البوصلة الإلهية … بقلم: د. عبير منطاش
يشغل ذهني وتفكيري منذ فترة سؤال ماسبب تخبط البشر في حياتهم و إختياراتهم ؟
وكأنهم يتجهون عكس مصلحتهم وكأنهم فقدوا البوصلة التي توجههم إلى الإتجاه الصحيح.
وأقصد هنا البوصلة الإلهية أو الفطرة التي خلقنا الله عليها الفطرة التي تجعلك تميز الحق من الباطل، والحلال من الحرام.
وتساءلت لماذا فقدنا البوصلة الإلهية “الفطرة” ومن وجهة نظري أن سبب ذلك أننا أهملنا وتغافلنا عن الإتصال بالله فضللنا الطريق، و تخبطنا في الحياة؛ فأصبحنا لا نستطيع التفرقة بين الحق والباطل وأصبحت رؤيتنا ضبابية
وكأننا نسير ولا نرى طريقنا؛ مما جعلنا رد فعل وليس فعل.
كأننا نعيش مسلوبين الإرادة مستسلمين لسلبيات في حياتنا ولا نحاول أخذ أي خطوة للتغيير، ننتظر أن يأتي التغيير من الخارج مع أن التغيير لابد أن يحدث لك من الداخل أولا.
البوصلة الإلهية داخلك أنت وليست في الخارج؛ إنما تحتاج أنت أن تكون على صلة بها لتعيد الإتصال بمصدر القوة والإرشاد الإلهي.
مثل الموبايل عندما يفصل شحنة هل تستطيع أن تستخدمه في شيء بالطبع لا.
مثل ذلك النفس البشرية بدون صلة مع الله تفقد التوازن والطريق الصحيح..قال تعالى في الآية 124 من سورة طه. يقول الإمام ابن كثير في تفسيره: “(من أَعرَض عن ذكري) أَي خالف أمري وما أنزَلته على رسولي؛ أَعرَض عنه وتناساه وأَخذ من غيره هداه، فإنّ له معيشة ضَنْكًا، أَي ضنك في الدنيا فلا طمأنينة له ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيق حرج لضلاله، وإن تنعم ظاهره ولبس ما شاء وأكل ما شاء وسكن حيث شاء فإنّ قلبه ما لم يخلص إِلى اليقين والهدى فهو في قلق وحيرة وشك فلا يزال في ريبة يتردد فهذا من ضنك المعيشة”.
وهذه الآية تخبرنا عن قانون قرآني لواقع البشرية طيلة عصورها.
وذكر الله هنا ليس التسبيح والصلاة والزكاة والصوم وباقي الفروض والطاعات فقط؛ وإنما أيضا أن تتعامل مع حياتك بمنهج إلهي، وأن تجعل أوامر الله ونواهيه هي قوانين لحياتك تعمل بها، وأن لا تصبح العبادات أوقات الفروض فقط.
إنه الإتصال الإلهي بين ظاهرك وباطنك هنا تكون كإنسان تعمل بفطرتك التي فطرك الله عليها.
فلا تقدم ولا إزدهار في الحياة في شتى مجالاتها إلا بالاتصال مع الله …فإذا فقدت اتصالك ببوصلتك الإلهية فقد فقدت كل سبل الراحة في كل جوانب حياتك النفسية والاجتماعية والصحية.
وما أحوجنا في هذه الأيام من تجديد اتصالنا مع الله سبحانه وتعالى والرجوع إلى فطرتنا السليمة لنرى الأمور من حولنا على حقيقتها.
أسأل الله لي ولكم أن يردنا الله إليه ردا جميلا إنه ولي ذلك والقادر عليه.