أم كلثوم و دور الفنان تجاه مجتمعه ووطنه
بقلم / إنجي الحسيني
المحن دائما كاشفة لمعادن الناس، وهنا يظهر دور الفنان تجاه مجتمعه، ومن ضمن هؤلاء الفنانين كان ما قدمته كوكب الشرق أم كلثوم من مواقف وطنية وتبرعات من أجل المجهود الوطني والحربي ومن ضمن تلك المواقف هو تبرعها عام 1956 من أجل إعمار مدارس بورسعيد بمبلغ 1000 جنيه، بما يوازي أكثر من مليون جنيه الآن، وعقب نكسة 1967، رفعت أم كلثوم شعار الفن من أجل المجهود الحربي، وقالت: “لن يغفل لي جفن وشعب مصر يشعر بالهزيمة” وقررت أن تحيي الحفلات داخل مصر وخارجها لدعم تسليح الجيش لمواجهة العدوان الإسرائيلي، بل وقادت بنفسها حملة لجمع التبرعات من المشاهير والشخصيات العامة من أجل الوطن حتي وصل بها الأمر بإحيائها حفلات للجنود علي جبهات القتال.
كانت البداية تأتى من «قطار الرحمة»، والذى كانت انطلاقته الأولى بعد حرب 1948 وكان القطار يعبر المدن المصرية وصولاً لغزة وكان يمر بمحافظات مختلفة ليجمع التبرعات العينية والمالية بمشاركة نجوم مصر، واستمر لسنوات وكان الفنانون يتجمعون فى محطاته المختلفة لتشجيع الجمهور على التبرع، ومنهم فاتن حمامة، فريد شوقي، سامية جمال وزوزو ماضى وزينب صدقى وزهرة العلا وليلى فوزى وأميرة أمير وأمينة رزق ومارى منيب وحسين رياض ومحمد كمال المصرى وكارم محمود ومحمود شكوكو وجلال حرب وعزيز عثمان وكمال الشناوى وعماد حمدى ومحمد جنيدى وحسن فايق. . وغيرهم
كان الفنان دائما قريبا من الجمهور، لا يستطيع أن ينفصل عن قضايا وطنه بحياته الخاصة، فهناك من الفنانات من انضممن للقيام بأعمال التمريض مثل الفنانة نادية لطفى والتي كانت تذهب إلى الجبهة مخاطرة بحياتها لرفع معنويات الجنود، وكذلك الفنانة الفنانة عزيزة حلمى والتي كانت تقول: “أنا لم أنجب أولاد ولكن كل جندى مصرى هو ابنى”.
لم تقتصر التبرعات على سيدة الغناء العربي بل شاركها الكثير من الفنانين مثل ليلى مراد وأنور وجدى وتحية كاريوكا، وشادية وغيرهم ، كما اتخذ بعضهم من القوة الناعمة وسيلة لتحفيز الشعب والمقاتلين مثل سلسلة أفلام اسماعيل ياسين وأغاني العندليب الأسمر “عبد الحليم حافظ”.
وعندما يكون الفنان محبوبا بفنه وإنسانياته، فإن ذلك يجعل له رصيدا عن الجمهور ومحبة في قلوبهم، ومن ثم يصير قدوة ومحرك للمشاعر الوطنية إذا ما تزعم الفنان المواقف الوطنية النبيلة.
و في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر وفي ظل المعاناة التي يشعر بها المواطن، يأتي السؤال: متي يقود الفنانون ” قطار الرحمة”، ومن سيتزعم الأدوار الوطنية في الوقت الحالي؟