“معبودة الجماهير والزوجة 13”.. نجمة الشباك الاولى لأكثر من ربع قرن.. في ذكرى ميلاد شادية
تقرير : مادونا عادل عدلي
التلميذة، بنت الشاطئ، البطل، في الهواء سواء، الزوجة 13، لوعة الحب، معا إلى الأبد، لا تذكريني، انسى الدنيا، امرأة في دوامة، اللص والكلاب، منتهى الفرح، القاهرة في الليل، ألف ليلة وليلة، زقاق المدق، الطريق، عفريت مراتي، نص ساعة جواز، مراتي مدير عام، معبودة الحماهير، ميرامار كل هذه أعمال مميزة تألق بها نجمة عشقت الفن
النجمة المميزة صاحبة الوجه البرئ والصوت الحسن شادية التي ولدت مثل هذا اليوم الموافق 8 فبراير 1931 ليست ممثلة فقط ولكنها مطربة أيضًا.
فهي من أهم الفنانات في تاريخ السينما المصرية، ولقبها النقاد والجمهور بدلوعة السينما.
لقي على ستة من أفلامها الاختيار في قائمة أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
والدها مهندس زراعي أحمد كمال شاكر اسمها الحقيقي “فاطمة”، عرفت في السينما باسم شادية، وقد اختلفت الآراء في سبب تسميتها فهنالك رأي يقول إن المنتج والمخرج حلمي رفلة هو من اختار لها اسم شادية ليكون لها اسما فنيا وذلك بعدما قدمت معه فيلم العقل في إجازة، وهنالك من يقول أن الممثل يوسف وهبي هو من أطلق عليها اسمها عندما رآها وكان يصور في ذلك الوقت فيلمه شادية الوادي، وهنالك قول يرجح أن الفنان عبد الوارث عسر هو من أسماها شادية لأنه عندما سمع صوتها لأول مرة قال: “إنها شادية الكلمات”.
وأما النجمة شادية قد ذكرت في لقاء مع الإذاعة المصرية سنة 1963 أنها هي من اختارت اسم شادية لنفسها وذلك في فترة التحضير لتصوير فيلم “العقل في إجازة” رغم أن اسم شهرتها في العقد كان “هدى” الذي لم تكن تستسيغه حينها، وأن المخرج حلمي رفلة قد وافقها على اختيار اسم شادية بشدة.
وقدمت خلال فترة ما يقارب أربعين عاماً حوالي 112 فيلماً و10 مسلسلات إذاعية ومسرحية واحدة، وتعد من أبرز نجمات السينما المصرية وأكثرهن تمثيلاً في الأفلام العربية، فضلاً عن قاعدة عريضة بين الجمهور العربي، وهي في نظر الكثير من النقاد أهم فنانة شاملة ظهرت في تاريخ الدراما العربية.
ولدت النجمة “شادية” في منطقة الحلمية الجديدة في حي عابدين، كان والدها المهندس أحمد كمال أحد المهمين من مهندسي الزراعة والري ومشرفًا على الأراضي الخاصة الملكية حيث كان عمله آنذاك أي في بدايات القرن العشرين يستدعي وجوده في قلب العاصمة المصرية القاهرة وعلى بعد خطوات من قصر عابدين وذكرت المجلات أن الفنانة لها أخت غير شقيقة من أمها تدعى عفاف عملت ممثلة لكنها لم تستمر طويلاً.
تزوجت النجمة ثلاث مرات ولم تنجب أبناء، الزيجة الأولى من الفنان عماد حمدي لمدة ثلاث سنوات، والثانية من المهندس “عزيز فتحي”، وتزوجت المرة الثالثة من الفنان صلاح ذو الفقار إلا أنها انفصلت عنه في عام 1969.
كانت انطلاقتها وبداية مسيرتها الفنية بعام 1947 حتى عام 1984 حيث قدمت من خلالها عدد كبير من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والأعمال الإذاعية.
