر وانه من معجبين العندليب الذي يصدق الفتى وياخذه معه فى معظم مشاويره الفنية بين الأستوديوهات والحفلات … ويلعب الحظ دوره مرة أخرى ليعرّفه العندليب الفنانة لبنى عبدالعزيز وتطلب منه ان يقدم برنامجًا فى ركن الأطفال لديها فى الإذاعة الإنجليزية… رحلة طويلة خاضها ذلك القادم من البحر إلى النهر .. من هدوء الإسكندرية وتدفقات أمواجها الساحرة.. إلى صخب القاهرة وعنفوانها .. هوليود الشرق صانعة النجوم …قدم الفتى من تلك المدرسة الفنية الاسكندرانية والتي أعتمدت على النسيج الاجتماعي المنفصل والمتصل من تشكيلة الأصول اليونانية والايطالية والعربية لابناءها فى مزيج متناغم تختلط فيه مآذن العارفين بالله من المرسي أبو العباس إلى الشاطبي والقباري جنبًا إلى جنب مع نغمات فنان الشعب السيد درويش البحر وقلم المناضل عبدالله النديم … من صيادين البلانصات في أبو قير والأنفوشي إلى أرستقراطية “ستانلي” بسكانها الإنجليز .. في وسط هذا التنوع ولد ونشا الفتى موهوبًا مبدعًا لبقا منذ حداثة سنه … ولكن هذا ليس الجانب الوحيد المضئ فى مشوار هذا المبدع الكبير “سمير صبري “.. فقد عرف عنه انه “الإنسان”و “الفنان” ويعلم كل من كان يقف أمام مبنى التيلفزيون ان “سمير” كان يهرول إذا رأى رجلًا مسنًا أو سيدة مسنة فيأخذ بيده أو يدها لعبور الطريق ويشير بيده لإيقاف وسيلة مواصلات لهما … عدا مواقفه الإنسانية مع كل زملائه وأبناء جيله … اما عن “سمير” الفنان ” فهو “اجندة “متكاملة من المواهب ليس آخرها قدرته الفذة كمقدم لبرامج المنوعات والسهرات الفنية والثقافية من “النادي الدولي” إلى “هذا المساء” .. يعشق ويجيد الفن الاستعراضي باللغتين العربية والإنجليزية … يمثل وينتج بقلب لايعرف الخوف من الخسارة المادية فأنتج أول فيلم مصري تم تصويره تحت الماء (جحيم تحت الماء) وقام ببطولته فى شخصية (حسن أبو علي) واغنيته الشهيرة كما انه لعب أدوارًا خالدة في السينما المصرية من أكثرها إبداعًا كانت شخصية فايز الناجي ” فى حرافيش مولانا نجيب محفوظ ( التوت والنبوت) … ومن فيلم ( حكاية حب ” ١٩٥٩ إلى ( ٤ شارع طلعت حرب ) ٢٠٢٠ أمتد مشوار الفتى الاسكندراني كامل الأوصاف ومتعدد المواهب تمثيلًا وتقديما وغناءا وانتاجا واخلاقا …سمير صبري أحد أيقونات فن الزمن الجميل وكل زمان متعه الله بالصحة والعافية وتعظيم سلام لاسطورة الفن الراقي والسينما المحترمة.