بدايتها جاءت على يد المخرج أحمد بدرخان الذي كان يبحث عن وجوه جديدة فتقدمت هي التي أدت وغنت ونالت إعجاب كل من كان في إستوديو مصر، إلا هذا المشروع توقف ولم يكتمل، ولكن في هذا الوقت قامت بدور صغير في فيلم أزهار وأشواك وبعد ذلك رشحها أحمد بدرخان لحلمي رفلة لتقوم بدور البطولة أمام محمد فوزي في أول فيلم من إنتاجه، وأول فيلم من بطولتها، وأول فيلم من إخراج حلمي رفلة العقل في إجازة، وقد حقق الفيلم نجاحًا كبيراً مما جعل محمد فوزي يستعين بها بعد ذلك في عدة أفلام الروح والجسد، الزوجة السابعة، صاحبة الملاليم، بنات حواء.
حققت نجاحات وإيردات عالية للمنتج أنور وجدي في أفلام ليلة العيد بعام 1949 و ليلة الحنة بعام 1951 وتوالت نجاحاتها في أدوارها الخفيفة وثنائيتها مع كمال الشناوي التي حققت نجاحات وإيرادات كبيرة للمنتجين وعلى حد تعبير كمال الشناوي نفسه “إيرادات بنت عمارات وجابت أراضي” ونذكر منها حمامة السلام بعام 1947 وعدل السماء والروح والجسد و ساعة لقلبك بعام 1948
وأيضًا ظلموني الناس بعام 1950 وظلت نجمة الشباك الأولى لمدة تزيد عن ربع قرن كما يؤكد الكاتب سعد الدين توفيق في كتابه تاريخ السينما العربية، وتوالت نجاحاتها في الخمسينيات من القرن العشرين وثنائياتها مع عماد حمدي و كمال الشناوي بأفلام أشكي لمين بعام 1951 أقوى من الحب بعام 1954 إرحم حبي بعام 1959.
وشاركت “شادية” النجم صلاح ذو الفقار فيلم عيون سهرانة في عام 1956.
جاء صعود شادية الفارق عندما قامت بالاشتراك في فيلم المرأة المجهولة لمحمود ذو الفقار بعام 1959 وكانت تبلغ 28 عاماً.
وكانت النقلة الأخرى في حياتها من خلال أفلامها مع صلاح ذو الفقار والتي أخرجت طاقاتها الكوميدية في فيلم مراتي مدير عام بعام 1966 و كرامة زوجتي بعام 1967 وفي فيلم عفريت مراتي بعام 1968 وقدما أيضًا فيلم أغلى من حياتي في عام 1965، وهو أحد أعمال الفنان محمود ذو الفقار الرومانسية وقدما من خلاله شخصيتي أحمد ومنى كأشهر عاشقين في السينما المصرية، وكان آخر أعمالها السينمائية مع صلاح ذو الفقار هو فيلم لمسة حنان بعام 1971.
كانت قد سبقت هذه الأفلام بفيلم يعد من أفضل أفلامها وكانت بداية انطلاقتها بالدراما وهي لم تزل بعمر صغير بفيلم أنا الحب بعام 1954 وتوالت أعمالها التي شهد معظمها استقبالاً جماهيرياً جيداً وللسينما المصرية أيضًا من خلال روايات الكاتب نجيب محفوظ بفيلم اللص والكلاب وزقاق المدق والطريق وبعام 1969 قدمت ميرامار كما قدمت شيء من الخوف من إنتاج صلاح ذو الفقار، ثم فيلم نحن لا نزرع الشوك عام 1970 وتوالت أعمالها في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين إلى أن ختمت مسيرتها الفنية فيلم لا تسألني من أنا مع الفنانة مديحة يسري عام 1984.
ويذكر أن الأديب نجيب محفوظ قال عنها قبل أن تصبح بطلة مجموعة من افلامه: “شادية هي فتاة الأحلام لأي شاب وهي نموذج للنجمه الدلوعة وخفيفة الظل وليست قريبه من بطلات أو شخصيات رواياتي” خاصة أنه تعامل معها عند كتابته لسيناريو فيلم الهاربة، ولكن كانت المفاجأة له عندما قدمت دور (نور) في فيلم اللص والكلاب للمخرج كمال الشيخ والذي جسدت فيه دور فتاة الليل التي تساعد اللص الهارب سعيد مهران، وبعدها تغيرت فكرة الأديب نجيب محفوظ وتأكد بأنها ممثله بارعة تستطيع أن تؤدي أي دور وأي شخصيه وليست فقط “الفتاة الدلوعة”.
وقفت “شادية” لأول مرة على خشبة المسرح لتقدم مسرحية ريا وسكينة مع سهير البابلي وعبد المنعم مدبولي وحسين كمال وبهجت قمر لمدة 3 سنوات في مصر والدول العربية، هذه المسرحية هي التجربة الأولى والأخيرة في تاريخ المشوار الفني في حياتها على خشبة المسرح وليس ذلك هو السبب الوحيد لأهمية المسرحية في مشوار حياتها الفنية بل لأنها أدت هذه المسرحية بلون كوميدي والسبب الآخر انه أمام عمالقة المسرح ولم تقل عنهم تألقا وامتاعا وكانت معهم على قدم وساق كأنها نجمة مسرحية خاضت هذه التجربة مرات ومرات رغم أنه من المعروف عنها أنها من النوع الخجول في مواجهة الجمهور والأمر هنا يختلف عن مواجهتها لجمهور المستمعين في الغناء ولكنها كانت مبدعة ورائعة، ولم نشعر بفارق بينها وبين عمالقة المسرح الفنان عبد المنعم مدبولي والفنانة سهير البابلي والذين اقروا بأنهم لم يروا جمهوراً مثل جمهور مسرحية ريا وسكينة لأنه كان جمهورها الذي أتى من أجل عيونها.
واعتزلت شادية عندما أكملت عامها الخمسين، وعقلت على سبب اعتزالها التمثيل والغناء بالتالي: “قرار الاعتزال للغالبية العظمى من الفنانات جاء انطلاقا من الإيمان بالله سبحانه وتعالى والامتثال لأمره، وبالنسبة لي فإن سبب اعتزالي له مواقف عديدة مرت بي وصعوبات كثيرة جعلتني أبتعد عن هذا الطريق فقد قال الحق “إن الله يهدي من يشاء ” وقد عرفت الطريق الصحيح وهداني الله تعالى إليه ومكني من التمسك به لأتعرف على ديني وأعيش في رحاب الله… كما لا توجد قصة تحكى فكل الحكاية أن الله أراد لي الهداية ولا مردود لحكم الله وقد هداني الله إلى الطريق الصواب فلبيت النداء وغيرت مجرى حياتي لأعرف معنى السعادة الحقيقية في رعاية الأطفال الأيتام” .
وكرست “شادية” حياتها بعد الاعتزال لرعاية الأطفال الأيتام خاصة لا سيّما وأنّها لم تُرزق بأطفال وكانت تتوقُ أن تكون أمًّا
ولما سألتها بعض الصحف عن مشاريعها بعد الاعتزال و هل ستسثمر فيما اكتسبته من اموال في الفن قالت: “حتى لا أضع نفسي في هذه الريبة فقد تبرعت بكل ما ادخرته من عملي طوال السنوات الماضية كفنانة لصالح الجمعيات الخيرية واعتبرت هذه هي الخطوة الأولى من رحلتي في رحاب الله ولم أتردد لحظة في ذلك”
توفيت النجمة ورحلت عنا في يوم الثلاثاء 28 نوفمبر عام 2017 عن عمر يناهز 86 عامًا بعد صراع مع المرض بمستشفى الجلاء العسكري.
وحضر جنازتها عدد من نجوم الفن والسينما، بينهم دلال عبد العزيز، رجاء الجداوي، سمير صبري، شيرين، فاروق الفيشاوي بالإضافة إلى جمهورها وأقاربها ومحبيها، والذين رفعوا صورا ولافتات حملت عبارات في رثائها.
وأقامت منظمة الأمم المتحدة للفنون احتفالية كبيرة لإحياء ذكرى مضي أربعين يومًا على وفاتها، يوم 9 يناير 2018، شارك فيها عدد كبير من النجوم.
كما قام معرض القاهرة الدولي للكتاب بتغيير اسم مخيم الفنون ليحمل اسم الفنانة الراحلة شادية.